راح الغالي لا أسف على الرخيص…
هي فلسفة معركة جديدة مقبلة لا تبقي ولا تذر، شعار انطلق منه مسؤول عسكري ميداني رفيع، مقرب جداً من “حزب الله” لموقع “لبنان الكبير”، طارحاً أفكاراً غير مرتبة لكنها مترابطة من حيث الأهمية، محاولاً تلخيص الواقع بما يلي:
على المستوى الاستراتيجي، النظام العالمي يتبدل ونحن نفكر بالعديسة وكفركلا ومارون ويارون. ما يحصل في العالم هو زلزال، فالقه ليس اليمونة إنما غزة وجنوب لبنان، “طوفان الأقصى” كان بداية الزلزال الذي هزّ الكرة الأرضية، أول نتائجه أن لا دولة في العالم حالياً مستقرة مالياً، اقتصادياً، سياسياً، عسكرياً أو اجتماعياً، وليهدأ هذا الفالق يحتاج إلى تبدلات كبيرة معاكسة لمشروع ترامب – نتنياهو. الإعلام الاسرائيلي لم يكن ممنوناً في الواقع من الاحترام الزائد الذي أولاه الرئيس الأميركي لنتنياهو بطريقة استقباله وازاحة الكرسي له، وذهب في الانتقاد إلى حد اعتبار أن اسرائيل كلها أصبحت تحت تصرف ترامب ولم تكن يوماً من دون قرار كما هي الآن، فترامب يتخذ القرار قبل أن يتشاور مع نتنياهو ويطلب التنفيذ فوراً والمجلس المصغر يتبلغ ثم يجتمع.
ويضيف المسؤول: لا الأميركي ولا الاسرائيلي يستطيعان تحقيق الأهداف بهذه الطريقة، على الرغم من أنها فرصة ذهبية بالنسبة اليهما لتحقيقها ولن يفوّتاها، لكن الحمد لله الذي جعل أعداءنا من الحمقى، فلو التزمت إسرائيل بالانسحاب بعد 60 يوماً من صدور اتفاق وقف إطلاق النار، وحلّت مسألة النقاط العالقة ومزارع شبعا، لكان الهجوم على “حزب الله” لتسليم السلاح مضاعفاً وكالعاصفة التي لا تهدأ، ولكان ربما صدر أمر من رئيس الجمهورية وقيادة الجيش بتسليم السلاح فوراً. أما ما يحصل الآن فهو أن الوحش الجالس على أعتاب المنزل يريد ومعه العالم تسليم السلاح، أيعقل؟
الصمت المريب لدى قيادة “حزب الله” ليس ضعفاً إنما زيادة في الرصيد، يقول المسؤول متوقعاً مهلة ستين يوماً لتبيان الخيط الأسود من الأبيض، وهذه المهلة مرتبطة بصورة مباشرة بموضوع المفاوضات الأميركية – الايرانية، فإما تنجح وينعكس هذا الأمر ايجاباً على كل المنطقة وفي مقدمها لبنان، وإما تفشل، واذا فشلت، فالأمور مفتوحة على احتمالين: أن يأمر ترامب بضرب ايران ضربة موجعة، فترد بصورة صاعقة وتشعل المنطقة، أو توجه اليها ضربة موضعية تبلعها وتستكمل الولايات المتحدة السيطرة على المنطقة وإخضاعها للنفوذ الأميركي – الاسرائيلي وفي هذه الحالة ستختلط كل الأوراق.
المعركة ليست سهلة، وهي أخطر بكثير مما نتلهى به في الداخل، حتى أن الورقة السورية التي احتسبت لصالح موازين قوى محددة، لم تعد كذلك واستطاعت تركيا وايران امتصاصها، وخرج المخطط المرسوم عن مساره نسبياً، وخصوصاً في السلسلة الشرقية اذ كانت اسرائيل تدفع باتجاه أن تدخل قوات أحمد الشرع إلى الأراضي اللبنانية وتخوض حرباً شرسة تمتد فتنة سنية – شيعية، تستكمل فيها اسرائيل الحرب التي بدأتها وتختتم بالقضاء نهائياً على “حزب الله” وسلاحه.
السؤال اليوم المطروح بقوة: لماذا هذا الطلب الملح بتسليم “حزب الله” سلاحه ما دامت اسرائيل تقول إنها دمرت ٧٠ بالمئة منه وحققت هدفها بشل قدراته العسكرية والقضاء على قياداته ورصده بصورة دقيقة واستهدافه باستمرار؟ الجواب بحسب المسؤول: الهدف الأساسي الذي وضعته اسرائيل بعودة سكان الشمال لم يتحقق، والثاني أن عدونا على يقين من أن “حزب الله” لا تزال لديه قدرات عسكرية كبيرة على الرغم من كل الضربات التي تلقاها، والعمليات الهجينة الجديدة علينا في المعارك العسكرية. ولولا هذا اليقين لما استمرّ الهجوم على هذا المستوى.
ما هو مفهوم نزع السلاح؟ وما هي شروطه؟ هذا هو السؤال.
