Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر December 12, 2019
A A A
السنة الدراسية في خطر: هل تقفل المدارس الخاصة؟
الكاتب: عيسى يحيى - الجمهورية

تقفل السنة الدراسية الحالية أواخر هذا الشهر على ثلثها الأول مع إعلان وزارة التربية موعد عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، فيما لا يزال الهاجس الأول هو مصير المدارس في ظل الأوضاع التي يعيشها لبنان، وهل تستمر السنة الدراسية وتجتاز الصعوبات التي تواجهها، أو تقفل المدارس أبوابها أمام التلامذة ويصبح مستقبلهم على المحك؟
تتعثر الأزمة التي يعيشها لبنان يوماً بعد يوم وتكابر السلطة بمختلف أطرافها وتغضّ الطرف عن مطالب الناس التي أرهقتها هموم الحياة، وتنعدم فرص الحل وتشكيل حكومة إنقاذية في ظل تَعنّت الأفرقاء السياسيين كلّ خلف مطالبه، ويرزح المواطن اللبناني تحت أزمات معيشية واقتصادية لا يعلم كيف يخرج منها، حتى أصبح الهم الوحيد تأمين رغيف الخبز وسط ارتفاع أعداد الأسَر التي دخلت تحت خط الفقر.

بين خيار دفع القسط المدرسي الشهري وبين تأمين الغذاء والحاجات اليومية، لا يتردد المواطنون في اختيار الطعام والمفاضلة على البقاء في هذه الحياة على أن يدفعوا أقساط أولادهم رغم هَمّ السنة الدراسية الحالية الذي يسيطر عليهم وسط عجزهم عن دفع الأقساط المدرسية بسبب صرف العديد منهم من عمله، وعدم توافر رواتب العدد الآخر منهم، فيما تعجز المدارس عن دفع رواتب المعلمين وتأمين مستلزماتها من محروقات وغيرها، وغياب الدولة العاجزة عن مساعدة نفسها لتساعد المدارس، وحجز المنح المدرسية للمدارس الخاصة المجانية منذ السنة الدراسية 2015-2016 لتسيير أمورها بأقل الخسائر الممكنة.

تضمّ المدارس الخاصة والخاصة المجانية أكثر من 600 ألف تلميذ لبناني، أصبح مصيرهم الدراسي في خطر، بالرغم من توجّه الكثير إلى المدارس الرسمية هذا العام.

وخفّضت بعض المدارس رواتب المعلمين إلى النصف لتستطيع الإكمال، ولكن ذلك ليس بحل، فللمعلمين أسَر شأنهم شأن المواطنين عامةً، وقد لجأت بعض المدارس إلى دفع ما يتوافر لها من أقساط للمعلمين إلى حين تحسّن الأوضاع، فيما الإشكالية هي كيفية تعامل الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وصندوق التعويضات مع المدارس من حيث دفع الاشتراكات وتسديد المستحقات والمتوجبات، والنظر في الغرامات على المتأخرات، فهل تقف هذه الصناديق إلى جانب المدارس لحين تحسّن أوضاعها وتسهّل لها الإجراءات ودفع المتوجبات؟ وهل تمتنع عن تسجيل الغرامات على المدارس في حال تأخرها؟

يدقّ رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية المطران حنا رحمة، عبر «الجمهورية»، ناقوس الخطر ويُضيء الضوء الأحمر مُنذراً بالأسوأ حيث رأى أنّ هذه السنة هي من أصعب السنوات الدراسية لنا ولطلابنا وأهلنا.

وما يجري اليوم يتم بالتفاهم والحوار بين المكوّن التربوي العائلي ككل، أي بين إدارة المدارس والجهاز التعليمي، وهنا الأهالي يعيشون حالة صعبة، وكذلك المعلّم هو أحد أفراد المجتمع والمطلوب منه أن يقاوم ويتضامن ويشارك في هذه المرحلة التي يمرّ فيها لبنان، ولكنه في الوقت ذاته لديه عائلة وعليه واجبات، ومن هذا المنطلق نناشد المسؤولين تشكيل الحكومة في أسرع وقت مع بعض التضحية وإعطاء المجتمع بعض الثقة ليُعاود نشاطه ودورته الطبيعية، فهناك العديد من المدارس لم تدفع هذا الشهر سوى 50 في المئة من الرواتب، ومعظم المدارس لن تستطيع دفع الرواتب مطلع العام الجديد. وفي ظل الواقع الصعب الذي نعيشه اليوم واستنفاد كل الإمكانات، هناك خوف كبير أن لا تكمل السنة الدراسية، فالأستاذ الذي لا يقبض راتبه سيبحث عن عمل لإطعام أولاده، والأهالي لا يستطيعون دفع الأقساط. لهذه الأسباب يزيد الخوف من أن تقفل المدارس أبوابها مطلع العام الجديد.

وحمّل رحمة المسؤولية لأصحاب القرار، مُستصرخاً ضمائر المسؤولين للإسراع بتشكيل حكومة تبدأ ببرنامج إصلاحي وإعطاء ثقة للقاصي والداني ليستعيد البلد دورته الحياتية والاقتصادية.

نائب رئيس نقابة المدارس الأكاديمية الخاصة ورئيس جمعية الفداء التي تضم عدداً من المدارس حسين صلح، قال في حديث لـ«الجمهورية»: انّ كل المدارس الخاصة والمجانية تعاني مشاكل مالية بسبب الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية التي يمرّ بها لبنان، والأزمة السياسية التي أوصلت البلد للإفلاس، ليأتي الحراك ويُظهر فساد السلطة وعمليات الهدر والصفقات والمحاصصة التي كانت سائدة.

وأضاف: بدأنا نشعر بعبء كبير يترتّب علينا وعدم تمكّننا من تسديد الرواتب الشهرية للمعلمين والمصاريف التي تحتاجها المدرسة من محروقات وغيرها، ونحن أمام هذا الواقع عاجزون أن نكمل بهذه الطريقة، فالمدارس لها مصدرا تمويل: الأول الأقساط المدرسية وهناك إشكالية في استيفاء الأقساط نتيجة الأزمة، والثاني هو مساهمة الدولة بالمنح المدرسية للمدارس المجانية المتوقفة عن دفعها منذ 4 سنوات، في الوقت الذي تقوم المدارس بكامل واجباتها وتسديد ما يترتب عليها للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وصندوق التعويضات.

واشار الى أنه عندما كانت المدارس تقع في أزمات مالية كانت تلجأ إلى المصارف للإستدانة من خلال قروض، أمّا اليوم فحتى المصارف عاجزة عن ذلك. فالموضوع هو على مستوى عام وكل المدارس تعاني من شح الأقساط، واستكمال العام الدراسي هو موضوع بحث في اتحاد المؤسسات التربوية والمعنية به. بينما أقفلت العديد من المؤسسات التجارية والصناعية أبوابها وصرفت موظفيها نتيجة الأزمة الإقتصادية الخانقة، تتجه الأنظار اليوم إلى المدارس التي تتأهب لهذه الخطوة إذا ما استمر الوضع على حاله، ما يُنذر بأزمة اجتماعية كارثية.