Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر November 20, 2017
A A A
الطريق الى سلاح حزب الله غير سالكة
الكاتب: محمود زيات - الديار

عند مدخل«الاليزيه»، منح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون «الرئيس المُحرَّر» سعد الحريري، احتضانة «الام الحنون» لابن ضاع في متاهات مملكة انهكتها النكسات، وعاد من اسر او اعتقال او احتجاز، او «ضيافة» غير مرغوب بها، لتُطوى وبقدرة فرنسية عالية، الصفحة الاولى من المسلسل السعودي الذي اُعِدَّ للبنان على عجل، بدأت اولى حلقاته مع اقالة متلفزة تلتها «سهرة» تلفزيونية، كشفت ما اُريد له ان يكون مستورا، قبل ان يُحاط بستار حديدي من السرية والتكتم.. قد يكون الرئيس الفرنسي خاطب الحريري بالقول «.. انت الآن تحت جناحي.. وسأحميك».. ولكن ممن؟، من السعوديين؟، بالتأكيد.

تقول مصادر من 8 آذار ان الساحة الداخلية اصيبت بشظايا التداعيات السلبية والخطيرة التي احدثتها الاستقالة المتلفزة على قناة سعودية ..وباخراج غير احترافي..بل فاضح، لتجنب تأليب جمهور «تيار المستقبل» عليها واستنفار الشارع السني، سيما وان الحالة السعودية الجديدة الناشئة على هامش «تيار المستقبل» والتي تضم «متمردين» على الحريري ما تزال حالة «جنينية» لا يمكن المراهنة عليها راهنا في الامساك بالشارع السني المنتشر في غير منطقة، حتى ان الحريري لم ينجُ من الهجمة السعودية على لبنان، وقد يكون من ضمن «بنك الاهداف» السياسية للسعودية، لاضعافه او اخراجه، ويدرك السعوديون، كما حلفاؤهم في لبنان، ان المطالبة بنزع سلاح «حزب الله» هي مطالبة باتت «طوباوية»، وان الجهة التي ستُدفع في هذا الاتجاه، فيما لو توفرت، عاجزة عن القيام بتحقيق الحلم السعودي، فلبنان ساحة صفقات ومساومات وتسويات محلية واقليمية، لا ساحة لمعالجة ملفات عجزت عن معالجتها الامم، والا فالحرب المحسومة النتائج ستكون بانتظار السعودية والمنخرطين في مشروعها من «وكلاء»، فيما لو تم تجاوز ما هو مسموح به، فالساحة اللبنانية ليست «فرق عملة» في زمن الخسائر والنكسات التي اصابت السعوديين في المنطقة، بعد هزائمهم المتوالية في كل الساحات العربية المشتعلة بدءا من سوريا التي وُضعت الحرب عليها في سلم الاولويات السعودية، الى العراق وليبيا واليمن التي شكلت لها نكسات اقليمية ودولية، ليس آخرها الصرخات المتعالية من الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان، المحذرة من تجويع جماعي يطال ملايين اليمنيين في حال استمر الحصار المفروض على الموانىء، بالتزامن مع تصاعد حدة المواجهة مع ايران على خلفية اتساع نفوذها في المنطقة ودورها الفاعل في سوريا والعراق واليمن، ومع «ورشة تنظيف» البيت الداخلي السعودي الذي تُرجمت باعتقالات واسعة طالت كبار الامراء النافذين في السعودية والعالم.

