Beirut weather 11.41 ° C
تاريخ النشر May 26, 2022
A A A
العالم يضخِّم أزمة «الجدري» بعدما «احترق بكورونا»
الكاتب: الشرق الأوسط

يشير أحد الأمثال الشعبية المصرية إلى أن لسعة «الشوربة» قد تدفع من احترق لسانه إلى الحذر والحيطة حتى وهو يأكل الزبادي! هذا المعنى عبَّر عنه جاريد أوكلير، مدير مختبر التدريب على تحليل المستحضرات الصيدلانية الحيوية في جامعة «نورث إيسترن» الأميركية، في معرض تعليقه على حالة الذعر المثارة عالمياً حول «جدري القردة».

أوكلير قال في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 23 مايو (أيار) الجاري: «لدينا جميعاً حساسية عالية للفيروسات في الوقت الحالي بسبب (كوفيد-19)، بينما الوضع فيما يتعلق بجدري القردة مطمئن». وأضاف: «يجب على الناس مراقبة الأعراض والانتقال للطبيب إذا استدعت الضرورة؛ لكن لا داعي للقلق كثيراً، بشكل عام».

وتعجب أوكلير من المقارنة بين «كوفيد-19» وجدري القردة، ومن «النفخ في هذا التفشي الصغير نسبياً الحادث حالياً بجدري القردة، لإعطائه حجماً يفوق حجمه الطبيعي، لدرجة تضعه في مقارنة مع الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 6 ملايين شخص».

واتفق معه في الرأي زميله براندون ديون، الأستاذ المساعد في قسم الصيدلة وعلوم النظم الصحية في جامعة «نورث إيسترن»؛ مشيراً إلى أن «انتقال جدري القردة أقل بكثير من (كوفيد-19)، لذا فهو شيء يمكنك أن تكون على دراية به؛ لكنه ليس شيئاً يدعو للذعر في هذه المرحلة». ووضع ديون سيناريو سيئاً هو تصاعد حالات الإصابة بجدري القردة بشكل يؤدي إلى خلق مستوى أكبر من القلق.

وقال: «حتى لو وصلنا لهذه المرحلة، فإن أعراضه ستكون أكثر وضوحاً، وسيكون أكثر قابلية للعلاج من (كوفيد-19)؛ خصوصاً إذا كان اكتشاف الأعراض في وقت مبكر».

ويضيف أليساندرو فسبينياني، الأستاذ البارز بجامعة «نورث إيسترن»، سبباً آخر للاطمئنان، وهو أن لقاح الجدري القديم فعال ضد جدري القردة، وقال إن التطعيمات التي كانت منتشرة ضد الجدري كانت مسؤولة عن جعل جدري القردة نائماً لأكثر من 40 عاماً.

واكتُشف جدري القردة عام 1958 في قرود الأبحاث، وتم الإبلاغ عنه لأول مرة في إنسان في جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 1970، ولم يتم الإبلاغ عن أي إصابات في البشر لمدة 40 عاماً قبل ظهور جدري القردة مرة أخرى عام 2017.

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، كان يظهر بأعداد محدودة من حين لآخر، ولكن الاختلاف في التفشي الحادث حالياً هو تشتت الحالات، أي وجودها في أكثر من دولة خارج المناطق الموبوءة بالفيروس. وربما يكون تشتت الحالات هذا هو المبرر الوحيد للقلق؛ لأنه يعني أن «الوضع يتطور ساعة بساعة، ومن ثم فإن هناك حاجة إلى فهم ما يجري»، كما يؤكد فسبينياني.

وإلى أن يتم فهم ما يجري، يشدد الخبراء على أن رسائل الطمأنة لا تعني الاستهتار بالفيروس، وأكدوا على ضرورة اتباع الإرشادات الوقائية لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. يقول مركز السيطرة على الأمراض إن الفيروس يمكن أن ينتقل عن طريق الرذاذ التنفسي في أماكن قريبة، ويمكن أن ينتشر أيضاً من خلال ملامسة سوائل الجسم أو الملابس والفراش الملوث بالسوائل أو القروح، ومن ثم أوصت بضرورة توخي الحذر لمنع العدوى بهذه الوسائل.

وحتى داخل هذه الأعراض الخاصة بالمرض، حاول معتز صبري، استشاري الأمراض الجلدية بجامعة أسيوط (جنوب مصر)، رؤية بعد إيجابي عند المقارنة مع جائحة «كوفيد-19»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «القروح التي تظهر في المرضى يمكن أن تمكنَّا من تحديد الناقلين في المرحلة الأخيرة من المرض، وهو ما يساعد في الحد من انتشار المخالطين إذا أصبح تتبع المخالطين ضرورياً». وأشار إلى بعد إيجابي آخر، وهو وجود لقاح أميركي جديد مخصص لجدري القردة (لقاح جينوس)، كما أن اللقاحات القديمة الخاصة بالجدري يمكن أن تعمل بكفاءة مع جدري القردة. وأضاف: «صحيح أن المخزون من لقاحات الجدري القديم قليلة أو معدومة، بعد أن أوقف كثير من الدول حملات التطعيم بعد استئصال المرض، إلا أن العالم لن يبدأ من الصفر، ولديه لقاحات جاهزة، هذا فضلاً عن أن (لقاح جينوس) الأميركي مخصص لجدري القردة، وتم اعتماده في 2019».