Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر February 16, 2020
A A A
السيد نصر الله: لفصل معالجة الملف الاقتصادي والمالي عن الصراع السياسي

أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن الثورة الإسلامية في إيران صمدت رغم كل الحروب والحصار بفضل حضور شعبها في كل الميادين وجميع المراحل.

وخلال مهرجان “قادة الشهادة والبصيرة” لمناسبة الذكرى السنوية للقادة الشهداء وأربعينية شهداء قادة محور المقاومة الذي أقامه حزب الله اليوم، شدد السيد على أن ميزة القادة الشهداء أنهم كانوا يحملون هم المسؤولية إلى جانب الاستعداد الدائم للتضحية بلا حدود، لافتاً إلى ان القائد الشهيد قاسم سليماني قائد مجاهد حمل هموم بلده وشعبه.

وأعلن السيد نصر الله أن محور المقاومة اليوم أمام تحد كبير مع التطور الذي حصل في منطقتنا، وذلك بعد ارتكاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب جريمتين، تتمثل الأولى باغتيال القائدين سليماني وأبو مهدي المهندس، والثانية هي إعلان “صفقة القرن” التي تبناها ترامب حيث حصلت الأولى لخدمة الجريمة الثانية، وتخدمان سوياً مشاريع الهيمنة والاستبداد والنهب الأميركي والاسرائيلي لخيراتنا ومقدساتنا.

وأشار السيد نصر الله الى انه “في بداية المقاومة دماء الشيخ راغب حرب أدخلتنا إلى مرحلة جديدة مختلفة، وكذلك الأمر مع شهادة الشيخ عباس الموسوي والحاج عماد”، واعتبر ان “شهادة سليماني والمهندس أدخلت المقاومة في كل المنطقة وأدخلت محور المقاومة والجمهورية الإسلامية في مرحلة جديدة وحساسة ومصيرية جدا”.

واكد ان “ما سُمي صفقة القرن ليس صفقة بل خطة اسرائيلية لإنهاء القضية الفلسطينية تبناها ترامب، مشدد على ان “اميركا ليست قدراً مكتوباً وهي فشلت سابقا عندما قررت الشعوب الرفض والمقاومة”.

ورأى ان “الأهم من خطة ترامب موقف الفلسطينيين أنفسهم والموقف الفلسطيني لانه الحجر الأساس في مواجهة خطة ترامب والشعب الفلسطيني عبر بالإجماع عن موقف حاسم ورافض وهذا متوقع وطبيعي”.

وقال السيد نصر الله “يجب الاشادة بالإجماع اللبناني في رفض خطة ترامب”، ورأى ان “الموقف اللبناني سببه إدراك اللبنانيين مخاطر هذه الخطة على المنطقة ولبنان”.

ولفت الى ان “خطة ترامب تطال لبنان لأنها أعطت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر للكيان الصهيوني وكذلك التوطين”، مضيفا ان “روح هذه الخطة ستكون حاكمة على مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة وتأثير ذلك على الثروة النفطية”.

وأشار الى انه “بالنسبة إلى التوطين ما يطمئن هو الاجماع اللبناني والفلسطيني ومقدمة الدستور”، واضاف “إذا كان هناك في لبنان من يتحدث عن هواجس ومخاوف يجب أن نحترم هذا الخوف وهذه الخشية”، واوضح “لا يجب أن نغضب من بعض اللبنانيين إذا كان هناك مكان للخشية أو القلق سواء بالنسبة إلى التوطين أو المزارع والتلال أو الثروة النفطية، واشار الى انه “قد يأتي من يتحدث عن قبول المساعدة المالية بسبب الأوضاع الإقتصادية والمالية”.

وقال: “الموقف العربي من خطة ترامب ممتاز لكن البعض يعتبر أنها قابلة للدرس أو أن هذا هو المتاح وهكذا يبدأ الإستسلام”، واضاف “هناك خشية من أن يذهب الموقف العربي لا سيما الخليجي بالمفرق”، وتابع “قد يصح القول أن الخطة ولدت ميتة لكن قد يصح القول أن هناك خطة يرفضها العالم لكن صاحبها مصرّ على تنفيذها وتطبيقها”، ولفت الى ان “أمريكا هي من تقوم بمواجهة مع كل شعوب وحكام المنطقة الذين يرفضون الاستسلام وليس نحن”.