من مخاطر الاستهداف السعودي للبنان، ترى المصادر نفسها، انه اتجه للاستعانة بـ «اصدقاء»، حتى ولو كانوا اعداء، لكن الخيبات السعودية توالت، ولن يكون آخرها «الاعتذار» الاسرائيلي عن شن عدوان على لبنان لاستهداف «حزب الله»، والريبة الفلسطينية من استخدام ورقة المخيمات لاستثمارها في الامن، فهل تلجأ السعودية، ووفق «فتاوى» السبهان، للبحث عن الادوات التي تحتاجها لتنفيذ رزمة «الخطوات التأديبية» بحق لبنان؟، من خلال اعتماد انماط مختلفة عما هو سائد من ضغوط لشن حربها ضد لبنان، تبدأ بالضغوط الاقتصادية مستعينة بدول الخليج التي تدور في فلكها، ولا تنتهي بانشاء ميليشيات مسلحة سنية تكون الاداة لتفجير الوضع الداخلي، سيما وان مؤشرات عن «استدراج عروض» سعودية في السوق اللبنانية، ظهرت في هذا الاتجاه، خلال ازمة الاستقالة واحتجاز الحريري في الرياض، وقد تستفيد من ظاهرة «امراء المحاور» في الشمال، فتُبقي على حالة «تيار المستقبل» التي يتزعمها الحريري، والتي اصيبت في الصميم وهي لم تخرج بعد من حال الارباك التي احدثتها «يوميات الحريري في الرياض»، وتستعين ببقايا الخلايا الارهابية من تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» وتنظيمات وجماعات ارهابية اخرى حاصرتها الحرب الاستباقية التي خاضتها الاجهزة العسكرية والامنية اللبنانية التي نجحت في تفكيك العديد منها حتى باتت غير مؤثرة في الداخل اللبناني.

وتلفت المصادر، الى ان المسار التنازلي للنفوذ السعودي في لبنان بدأ يشق طريقه وبوتيرة متسارعة، في ظل تقديرات تتحدث عن قطع للعلاقات الدبلوماسية والقيام بـ «عقوبات تأديبية»، وفق الخطاب السعودي السائد، يمكن ان تلجأ اليها السعودية، ونتائج القمة العربية المنعقدة في القاهرة سترسم الخط البياني الذي يمكن ان تكون عليه العلاقات المستقبلية، علما ان ضغطا سعوديا قويا يمارس على دول عربية وخليجية عدة لممارسة ضغوط على لبنان الرسمي، وما ينتظر السعودية في لبنان، المزيد من تراجع نفوذها الذي بدأ مع اتفاق الطائف في ايلول العام 1989 ومجيء الرئيس الراحل رفيق الحريري رئيسا لحكومات متعاقبة.. ورحلة الرهان على حصان رابح في معركة استهداف «حزب الله» ستكون عقيمة، بالرغم من ان لبنان سيكون على موعد مع حفلة جديدة من الجنون السعودي، و«التشبيح السبهاني» ستتصاعد وتيرته، وستعود الى الداخل «سيمفونية» المطالبة بنزع سلاح المقاومة، بعد غياب قسري فرضته جملة من المستجدات التي ادت الى «تهدئة» اعقبت التسوية التي اعادت الحريري الى رئاسة الحكومة، فيما «تربيح الجميلة» السعودي للبنان بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، هي في الواقع من «جيبة لبنان» لان الفراغ الرئاسي الذي استمر لاكثر من سنتين، لكنه كان سينتهي في نهاية المطاف بوصول عون الى القصر الجمهورية، ومن دون مباركة سعودية.

في التقليد اللبناني، يحتاج تشكيل حكومة جديدة في حالة السلم اشهرا عدة، وحكومة الرئيس تمام سلام التي احتاجت لاكثر من ثمانية اشهر ما تزال شاهدا، في حين ان موعد الانتخابات النيابية المقررة في ايار المقبل يقترب، والخيارات محدودة امام الحريري الغارق في «الرسائل» السعودية الى الداخل اللبناني، وان خففت من سخونتها «الهبة» الفرنسية التي اخرجت الحريري من الرياض، فهل يعود عن استقالته؟، معاكسا بذلك الارادة السعودية التي ارادتها مدخلا لاغراق لبنان في الفوضى والحروب الصغيرة التي تنمو شيئا فشيئا، لتصل الى مستوى حرب اهلية اليس هذا هو الجنون؟. طالما ان استهداف «حزب الله» يعني استهداف طائفة منغمسة كما غيرها في عمق المجتمع اللبناني، وطالما ان الطريق الى سلاح المقاومة ..غير سالك، واستهدافه يشكل خطا احمر …