Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر July 31, 2024
A A A
العدوان على الضاحية يقلب المعادلات.. إرتباك إسرائيلي بإنتظار الردّ الحتمي!
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”

خرق العدو الإسرائيلي قواعد الاشتباك بشكل سافر وتجاوز كل الخطوط الحمر بعدوانه على العاصمة اللبنانية بيروت وقصفه مبنى سكنيا في حارة حريك بالضاحية الجنوبية ما أسفر عن إستشهاد سيدة وطفلين وجرح نحو ٧٥ شخصا، في وقت ما يزال فيه مصير القيادي في حزب الله فؤاد شكر الذي قالت إسرائيل أنها إغتالته في عدوانها، غير معروف وسط تكتم المقاومة التي يُفترض أن تُصدر بيانا اليوم حول هذا العدوان، أو ربما تترك للميدان هذه المهمة.

لا شك في أن العدوان الاسرائيلي الغاشم على الضاحية الجنوبية من شأنه أن يبدل كل المعادلات وأن يدفع المقاومة للتخلي عن الالتزام بقواعد الإشتباك وأن تذهب الى ردّ حتمي ومؤلم في العمق الاسرائيلي من أجل إعادة التوازن وتعزيز قوة الردع وتوازن الرعب، والتأكيد أن إستهداف المدنيين في الضاحية أو في أي منطقة من لبنان لا يمكن أن يمر مرور الكرام ومن دون عقاب رادع.

بدت إسرائيل مربكة وخائفة من ردة فعل المقاومة، بعد عدوانها على الضاحية حيث أعلنت بداية أنها أغلقت ملف مجدل شمس بالرد على الصاروخ الذي إستهدفها، وأنها لا تريد الدخول في حرب موسعة أو شاملة في حال لم يرد حزب الله على عدوانها مستجدية المجتمع الدولي التدخل، علما أن صاروخ مجدل شمس هو من صناعة الكيان الاسرائيلي وقد إتخذه العدو ذريعة للقيام بهذا العدوان الذي يحاول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من خلاله تحسين صورته المهشمة في المجتمع الاسرائيلي.

يبدو واضحا أن ما شهده نتنياهو من حفاوة في الكونغرس الأميركي قد ضاعف من غطرسته، فتناسى كل الفشل الذي لاحقه منذ عملية طوفان الأقصى، وإنقلب على صفقة التبادل مع حماس بما في ذلك الورقة الأميركية، وذهب باتجاه تصعيد خطير تمثل باستهداف الضاحية قبل أن يتبين حجم الخطأ الفادح الذي إرتكبه وحاول كثير من المسؤولين الاسرائيليين نفض يدهم منه، حيث أكد عدد من أعضاء المجلس الحزب أنهم لم يكونوا على دراية وعلم بهذا الهجوم، كما أشارت المستشارة القانونية الحكومة الاسرائيلية الى أنه لا يمكن الدخول في حرب مع لبنان من دون موافقة المجلس الحربي المصغر، في وقت لم تنم فيه إسرائيل ليلتها أمس، بانتظار رد حزب الله الذي ضاعف بصمته من حجم الإرباك الذي ترجم بفتح الملاجئ في كل المدن الفلسطينية المحتلة وبتوصية الى مستوطني المناطق الشمالية للبقاء في أماكن محصنة وبقرب الملاجئ.

وضع نتنياهو المنطقة على فوهة بركان، وهذا ما يطمح اليه في ظل خوضه حربا شخصية تهدف لإطالة أمد عمره السياسي وبالتالي بقائه في الحكم ومواجهته المعارضة التي تطالب برأسه والتي قد تذهب الى تصعيد أكبر ضده بعد ردّ المقاومة وتحميله مسؤولية ما قد ينتج عنه، خصوصا أن ثمة بنك من الأهداف تحت مرمى نيرانها ولعل ما عاد به الهدهد بنسخه الثلاث يشكل دليلا قاطعا على ذلك.

لا شك في أن رغبة نتنياهو بتوسيع الحرب تصطدم بواقع الجيش الاسرائيلي المأزوم في قطاع غزة والذي سبق وأبلغت قياداته نتنياهو وحكومته بأنهم يخوضون حربا لا أفق لها ولم يعد لديهم القدرة على الاستمرار في ظل تنامي عمليات المقاومة الفلسطينية، وبالتالي فإن هذا الجيش لن يستطيع الدخول في حرب مع المقاومة اللبنانية التي لم تكشف حتى الآن سوى عن النذر اليسير من إمكاناتها وقدراتها العسكرية، كما أن الولايات المتحدة الأميركية والحزب الديمقراطي على وجه الخصوص الذي قاطع عدد كبير من نوابه خطاب نتنياهو في الكونغرس يخشى أن يدفع ثمنا باهظا في الانتخابات الرئاسية جراء مغامراته، خصوصا أنه لم يشبع من الدماء التي بدأت تثير غضب شريحة واسعة من الرأي العام الأميركي والعالمي ضد إسرائيل ومن يدعم توجهاتها.

لذلك، فإن ما أقدم عليه رئيس حكومة الاحتلال في عدوانه على الضاحية الجنوبية، والرد النوعي الآتي لا محالة من المقاومة، سيضاعف من النقمة عليه، خصوصا أن العالم بأسره بات على قناعة بأن لا حل في قطاع غزة ولا في جبهات المساندة ولا في المنطقة مع بقاء نتنياهو الذي يغامر بمصير الكيان الصهيوني برمته، ما يستدعي إزاحته من المشهد لإنهاء حمام الدم المستمر منذ السابع من أكتوبر، وللحفاظ على هذا الكيان، ولعل ما حصل في إسرائيل ليل أمس الأول من توترات وأعمال شغب تم وصفها بشبه إنقلاب قد يكون عملية جسّ نبض لما قد تشهده المرحلة المقبلة تمهيدا للإطاحة بنتنياهو..