ورأى اننا أمام مواجهة جديدة لا مفر منها لأن الطرف الآخر يهاجم ويبادر ويقتل ويشن الحروب”، وشدد على ان “المرحلة الجديدة تفرض على شعوبنا في المنطقة الذهاب إلى المواجهة الأساسية”. وأضاف انه “في هذه المعركة نحتاج أولا إلى الوعي وأن ندعو إلى الحقيقة الواضحة وإلى عدم الخوف من أمريكا وإلى الثقة بالله وبقدرتنا وقدرة أمتنا”، وتابع “نحتاج إلى أمل بالمستقبل وبأن أمريكا واسرائيل ليست قدرا محتوما”، واضاف “أمريكا تتحمل مسؤولية كل جرائم كيان الاحتلال بالمنطقة لانها الداعم الحقيقي له”، ولفت الى ان “اميركا تدعم الحرب الدائرة اليوم ضد الشعب اليمني لتستفيد إقتصاديا ببيع اسلحتها لدول تحالف العدوان”، وسأل “من يصدّق أن الحرب الدائرة اليوم على اليمن ليست بموافقة وحماية ودعم أميركي؟”، ولفت الى ان “أمريكا هي المسؤولة عن فظائع داعش التي ارتكبت المجازر المهولة في العراق وهددت مصير العراق وفعلت الأفاعيل في سوريا”، واوضح ان “أمريكا من أجل فرض مشاريعها تلجأ الى كل الوسائل لديها”، واشار الى ان “أمريكا عندما تحتاج إلى حرب عسكرية تقوم بذلك وعندما تحتاج إلى حرب بالوكالة تقوم بذلك، وكذلك الأمر عندما تحتاج إلى اغتيال أو ضغوط مالية واقتصادية أو فتح ملفات قضائية”، وتابع “نحن يجب أن نواجه بنفس الوسائل ونحن بحاجة للمقاومة الشاملة وعلى امتداد عالمنا العربي والاسلامي”.

وسأل السيد نصر الله “لماذا لا نلجأ إلى مقاطعة البضائع الأميركية؟ هذا جزء من المعركة”، واوضح “بحال كنا لا نريد مقاطعة كل البضائع فنختار بعض الشركات وهذا شكل من أشكال المواجهة”، ودعا “للذهاب إلى عمل جاد في مقاطعة البضائع الأميركية والامر سهل”، ولفت الى ان “الاسرائيلي يخاف من الموت بينما نقطة ضعف الأميركي الأمن والاقتصاد”، وتابع “نحن أمة حيّة وقوية لكننا نحتاج للقرار والإرادة والتصميم على المواجهة في المجالات المختلفة”.

من جهة ثانية، أكد السيد نصر الله ان “المسؤولية الأولى للرد على جريمة اغتيال القائدين الشهيدين سليماني والمهندس ورفاقهما تقع على العراقيين”، وذكّر ان “الشهيد القائد أبو مهدي المهندس من الشخصيات المركزية وقادة الانتصار على داعش”، ولفت الى ان “الوفاء لدماء الشهيدين المهندس وسليماني يكون بحفاظ العراقيين على الحشد الشعبي”، واشار الى ان “الوفاء لدماء الشهداء يكون بمواصلة تحقيق هدف إخراج القوات الأميركية بالوسائل التي تختارونها”، وشدد على ان “المطلوب أيضاً السعي من أجل العراق قويا ومقتدرا وعزيزا وحرا حاضرا بقوة في قضايا المنطقة وليس معزولا عن هموم الأمة”.

وفي الشأن الداخلي اللبناني، قال السيد نصر الله إن “الاستحقاق الذي يهيمن على عقول الجميع بالدرجة الأولى ويشغل بال الناس هو الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنقدي”، ولفت الى ان “اليوم الحديث الدائم عن مصير الودائع وعن غلاء الأسعار وسعر الليرة والدولار وارتفاع نسبة البطالة وفقدان فرص العمل وجمود الحركة التجارية والاقتصادية”، وتابع “هناك قلق عند الناس من انعكاس هذه الأوضاع على الوضع الأمني، وهناك قلق حول وضع خدمات الدولة للمواطنين عندما تذهب إلى التقشف كل الخدمات ستتأثر سلبا”، وشدد على ان “الوضع في لبنان يحتاج إلى معالجة وكلنا مسؤوليين ومعنيين”، وذكّر انه “منذ بداية الأحداث الأخيرة في 17 تشرين الأول قلنا أن المعالجة يجب أن تكون بطريقة مختلفة وليس بالأسقف العالية التي طرحها البعض”.

