Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر January 4, 2020
A A A
العالم يحبس أنفاسه بانتظار الرد الإيراني على اغتيال سليماني
الكاتب: البناء

يحبس العالم أنفاسه منذ فجر أمس، بانتظار كيف سيكون الرد الإيراني، وردّ محور المقاومة، على الاغتيال الذي نفّذته الاستخبارات الأميركية بقرار الرئيس دونالد ترامب، والذي أدى إلى استشهاد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ورئيس أركان جيوش محور المقاومة عملياً، ومعه أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي وقائده الفعلي، أثناء استقبال المهندس لسليماني في مطار بغداد، في زيارة رسمية لسليماني أُخطرت بها الحكومة العراقية وكلّف رئيسها عادل عبد المهدي المهندس بالاستقبال.

القرار الأميركي الأقرب للغدر والقائم على انتهاك قواعد العمل الدبلوماسي والذي مثل عدواناً موصوفاً على العراق وسيادته وقواته المسلحة، فجّر في العراق غضباً اجتاح الأوساط السياسية والشعبية وينتظر أن يُترجم اليوم في جلسة لمجلس النواب العراقي بفتح الباب لمناقشة تشريع خاص ينهي الوجود الأميركي في العراق.

في واشنطن كانت ردود الأفعال بين قادة الحزب الديمقراطي تحذيراً من خطر التورّط في حرب، لخصها السناتور جو بايدن بقوله إن ترامب رمى أصبع ديناميت في برميل بارود، بينما قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إن ترامب أدخل الأميركيين في نفق ربما ينتهي بحرب لا يريدها أحد في أميركا، وفعل ذلك وهو يدرك العواقب من دون اللجوء إلى الكونغرس، وفقاً للأصول التي ينص عليها الدستور. وبقيت أصوات الجمهوريين خجولة في مساندة ترامب لتبديد القلق في الرأي العام الأميركي، رغم الكلام الإسرائيلي الذي صدر على لسان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي امتدح الرئيس الأميركي معلناً فرحه بكون الأميركيين صاروا شركاء «إسرائيل» في مواجهة، ملمحاً إلى أنهم لن يستطيعوا الخروج منها، ما يمنح «إسرائيل» شعوراً أعلى بالأمن.

في العواصم الأوروبية والأمم المتحدة حديث عن مخاطر حرب عالمية، وقلق عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون، وكان كلام ماكرون أن عالم أقل أمناً بعد مقتل سليماني بمثابة ردّ على كلام ترامب باعتبار العالم أشدّ أمناً بعد الاغتيال، وكل العالم ينتظر أي مستوى من المخاطر سيترتب على العملية، وأي التقديرات هي الأدق؟

الرئيس الأميركي بادر بعد العملية مرتين لإرسال رسائل إلى إيران، وفقاً لمصادر إيرانية رفيعة أكدت أن رسالة عبر السفارة السويسرية وصلت إلى طهران وأخرى عبر دولة خليجية، ومضمون الرسالتين واحد وهو أن ليس لدى واشنطن نية الحرب ولا السعي لتغيير النظام، وأنّه يمكن التوقف هنا في لعبة المواجهة، وكل شيء على الطاولة جاهز للتفاوض بما فيه إلغاء العقوبات. وقالت المصادر الإيرانية إن القيادة الإيرانية تعاملت بسخرية مع الرسائل الأميركية وأجابت بأن ما قبل اغتيال الشهيد قاسم سليماني غير ما بعده.

الإمام الخامنئي الذي ترأس للمرة الأولى المجلس الأعلى للأمن القومي وعد الأميركيين بردٍ قاسٍ وشديد، وتحدّث الكثير من القادة الإيرانيين عن الانتقام والثأر، دون تحديد شكل الرد ومكانه، لكنهم تحدثوا عن ضرورة استعداد الأميركيين لجمع أشلاء جثث قتلاهم، بينما لم يغب التحذير لـ»إسرائيل» من نتائج تورطها المؤكد في العملية، بينما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي سيتحدث غداً بصورة مفصلة في تأبين الشهيدين سليماني والمهندس، أن القصاص العادل هو أمانة في أعناق المقاومين في أنحاء العالم، مطلقاً على سليمان لقب سيد شهداء محور المقاومة.

في سوريا، قال الرئيس بشار الأسد إن القائد قاسم سليماني سيبقى في وجدان الشعب السوري لدوره في مساندة سوريا وشعبها وجيشها في مواجهة الإرهاب، بينما أدانت الخارجية السورية عملية الاغتيال. من جهتها قوى المقاومة في المنطقة نعت الشهيدين سليماني والمهندس، وأصدرت الفصائل الفلسطينية بيانات ومواقف تستعيد دورهما في دعم المقاومة في فلسطين، كما فعلت الأحزاب الوطنية في لبنان. وكان للحزب السوري القومي الاجتماعي موقف أدان العملية الإجرامية ووضعها في سياق العدوان الأميركي المستمر على شعوب المنطقة وحقها في الحرية والسيادة، ودائماً ربطاً بمسيرة المقاومة نحو فلسطين، ووصف رئيس المجلس الأعلى في الحزب أسعد حردان استشهاد سليماني والمهندس بانتصار الدم على العدوان.