ولماذا هذا الصمت المريب حول وضعية السلاح ونوعيته وقدرته وحجمه؟
المصدر يؤكد أن جنوب الليطاني لم يبقَ فيه أي قطعة سلاح بيد الحزب وتم تسليم كل المستودعات فوق الأرض وتحتها للجيش اللبناني، وهذا هو تفسيرنا للـ ١٧٠١ منطقة خالية من السلاح. وهنا يكشف المصدر أن “حزب الله” عرض على المؤسسة العسكرية أن تحصل على السلاح والذخائر، وضمها إلى مستودعاتها والافادة منها لكن الجواب كان أن الأميركي لم يقبل وكان أمر التفجير هو أبرز الشروط، حتى الكلاشينكوف وذخيرته لم يقبلوا بتسليمها إلى الجيش.
أما عن الصواريخ الثقيلة فيقول المصدر إن القاصي والداني يعلم أن نوعية هذه الصواريخ ليست جنوب الليطاني.
شمال الليطاني، النهر هو الحد الفاصل، نراقب ونرى، كل ما يعرفون موقعه ضربوه والعين على ما لا يعرفونه.
أما الموقف الرسمي لـ “حزب الله” فينقله مصدر في الحزب، ويقول لموقع “لبنان الكبير”: ان التصويب على سلاح “حزب الله” بهذه الطريقة، هدفه خلق جو لاستعجال رئيس الجمهورية بطرح قضية نزع السلاح، لكن جواب الرئيس كان واضحاً من زاوية أساسية، طالما هناك احتلال وأسرى ونقاط وخروق عدوانية، لا يمكن طرح الموضوع على طاولة النقاش، وبرأينا أن هذا يضعف نقاط القوة التي يمتلكها لبنان، وإمكان معالجته في ظل الاحتلال لا يستقيم، هناك أطراف دولية واقليمية مدعومة مع بعض الداخل تدفع باتجاه فرض هذه الروزنامة على الرئيس جوزاف عون. رئيس الحكومة في مكان ما يحاول امتصاص الأمر ويلاقي هذا الطرح، اما رئيس الجمهورية فيفضل عدم مقاربته في هذا التوقيت وهذا هو المنطق، واختلاق مصادر في “حزب الله” مستعدة لنقاش مسألة السلاح وتسليمه لأنه أصبح عبئاً هو تضليل، لأن موقف “حزب الله” واضح، يعبّر عنه بنفسه. الموقف الرسمي هو التالي: ليس صحيحاً أن تطرح مسألة قدرات “حزب الله” العسكرية في هذا التوقيت الذي لا يزال الاسرائيلي محتلاً لأراضٍ لبنانية ويمارس العدوان. ثانياً علينا كلبنانيين أن نتعاون جميعاً لإنهاء الاحتلال ووقف التجاوزات. ثالثاً “حزب الله” وافق بالأساس على مناقشة دور السلاح من خلال موافقته على الاستراتجية الدفاعية مرتين، عندما جلس الى الطاولة عام ٢٠٠٦ وفي عهد الرئيس ميشال سليمان، عام ٢٠١٢، التي ستحدد دور هذا السلاح ووظيفته تحت سقف الدولة اللبنانية، وأيّد النقطة التي طرحها الرئيس جوزاف عون في خطاب القسم حول استراتيجية الأمن القومي، هذا يعني أن “حزب الله” يوافق على مناقشة الأمر. لم نرفض يوماً مناقشة دور السلاح.
وكل التهويل بعودة الحرب إذا لم نسلم السلاح ليس صحيحاً، لا عودة إلى الحرب لأن شروطها غير متوافرة، إنما هو ضغط واستعجال وقلق خوفاً من تفاهم أميركي – إيراني قريب، أو تطورات تحصل في سوريا تعيد خلط الأوراق وموازين القوى، بالاضافة إلى استغلال التمادي الاسرائيلي بضرب “حزب الله”، يريدون اقتناص لحظة الضعف، خوفاً من أن تضيق الفرصة مع بروز تطورات جديدة .
يعلمون أن “حزب الله” لا يزال قوياً على المستوى الداخلي، ويريدون ضرب أي فرصة له بإعادة ترميم قدراته العسكرية. ومن الآن وصاعداً سنسمع الكثير من الحكايا والتصويب على أهداف فارغة وإشغال الجيش والقوات الدولية بالتحقيق لتحويل وظيفة الجيش اللبناني و”اليونيفيل” إلى قوات تحقق وإفراغ وتفتيش. وإشغال الدولة اللبنانية بالسياسة نفسها… انهوا موضوع المطار وانتقلوا إلى مرفأ بيروت، هو تنظيف وتضييق بمفهومهم، ونحن لا مشكلة لدينا بهذا الأمر على العكس، موقفنا أن كل ما يساعد في زيادة ايرادات الدولة في كل المرافق نحن معه وندعمه. ومثال على ذلك مرفأ بيروت، لأن هناك هدراً كبيراً، المرفأ يفترض أن يدخل إلى الخزينة ملياراً و٧٠٠ مليون دولار سنوياً إلى مليارين، وما يحقق الآن هو فقط ٦٠٠ مليون والباقي تهريب ونحن مع تجفيف مصادر الهدر ووسائله، ومتعاونون إلى أقصى الحدود.
والخلاصة أن النقاش في موضوع السلاح له شروطه. ويتوقع أن يشتد الضغط لكن هذا الأمر لن يغير بالنسبة الى “حزب الله” شيئاً.
ولعل ما قاله وزير الخارجية يوسف رجي من أن قرشاً لن يدخل إلى لبنان قبل تنفيذ المطلوب هو خير مثال.