ورأى السيد نصر الله ان “الدولة في لبنان كانت قادرة على القيام بالكثير من الأشياء لكن حصل ما حصل”، وتابع “من اليوم الأول أنا قلت أننا لسنا قلقين على المقاومة وميزانتيها بل على المواطنين والبلد”، واكد ان “كل مواقفنا منطلقها الخوف على البلد والحذر مما وصلنا إليه بنسبة كبيرة”.
واوضح “نحن نتحمل ومستعدون أن نتحمل كامل المسؤولية وأن نتشارك بالمسؤولية لمعالجة الأوضاع القائمة، واكد “نحن دفعنا ثمن المواقف التي أخذناها من 17 تشرين الأول حتى اليوم البعض شتمنا لكن المهم أن نتحمل مسؤولياتنا ونؤدي واجبنا”.

وقال السيد نصر الله “يجب أن نقدر لرئيس الحكومة والوزراء شجاعة تحمل المسؤولية بسبب الوضع الحساس”، وأكد “بكل وضوح وصراحة نحن نأمل وندعو ونعمل أن تنجح هذه الحكومة”، واضاف “أعطينا الحكومة الثقة وندعمها ولا نتخلى عنها ولن نتخلى عنها وسنقف إلى جانبها وندعمها لأن المسألة تتعلق بمصيرالبلد”، ونبه “نحن أمام وضع إقتصادي ومالي ونقدي صعب جدا جدا جداً وهذا لا نقاش فيه”، ودعا “لفصل معالجة الملف الاقتصادي والمالي عن الصراع السياسي”، وشدد على “ضرورة ان نضع التراشق بالإتهامات جانبا ونعطي الحكومة الحالية فرصة معقولة ومنطقية لتمنع الإنهيار والسقوط”، واكد على “تقديم المساعدة من قبل أي جهة أو حزب أو فئة لأن هذا واجب وطني لأن فشل الحكومة الحالية لا نعرف ما إذا كان سيبقى بلد ليأتي أحد ليشكل حكومة جديدة”، ولفت الى ان “نتائج الفشل ليس على القوى السياسية المشاركة في الحكومة بل على البلد”، وأشار الى ان “مسؤولية الجميع مساعدة الحكومة أو السماح لها بالعمل في الحد الأدنى وعدم التحريض عليها في الدول العربية والعالم”، واضاف “هناك أمل بينما هناك من يريد أن يقول للبنانيين عليكم الاستسلام للخارج وبيع دولتكم للخارج أو لغير الخارج”، وتابع “أنا أقول لمن يدعو إلى اليأس هو يرتكب خيانة وطنية والمسألة تحتاج إلى الوعي والشجاعة والتضحية والتخلي عن الحسابات الخاطئة”.

وفي السياق أشاد السيد نصر الله بالحكومة الجديدة، وقدر لرئيسها ووزرائها تحمل المسؤولية في هذا الظرف الصعب، داعياً اللبنانين إلى تقديرها، ومعلناً دعمها والوقوف إلى جانبها وعدم التخلي عنها.

ودعا السيد نصر الله إلى فصل معالجة ملف الاقتصادي والمالي عن الصراع السياسي، وإعطاء فرصة من الوقت للحكومة كي تتحمل المسؤولية لمنع الانهيار والافلاس، وطالب بالتوقف عن توجيه الاتهامات حتى فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية.

كما شدد على أن نتائج الفشل اليوم تطال الوطن وليس على مستوى القوى السياسية الداعمة للحكومة، ويتوجب على الجميع المساعدة هذه الحكومة وبالحد الأدنى أن يتركوها أن تعمل ولا يحرضوا عليها في الخارج، داعياً الحكومة أن تشكل لجنة نقاش جدي من كل القوى السياسية في الموالاة والمعارضة لانعاش الوضع.

وجدد السيد تأكيده أن تسمية هذه الحكومة بحكومة حزب الله لا يؤذي الحزب، لكن يؤذي لبنان وإمكانيات المعالجة وعلاقاته العربية والدولية، موضحاً أن الجميع يعلم طبيعة رئيسها ووزرائها.