وأثارت جريمة اغتيال القائدين سليماني والمهندس جملة مواقف وردود أفعال مستنكرة، أبرزها من الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الله وحركة أمل ومن القوى والأحزاب الوطنية والفصائل الفلسطينية، واعتبر رئيس المجلس الأعلى في القومي النائب أسعد حردان في تصريح أن “الجريمة التي تجاوَزَتْ كونها حَدَثاً، تعكِسُ الضِّيق الذي يعانيه أعداء المقاومة من التأثير الاستراتيجي الذي حقّقتْه رموز المقاومة في ثقافة شعبنا ووعيه المتنامي بحقه وسيادته وكرامته وثرواته”. وحيّا حردان «الشهيدين على شهادتهما المُشَرّفة في موقع العِزّ المقاوم، وأصْدَقُ مشاعر المواساة والتضامن مع الشعب الإيراني الصديق وشعبنا في العراق الأبيّ»، وأكد أنّ «دم الشهادة سينتصر على العدوان لأنه العجين الذي لا يختمر إلا بالقُدوات والتضحيات والبطولات».

كما أكد الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيان أنّ «العملية الإرهابية الأميركية تشكل عدواناً موصوفاً وانتهاكاً صارخاً لسيادة العراق، ومن خلالها تكون الإدارة الأميركية قد اتخذت قراراً متهوّراً يستدرج المنطقة والعالم إلى أتون مواجهة كبرى، قد لا يكون حلفاء أميركا وأتباعها بمنأى عنها».

ووضع الحزب عملية الاغتيال في سياق العدوان الأميركي ـ الصهيوني المتمادي الذي يستهدف تصفية المسألة الفلسطينية وانتهاك سيادة دولنا والهيمنة على ثروات أمتنا ومقدّراتها. مؤكداً أنّ مسيرة المقاومة مستمرة حتى الانتصار بدحر الارهاب وزوال الاحتلال والاستعمار، وإنّ بوصلة المقاومة ستظلّ وجهتها المركزية الاستراتيجية فلسطين».

وأبرق رئيس الجمهورية ميشال عون للرئيسين الايراني والعراقي معزياً باستشهاد سليماني والمهندس، كما أبرق رئيس مجلس النواب نبيه بري للقيادة الإيرانية معزياً. كما أدانت وزارة الخارجية اللبنانية عملية الاغتيال واعتبرتها انتهاكاً لسيادة العراق وتصعيداً خطيراً ضد إيران من شأنه زيادة التوتر في المنطقة، وأكدت أن لبنان يشجع دوماً تغليب منطق الحوار وضبط النفس والحكمة لحل المشاكل بدلاً من استعمال القوة والعنف في العلاقات الإقليمية والدولية كما دعت إلى تجنيب المنطقة تداعيات الاغتيال وإبعاد لبنان عن انعكاسات هذا الحادث الخطير لأنه أحوج ما يكون إلى الاستقرار الأمني والسياسي لتأمين خروجه من الازمة الاقتصادية والمالية الخانقة».

وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في برقية نعي للشهيدين سليماني والمهندس، أن “الشعب العراقي العزيز وفصائله المقاومة سيثبتون وفاءهم الكبير والصادق لهؤلاء القادة الشهداء وكل الشهداء ولأهدافهم النبيلة، ولن يسمحوا لهذه الدماء الطاهرة التي سفكت ظلماً وجوراً أن تذهب هدراً وإنما ستشكل كل ذكريات الجهاد والتضحيات مع هذين القائدين العظيمين وحافزاً قوياً لهم من أجل مواصلة المسير وحمل الراية وتحقيق الأهداف والآمال في عراق حر، عزيز، مستقل، قوي، مزدهر وخالٍ من الاحتلال والإرهاب».

إلى ذلك، تترقب الأوساط المحلية والإقليمية كلمة السيد نصرالله يوم غدٍ الذي يخصصها، بحسب ما علمت “البناء” للحديث عن اغتيال سليماني وتداعياته على المنطقة والمصالح الأميركية فيها والوجود الأميركي في غربي آسيا، كما سيكشف موقع ودور الشهيد سليماني في محور المقاومة وسجل الإنجازات التي تحققت على يديه، كما سيؤكد على أن الخسارة تعني كل محور المقاومة وأن كل ساحات هذا المحور معنية بالرد على هذا العدوان. كما سيشير السيد نصرالله الى أن العلاقات الأميركية الإيرانية خصوصاً والعلاقات الأميركية مع محور المقاومة عموماً دخلت عهداً جديداً بعد اغتيال سليماني إذ أصبحت مواجهة عسكرية مباشرة بعدما كانت مواجهة غير مباشرة منذ العام 1979.ولن يتطرق السيد نصرالله الى الشأنين السياسي والحكومي اللبناني بحسب معلومات “البناء”، علماً أن مصادر “البناء” رجحت ولادة الحكومة مطلع الأسبوع المقبل بعد تذليل العقد المتبقية لا سيما الدرزية والسنية وبعض الأسماء والحقائب المتعلقة بحصة التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية، فيما عقد لقاء ثانٍ أمس، بين الرئيس المكلف الدكتور حسان دياب ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة.