Beirut weather 15.21 ° C
تاريخ النشر April 4, 2023
A A A
السياحة تعوّل على الأعياد وانعكاس التقارب الإيراني السعودي: أرقام الوافدين 400 ألف في نيسان وموسم الصيف واعد
الكاتب: سلوى بعلبكي - النهار

 

لطالما تغنّى اللبنانيون بأن لبنانهم لبنانان، المقيم والمغترب، ولطالما كان الثاني عوناً للأول في الملمّات الوطنية، والأزمات المتتالية. مآل الكلام التوقعات المرتفعة التي أوردها أهل القطاع السياحي، وما تشي به أرقام الحجوزات المرتفعة، عن أن أعداد القادمين الى بيروت خلال شهر نيسان الحالي، من سيّاح عرب وأوروبيين، بالإضافة الى المغتربين اللبنانيين، قد تتجاوز الـ400 ألف، حتى إن البعض ذهب أبعد من ذلك لتصل توقعاته التفاؤلية الى نحو 800 ألف زائر وسائح.

وبغضّ النظر عمّا إن كانت هذه الأرقام مبالغاً فيها أم لا، ثمة إجماع على أن المؤشرات إيجابية لما ستكون عليه حجوزات الصيف المقبل، آخذين في الاعتبار التطورات الاقليمية وانعكاسها على لبنان خصوصاً التقارب الإيراني السعودي الذي سيفتح الباب أمام عودة السيّاح السعوديين خصوصاً والخليجيين عموماً. يضاف الى ذلك، عامل مهم يتعلق بتكاليف الإقامة والسياحة في لبنان التي تدنت الى مستويات تقرب من تركيا أو أوروبا الشرقية بعد هبوط سعر العملة الوطنية.

هذا الإقبال الكبير على البلد، يمنح الاقتصاد إذا ما أحسنت الدولة والمؤسسات السياحية العناية به فرصتين: الأولى، إعادة أكبر قطاعاته الى العمل بقوة بعد شبه توقف دام ثلاث سنوات، تداخلت فيها الأسباب السياسية مع كورونا، والثانية، ضخ ما يقدّره الخبراء بثلاث إلى أربع مليارات دولار في فترة لا تتعدّى شهرين.

يفوق العائد المتوقع حاجة الأسواق “محلياً” للعملة الصعبة، بما سيساعد حتماً إن لم تجد تلك الدولارات طريقها الى الأسواق السورية، في تعزيز وضعية احتياطات مصرف لبنان، وكذلك فاعلية وقدرة منصة صيرفة على لجم سعر صرف الدولار، وربما إن لم يطرأ ما يثير الأسواق، إعادته الى ما دون المئة ألف ليرة.

الفنادق تنتظر والمطاعم “مفولة”
إذن، في وقت تلفظ فيه مختلف القطاعات أنفاسها الأخيرة، تبقى الآمال معلقة على القطاع السياحي في لبنان الذي لا يزال من أهم مصادر الدخل في خزينة الدولة مشكلاً الدعامة الأولى للاقتصاد الوطني. فعلى الرغم من كل الأزمات المتلاحقة التي أدت إلى إغلاق ما يقارب 1500 مؤسسة سياحية، استطاع القطاع المحافظة على ديمومته ومعاودة نشاطه خصوصاً في عام 2022، إذ بلغت قيمة العائدات السياحية 4.5 ميارات دولار وتجاوز عدد الوافدين 1.5 مليون وفق ما نشرته وزارة السياحة في ختام الموسم الصيفي الماضي. فما هي آخر المعطيات عن أعداد الوافدين في شهر نيسان؟

نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود يشير الى تزامن 3 أعياد خلال شهر نيسان إضافة الى عيد العمال في أول أيار بما يسمح للسياح والمغتربين خصوصاً في الدول البعيدة مثل البرازيل وكندا والبرازيل بالمجيء والمكوث فترة أطول من المعتاد، إذ سيصل في هذه الفترة ما يعادل 75 طائرة يومياً، بمعدل ما بين 12 و13 ألف راكب يومياً (حسب الأيام)، ومن المؤكد أن مجموع القادمين الى لبنان سيراوح ما بين 350 ألف راكب و400 ألف. وحسب آخر الإحصاءات التي يوردها عبود فإن ما نسبته بين 25 و30% من حركة الوصول هي للعرب والأجانب، أمّا الإقبال الأكبر فهو من مصر والعراق والأردن. عدا عن ذلك، يلفت عبود الى أن القطاع السياحي في انتظار النتائج الإيجابية للاتفاق السعودي الايراني الذي من المحتمل أن يعيد إطلاق سراح السياحة العربية والخليجية الى لبنان”. ويؤكد أن “الطائرات ممتلئة بنسبة 95%، ولكن لا زيادة في عدد الرحلات حتى الآن، فيما عدا زيادة رحلتين لشركة الميدل إيست من السعودية، علماً بأن شركات الطيران تحدد ما إن كانت بحاجة الى تشغيل رحلات إضافية قبل يومين من الأعياد أو العطل وذلك حسب عدد الحجوزات التي تتلقاها والتي تستدعي إضافة رحلات جديدة، وهذا أمر محسوم، خصوصاً إن كانت ثمة مفاعيل إيجابية للتقارب السعودي الإيراني، قد تتبلور في الصيف المقبل حيث ستنقلب الحركة رأساً على عقب آخذاً في الاعتبار أنه في عام 2022 استقبل لبنان نحو مليون و400 الف سائح، 45% منهم كانوا من السيّاح العرب”.

