Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر January 20, 2017
A A A
الزيارة “السرية” للنائب الاميركية الى سوريا
الكاتب: موناليزا فريحة - النهار

“أنفقنا تريليونات على حروب تغيير الأنظمة فيما الناس في بلادنا يعانون نقصاً حاداً في الموارد وحاجة ماسة”. ليست المرة الأولى تعلن النائب الديموقراطية تولسي غابارد موقفاً معارضاً للتدخل الاميركي في الخارج، وفي سوريا تحديداً، حتى أنها اعتبرت دعم إدارة الرئيس باراك أوباما للمعارضة دعماً للجماعات الارهابية في سوريا، إلا أن تغريدتها الواردة أعلاه تكتسب أهمية إضافية كونها جاءت خلال زيارتها “السرية: لسوريا والتي التقت فيها بحسب “وكالة الصحافة الفرنسية” مسؤولين في النظام السوري، في مبادرة نادرة لعضو في الكونغرس الاميركي، وتتزامن مع انتقال السلطة في الولايات المتحدة وتسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب المعارض لإطاحة النظام السوري، مهماته.

وبحسب اميلي لاتيمر، الناطقة باسم غابارد، تهدف الجولة التي شملت أيضاً بيروت، الى “جمع المعلومات”. ولم تفصح الناطقة عما اذا كانت غابارد التقت الرئيس السوري بشار الاسد أم لا، ولا من يمول الرحلة، مكتفية بأنها ليست ممولة من المكلفين الاميركيين وأن لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب وافقت عليها، وأنها تشمل لقاءات مع مجموعات، بينهم مسؤولون دينيون وعاملون انسانيون ولاجئون ومسؤولون حكوميون.

قلعة حلب ومطرانيتان
ومن جهتها، نشرت صحيفة “الوطن” السورية أن الوفد الاميركي الذي وصل جواً الى مطار دمشق الدولي صباح الثلثاء وتوجه مباشرة إلى مطار حلب، يضم عضو الكونغرس عن ولاية هاواي الديموقراطية تولسي غابارد، والعضو الديموقراطي السابق في الكونغرس دينيس كوسينيتش وآخرين.
وزار الوفد قلعة حلب ومطرانيتي جرمانوس فرحات والسريان، كما تجول في أحياء المدينة الشرقية وفي الجابرية واطلع على أوضاع السكان فيها، قبل أن يزور مخيم جبرين للمهجرين من بلدات الفوعة وكفريا، غربي المدينة، ويتناول الغداء في مطعم وانيس، لينتقل إلى مستشفى حلب الجامعي ويطلع على واقعه.

وأشارت الصحيفة إلى غياب أي مشاركة رسمية مع أعضاء الوفد الذي رافقتهم فعاليات دينية مسيحية، مضيفة أن الوفد عاد مساء أمس إلى فندق شيراتون بدمشق.
ولفتت الصحيفة السورية الى أن الزيارة الأولى لسناتور أميركي لسوريا منذ شباط 2012 تمت في 26 نيسان من العام الماضي، عندما وصل إلى دمشق السناتور الجمهوري عن ولاية فيرجينيا ريتشارد بلاك في زيارة استمرت ثلاثة أيام كأول عضو كونغرس، والتقى بلاك خلال الزيارة الرئيس بشار الأسد.

الخارجية الاميركية
وفي الاعلام الاميركي ، بدا أن الزيارة الاميركية لسوريا ليست منسقة مع مستويات رفيعة المستوى . ونسبت وكالة “أسوشيتد برس” الى مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية رفض ذكر اسمه أن الزيارة خاصة، وأن لا علاقة للوزارة بها.
وأوردت مجلة “بوليتيكو” أن زعماء في الكونغرس صدموا من رحلة غابارد إلى سوريا. ونقلت عن مصادر في الكونغرس أن النائبة لم تخطر مسبقاً، كما جرت العادة، مكتب الحزب الديموقراطي ولا الجمهوري، وأن منظمة غير حكومية مولت الرحلة، لكنها غير متأكدة من هويتها، وما إذا كانت لديها علاقات مع نظام الأسد أم لا.
كذلك، قال مكتب رئيس مجلس النواب بول ريان إن لا علم له بالزيارة.

سياسات غابارد السورية
الواضح أن الزيارة تنسجم واقتناعات غابارد، إذ سبق لهذه المرأة لتي تشارك في لجنتي القوات العسكرية والخارجية حزبها والقواعد التقليدية ان انتقدت بشدة سياسة أوباما في سوريا، واتهمته بتمويل الجماعات الارهابية هناك، وهي قدمت في كانون الأول اقتراح قانون، يمنع الإدارة من “الدعم المباشر أو غير المباشر” لمجموعات مثل “داعش” و”القاعدة”.
وكانت غابارد من أوائل النواب الديموقراطيين الذين قابلوا ترامب بناء على طلبه في تشرين الثاني الماضي، وأبدت له مخاوفها من التدخل الأمريكي في سوريا. وقالت في تصريح لها بعد الاجتماع: “شعرت بأن من المهم أن ألتقي بالرئيس المنتخب قبل أن ترتفع أصوات طبول الحرب، التي يقرعها المحافظون الجدد، لجرنا إلى تصعيد الحرب لإطاحة بحكومة النظام السوري” .
وفي حينه، رجحت وسائل إعلام أميركية أن تنضم غابارد إلى إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب. ونسبت شبكة “آي بي سي نيوز” الأميركية الى مصدر في فريق ترامب الانتقالي، أن غابارد يُنظر إليها بشكل جدي لشغل وظيفة في الإدارة الجمهورية المقبلة، مشيراً إلى أنه من بين المناصب التي قد تشغلها هي متحدثة باسم وزارة الدفاع أو مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، وهو ما لم يحصل.
وتقول مجلة “الفورين بوليسي” أن كبير استراتيجيي ترامب ستيفن بانون معجب بآراء غابراد في شأن التطرف وقدرتها على توجيه المشاعر الشعبية اليسارية.

رمزية الزيارة
وفي رأي متابعين للشأن السوري، تعتبر زيارة غابارد بمثابة رسالة مفادها أن الأسد لم يعد منبوذاً في السياسات وصناعة القرار في أميركا.
فمع أن الباحث في معهد “أتلانتيك كاونسيل” فيصل عيتاني لا يرى صلة للزيارة بترامب لكون الرئيس المنتخب لديه مستشارون كبار كثر ، يقول لصحيفة “عرب نيوز” أن “الزيارة رمزية لكل من السياسة والأسد نفسه”. وأكد أن الزيارة ” تقرب الأسد أكثر الى دور الرئيس الشرعي، والضحية للسياسات الغربية الخاطئة”. وفي رأيه أن محطات الزيارة ولقاءاته مع رجال دين مسيحيين تصورها “كأنها تهدف الى حماية المسيحيين، وهو ما يلقى صدى في الولايات المتحدة ويعزز رواية الاسد”.