Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر April 20, 2024
A A A
العملية الأمنية في أصفهان… محاولة «إسرائيلية» فاشلة لاستعادة صورة الردع المحطمة
الكاتب: حسن حردان - البناء

طرحت العملية الأمنية التي نفذتها جماعة عميلة الموساد «الإسرائيلي» في محافظة أصفهان الإيرانية، الأسئلة بشأن ما إذا كانت ترقى إلى مستوى الردّ الإسرائيلي على الضربة الإيرانية غير المسبوقة ضدّ أهداف عسكرية «إسرائيلية» في عمق فلسطين المحتلة؟ واستطراداً هل ستؤدّي هذه العملية الأمنية إلى استعادة «إسرائيل» لهيبتها الردعية التي تهشمت وتحطمت تماماً؟ وهل ستتمكن من منع طهران تغيير قواعد الاشتباك التي كانت قائمة قبل الضربة الإيرانية التي هزت أمن الكيان وكشفت هشاشته وضعفه؟
أولاً، إنّ ما حصل من عملية أمنية استهدفت قاعدة جوية في مدينة أصفهان، بواسطة ثلاث مُسيّرات صغيرة جرى إسقاطها، تعتبر فاشلة بكلّ المعايير، وهي لا تعدّ بالمفهوم العسكري حسب رأي الخبراء هجوماً عسكرياً ولا هي عملية تمّت عبر الحدود… وجرى تضخيمها إعلامياً، ولهذا هي عبارة عن حدث أمني هزيل نفذ من داخل إيران من قبل مجموعات عميلة للموساد لا يمكن حتى تصنيفه في إطار العمليات الأمنية الكبيرة المؤثرة والناجحة…
ثانياّ، إنّ هذه العملية الأمنية لن تؤدّي إلى استعادة الهيبة للردع «الإسرائيلي»، لأنه لا يمكن مقارنتها نهائياً بالضربة الإيرانية التي تمّت بمئات المُسيّرات والصواريخ، وبشكل معلن مسبقاً وتبني رسمي من قبل طهران، فيما العملية الأمنية بثلاث مُسيّرات لا تعدو حسب وصف الوزير «الإسرائيلي» إيتمار بن غفير «مسخرة»، ومحاولة «إسرائيلية» غير مباشرة، يائسة لإنقاذ ماء وجه «إسرائيل»، لكنها ظهرت على أنها محاولة تجميلية فاشلة لترميم صورة الردع «الإسرائيلية» التي حطمتها وهشمتها الضربة الإيرانية، ولم تجرؤ «إسرائيل» حتى على إعلان التبني الرسمي عنها، الأمر الذي يكشف التردّد والعجز «الإسرائيلي» وعدم التجرّؤ على شنّ هجوم صاروخي مماثل، او عبر الطائرات الحربية على إيران خوفاً من ردّ إيراني أشدّ وأقوى من الردّ الأول، وتدحرج الأمور نحو حرب إقليمية واسعة، حذرت منها واشنطن التي أعلنت انها لا تريد التورّط فيها، لا سيما بعدما تبيّن أنّ إيران تملك قدرات عسكرية متطورة لم تستخدم الا الجيل الأقلّ تطوراً منها في الردّ على العدوان «الإسرائيلي» على القنصلية الإيرانية…
لهذا أرادت «إسرائيل» ان توصل رسائل تقول فيها: إنها قادرة إذا أرادت على ضرب إيران،
ـ وفي نفس الوقت لا تريد التصعيد معها،
ـ ولا تريد التورّط في حرب واسعة مع إيران لأنّ واشنطن تعارض المشاركة إلى جانب «إسرائيل» في مثل هذه الحرب…
ثالثاً، تعمّدت «إسرائيل» أن تقرن العمل الأمني الهزيل في أصفهان، بقصف مواقع للدفاعات الجوية في جنوب سورية للتعويض عن عجزها على توجيه ضربة مباشرة لإيران، ومحاولة الإيحاء بأنّ المعادلة لم تتغيّر وانّ قواعد الاشتباك لم تتبدّل، وانّ «إسرائيل» لن ترضخ لأيّ معادلة ردع إيرانية تضع حداً لاستمرار الهجمات الإسرائيلية في سورية التي تستهدف مواقع وقيادات للحرس الثوري الإيراني… لكن العبرة تبقى في القدرة على ترجمة ذلك في ظلّ قرار طهران بالردّ المباشر على ايّ عدوان يستهدفها انْ كان داخل إيران او في ايّ مكان في العالم، وهذا يعني انّ القيادة الإيرانية قرّرت عدم السماح بالعودة إلى قواعد الاشتباك السابقة التي كانت سائدة قبل الردّ الإيراني على العدوان الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق والذي شكل تجاوزاً للخطوط الحمر.. وهو ما أجبر تل أبيب على تجنب الردّ بالمثل على الضربة الإيرانية..
رابعاً، يبدو من الواضح أنّ هذه العملية الأمنــية التي لجأت إليها «إسرائيل» بواسطة عملاء لها، تشير إلى أنــها قــرّرت اللجوء إلى الحرب الأمنية غيــر المباشرة ضدّ إيران من دون الإعلان عن تحمّل المسؤولية، لتجــنّب الردّ الايرانــي والتورّط في حرب مباشرة مع إيران، يريــدها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، لكن لا تريد واشنطن ان تكون طرفاً فيـها، لأنّ وجودها العسكري في المنطقة مكشوف أمام الصواريخ الإيرانيــة المتطورة، وقوى محــور المقاومة سوف تشنّ الهجمات الصاروخية من جميع الاتجاهات ضدّ كيان الاحتلال والقــواعد الأميركية في ســورية والعراق والبحر الأحمر، فيما الرئيس الأميركي في غمــرة معــركة انتخابية ورأي عام أمــيركي لا يريد الدخول في حروب جديدة، وهو يضغط عليه من أجل وقف الحرب الإسرائيلية الوحشية في قطاع غزة…