صحيح أن موعد عيدي الفصح للطوائف المسيحية متقارب مع عيد الفطر، ولكن نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر يعوّل على الحركة التي قد يشهدها عيد الفطر من اللبنانيين المنتشرين بين أفريقيا والدول العربية إضافة الى السياح من الدول العربية خصوصاً من مصر والأردن والعراق وسوريا، وتالياً تشغيل نسبة كبيرة من الفنادق والمطاعم والمقاهي وتأجير السيارات”.

ولكن اللافت أنه حتى الآن لم تظهر نسبة الحجوزات في الفنادق، إذ لم تصل الى أكثر من 20% في بيروت، وهذا أمر بديهي، برأي الأشقر فالسيّاح العرب عادة ما يقررون تمضية فترة الأعياد خارج بلادهم قبل أيام، وهو ما قد يقلب الصورة قبل أيام من موعد الأعياد. في كل الاحوال لا يمكن الجزم قبل التأكد من جنسية القادمين، إذ من البديهي، إن كانوا لبنانيين مغتربين فإن الفنادق لن تفيد إلا بنسبة بسيطة لأن هؤلاء لديهم منازل، مع الأخذ في الاعتبار أنهم سيقضون فترة الأعياد في مناطق عدة من لبنان”.

وفيما يعوّل الجميع على التقارب السعودي الايراني، يؤكد الاشقر أن “الأهم في الموضوع هو الانفراج الداخلي على الصعد كافة إن كانت سياسية أو اقتصادية، إذ إن أي استقرار إيجابي يمكن أن يحسّن وضع القطاع السياحي، أما التأثير الأكبر فيتعلق بالمصالحة مع الخليج العربي”.

وإذ أشار الى أن غالبية المؤسسات تواجه مشكلة الطاقة التي تشكل العبء الأكبر حيث لا مياه ولا كهرباء، بما يضطرهم الى الاستعانة بصهاريج المياه والمازوت للمولدات ويحمّلهم أعباءً لا قدرة عليها وخصوصاً بالنسبة للمؤسسات السياحية التي تقتصر أرباحها على نسب محدودة، فيما بقيّة المؤسسات تخسر ما جنته من موسم الصيف بتشغيل الفترة الباقية من السنة”.

من جهته، يتوقع الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية في لبنان، جان بيروتي، وصول ما يقارب مئة وخمسين ألف وافد إلى لبنان من الدول العربية كحد أقصى خلال فترة الأعياد. ويستبعد وفق ما يشاع عن زيارة نحو 800 ألف زائر، فهذا الرقم برأيه “يفوق حجم القدرة الاستيعابية للفنادق والشاليهات التي لا يتجاوز عدد غرفها خمسين ألفاً”.

ويبدو أن السياح لم ينتظروا فترة الأعياد، فالحركة السياحية ناشطة حالياً وفق ما يقول بيروتي على خلفية “تدني التكلفة مع انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار من جهة، ومحافظة لبنان على المراتب الأولى في جودة وميزة ما يتمتع به القطاع السياحي من جهة أخرى، على نحو يدفع السياح والمغتربين إلى تفضيل خيار السياحة داخل لبنان أسوة ببقية الدول المجاورة له”.

وفي انتظار انعكاس عودة العلاقات الإيرانية-السعودية على السياحة الداخلية في لبنان، يدعو بيروتي الى ضرورة إعادة العمل على خطط جدّية والتسويق في حملات لاستقطاب السياح السعوديين من الجيل الجديد خصوصاً، فهؤلاء لم يتعرفوا إلى لبنان بعد. “بيد أن هذا الأمر يتطلب من السلطات اللبنانية ضمان عودة الاستقرار إلى الحياة السياسية من جهة والمحافظة على العلاقات مع السعودية التي شهدت تحسناً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، من جهة أخرى”.

وأثنى بيروتي على الجهود التي بذلتها وزارة النقل والأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال في إطار إقامة مشروع توسعة المطار، معتبراً أن “لبنان بأمسّ الحاجة إلى استقطاب شركات الطيران المنخفضة التكلفة، ما يشجع المغتربين اللبنانيين على زيارة وطنهم الأم باستمرار ويساعد خزينة الدولة على النهوض من جديد بالاقتصاد اللبناني، علماً بأن القطاع السياحي يعوّل على هذا المشروع، بما يسمح لكل المؤسسات التي أقفلت أبوابها بسبب الأزمة بإعادة فتحها”.

وإن كان من المبكر الحديث عن الحجوزات المتوقعة في الفنادق والشقق المفروشة في انتظار الايام المقبلة التي قد تقلب المشهد، فإن القطاع المطعمي يعيش حالاً أفضل وإن كانت الحركة تقتصر على فئة معينة من اللبنانيين. فنقيب أصحاب المطاعم طوني الرامي يشير الى أن شهر رمضان “يشهد حركة لافتة للأفراد خصوصاً في المقاهي في فترة السحور، كما تعتمد المطاعم بدورها على حجوزات الأفراد في فترة الافطار على اعتبار أن الجمعيات والمؤسسات والشركات الكبيرة لم تعد كما في السابق تقيم الإفطارات بسبب اوضاعها المالية”. وإذ أسف لاضمحلال الطبقة الوسطى التي كانت تحرّك المطاعم على مدار الأسبوع، لفت الى أن “التعويل حالياً هو على 5% من اللبنانيين الذين يتداولون بالعملة الصعبة ويقدّر عددهم بأكثر من 200 ألف لبناني يرتادون نحو 100 مطعم بما يعطي صورة أن القطاع بألف خير”.

الرامي الذي أكد أن حركة المطاعم في نهاية الأسبوع كانت “مفوّلة”، توقع أن تكون الحركة في فترة الأعياد أيضاً ممتازة بدليل أن الحجوزات بدأت بكثرة من الآن لنهاية الاسبوع المقبل حيث عيد الفصح للطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي وهو أمر سينسحب أيضاً على بقية الأعياد في هذا الشهر.