Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر February 22, 2017
A A A
السؤال هو عن مرحلة ما بعد النهاية.. وخيارات البغدادي
الكاتب: رأي اليوم

حرب الموصل ستكون الاصعب وقد تمتد لاشهر وتذّكر بمثيلتها في برلين.. مقاتلو “الدولة” سيحاربون حتى الموت.. القوات الخاصة البريطانية والاميركية القت بكل ثقلها فيها.. والسؤال هو عن مرحلة ما بعد النهاية.. وخيارات البغدادي.
*

دخلت الحرب التي يخوضها الجيش العراقي مدعوما بالبشمرغة الكردية، ووحدات الحشد الشعبي، وقوات بريطانية واميركية خاصة، للقضاء على تنظيم “الدولة الاسلامية” في معقله الاخير غرب مدينة الموصل، مرحلة جديدة ربما تكون الاشرس في تاريخ العراق، وتذكر بمعركة برلين الاخيرة في الحرب العالمية الثانية.

الطيران الاميركي شن قصفا مكثفا على هذه المناطق تمهيدا لدخول القوات الارضية المغيرة، وسط مقاومة شرسة من قبل المدافعين عن المدينة، وكل هذا يتم بعيدا عن الاعلام، واي تعاطف من اي جهة كانت، لان هذا التعاطف يمكن ان يتهم صاحبه بالدفاع عن الارهاب والارهابيين، على عكس ما جرى في مدينة حلب، ومدن سورية اخرى.

غرب الموصل يختلف كثيرا عن شرقها الذي نجحت القوات العراقية في استعادته بصعوبة اقل، لانه يعتبر الاكثر كثافة سكانية (650 الف مدني) وشوارعه ضيقة، واستعدت قوات “الدولة الاسلامية” للمعركة الفاصلة بحفر شبكة من الانفاق تحت الارض، واقامة ابراج للقناصين الذين يلعبون دورا كبيرا في الحاق اكبر قدر من الهزائم في صفوف القوات المهاجمة.

غرب الموصل يشكل اهمية استراتيجية كبرى لانه يعتبر البوابة العراقية الرئيسية نحو الرقة عاصمة “الدولة” في شرق سورية، وتتمركز فيه القيادة بشقيها العسكري والسياسي، ويسود اعتقاد ان ابو بكر البغدادي، زعيم الدولة وخليفتها، ما زال يتواجد في احد انفاقها مع مجموعة من الضباط، معظمهم من جنرالات الجيش العراقي السابق، والحرس الجمهوري، الذي حلهما الحاكم الامريكي بول بريمر بعد احتلال القوات الامريكية للعراق.

تمركز المقاتلين المدافعين عن غرب الموصل في وسط المدينة التي تعتبر غابة اسمنتية، وفي ازقتها الضيقة، ووسط كثافة بشرية عالية، يحول دون دخول الدبابات والدروع، ويبطل سلاح الجو، اللهم الا اذا قررت قوات التحالف ارتكاب مجازر بشرية، مما قد يخلق حالة من السخط في القطاع السني من العراق، ويعقد من الفتنة الطائفية في البلاد في مرحلة ما بعد حرب الموصل، ومن هنا فان توقعات معظم الخبراء العسكريين تؤكد ان الحرب لاستعادة غرب الموصل ستكون طويلة وشرسة، وحرب شوارع من زنقة الى اخرى.

المدنيون سيكونون الضحية الاكبر، لانهم باتوا محاصرين بين قوتين متحاربتين، القوات العراقية وحلفاؤها الذين يطالبون بالاستسلام ورفع الرايات البيضاء، لضمان سلامتهم، ومقاتلي “الدولة الاسلامية” الذين يطلقون النار على كل من يريد الخروج او يرفع راية الاستسلام، وهناك انباء عن تصفيات بشرية، وحالة مجاعة داخل المدينة، ستتفاقم في الاسابيع والاشهر المقبلة، نتيجة غياب اي مساعدات غذائية او انسانية.

حرب الموصل ستطول لانه ليس امام المقاتلين داخلها غير القتال حتى الموت، والاجانب منهم على وجه الخصوص، حيث جرى اغلاق كل الابواب امامهم للاستسلام او الهروب، وحتى لو تمكنوا من الهروب، وهذا احتمال ضئيل، مثلما تؤكد معظم التقارير الميدانية القليلة المسربة، فانه ليس امامهم غير مدينة الرقة استعدادا لحرب اخرى باتت وشيكة تماما، مثلما حدث لمقاتلي حلب الذين لجأوا الى ادلب، وتمركزوا فيها انتظارا لمعركة اخرى، لا تقل شراسة عن معركة حلب.

“الدولة الاسلامية”، وبالاشارة الى الحشود الضخمة ضدها في الموصل، ربما تخسر معركتها في العراق في نهاية المطاف، ولكنها قد لا تختفي بسهولة من المسرح السياسي والارهابي العالمي، لانها ستختفي تحت الارض وتلجأ الى العمل السري، وبكمية اكبر من الحقد والرغبة في الثأر والانتقام، ليس في العراق وحسب، وانما في مختلف انحاء العالم الغربي، وهنا تكمن الخطورة الحقيقية.

نهاية حرب الموصل ربما تكون بداية لحرب اخرى من الارهاب والعمل السري، فهذا التنظيم الخطير بدأ يعتمد اللامركزية في الاشهر الاخيرة، وفتح فروع له في المناطق الرخوة من العالمين العربي والاسلامي، مثل صحراء سيناء، وجنوب ليبيا، ومنطقة الساحل الافريقي، وجنوب اليمن، وافغانستان، وغيرها، الامر الذي يتطلب وضع استراتيجية سياسية جديدة ليس لتجفيف مصادر الدخل، وانما الحاضنات الشعبيىة، وتحقيق مصالحات وطنية، وانهاء المظالم والتدخلات العسكرية الغربية.