Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 27, 2023
A A A
الزراعة في خطر… موجات الحرّ الشديد والأزمة الاقتصادية
الكاتب: مارينا عندس - الديار

وكأنّ لبنان بإمكانه بعد أن يتحمّل الأزمات والمصاعب. يكفيه أنّه في خطرٍ أمنيٍ سياسيِ بيئيٍ اقتصاديٍ، لتصبح الزراعة أيضًا في خطر.

كلّ قطاعاته اليوم تنهار، ومصاعبه تزداد والأزمة المالية في لبنان فاقمتها المصالح الخاصة التي تقاوم تنفيذ إصلاحات ضرورية. والمؤكد، أنّ عدم التحرّك لحلّ سريع سيدفع البلاد إلى المزيد من الانهيار.

عام 2022، وقّع لبنان اتفاقًا مع صندوق النقد لكنّه لم يستوف الشروط لتنفيذ برنامج تمويل كامل قيمته 3 مليارات دولار يعتبر حاسمًا لتعافي البلاد من واحدة من أسوأ الأزمات المالية في العالم. ومنذ ذلك الحين “الوضع وخيم جدًا”.

 

 

القطاع الزراعي في ازمة

يشتدّ الخناق على القطاع الزراعي في لبنان ويكافح المزارعون بشدّة، بهدف البقاء في ظل أزمةٍ اقتصاديةٍ متفاقمةٍ جرّاء انهيار الليرة اللبنانية وارتفاع كلفة الانتاج والمستلزمات الزراعية من ضعفين إلى 3 أضعاف ما كانت عليه العام الماضي.

معوّقات عديدة دفعت بأكثر من 50% من المزارعين، إلى العزوف عن الاستثمار في القطاع الزراعي، بسبب النقص في السيولة نتيجة آليات الرقابة المصرفية وغياب القروض المدعومة من الدولة وتوقف عمل معظم التعاونيات والمؤسسات الداعمة لتصريف المحصول.

واليوم، يصرخ هذا القطاع ويطلب المساعدة من جميع القطاعات والمسؤولين.

 

 

إرتفاع درجات الحرارة

يتأثر لبنان كباقي الدّول في العالم بهذه التّقلّبات المناخيّة الصعبة وارتفاع في درجات الحرارة، لتتخطّى معدّلاتها بكثيرٍ.

وفي حديثٍ خاصٍ مع رئيس تجمّع المزارعين في البقاع إبراهيم الترشيشي، أفاد “بأنّنا نعيش فترة الشهر والنصف أو 45 يومًا في ظروفٍ مناخيةٍ صعبةٍ، تتجاوز الـ9 ساعات في اليوم الواحد، حتّى انّها تستمرّ في أوقات اللّيل. ولأنّنا نشهد أزمة مناخيّة صعبة، بسبب طول مدّتها، أثرت بذلك في المنتوجات الزراعية، لا سيّما البطاطا منها.

وفي حديثه للدّيار، يؤكّد الترشيشي أنّ “صرخة المزارعين تعلو بسبب وضع البطاطا المشؤوم”.

ويقول: “كلّ العروق مشوّهة، والثمرة تنطبخ تحت الأرض لكثرة غليان الأرض من الحر اللهاب. التراب حارّ والمياه كذلك. وما يزيد الطّين بلّة، أنّ ارتفاع درجات الحراراة تشتدّ حتّى منتصف اللّيل. لذلك، البطاطا تعاني من الأمراض والتشوهات وتذبل قبل قطفها لأنّ نموّها ليس طبيعيًا أبدًا”.

ويضيف: “في الموسم الأول عشنا صعوباتٍ حادةٍ لا نريد أن نبكي على أطلاله، لأنّ ما مضى مضى. استطاع حينذاك المزارع أن يخّزّن قسمًا ويبيع قسمًا ويستغني عن القسم الأكبر، ونأمل أن يكون ضرره أقلّ بكثيرٍ من الموسم “اللقيسي” الذي ننتظره اليوم بعد زرعه.

ونتخوّف من الموسم “اللقيسي” المقبل، ومن موجات الحرّ هذه، التي شوّهت ثمار البطاطا تحت الأرض، باستثناء القسم الضئيل الذي تم قطفه ولا يزال، علمًا أنّها غير مكتملة والإنتاج ليس كافيًا”.

ويلفت الترشيشي إلى أنّ باقي الخضراوات، مثل الخسّ الذي رمي، تأثر أيضًا بالأزمة المناخية، لأنّ قسمًا كبيرًا منه في طريقه للتّلف. ولم يسلم البطّيخ الذي نما بسرعةٍ وبيع بأرخص الأسعار، مؤكّدًا أنّ البطيخ سيفقد قريبًا من السّوق. بالإضافة إلى الخضر والفاكهة التي تمّ قطفها قبل موعدها بسبب الحرّ والجفاف مثل الكوسى والخيار والبصل والبقدونس والنعناع والبقلة، متخوفًا من موجات الحرّ الآتية.

 

 

إنهيار العملة السورية

ويؤكد الترشيشي أنّ “إنهيار العملة السورية يقضي على المنتوجات الزراعية اللبنانية”، لافتاً إلى أننا أمام ميزان “كلما انخفضت العملة السورية كلما غزت البضائع السورية بجميع انواعها الاسواق اللبنانية، بغضَ النظر عما إذا كانت البضاعة تهرّب أم تدخل بطريقةٍ شرعيةٍ”.

ويلفت إلى أنّ “التجار يشترون البضائع بالليرة السورية من سوريا ويسوقونها في لبنان على أمل ارتفاع قيمتها بالدولار على الليرة السورية نظرًا للانهيار والتلاعب بالليرة السورية والمضاربة ما سيؤدي الى انهيار إضافي في الليرة السورية من أجل أن يحقق المهربون أرباحًا مضاعفةً”.

و يقول الترشيشي: “الليرة السورية كانت منذ شهرين حوالى 12 الفا واصبحت اليوم حوالى 16 الفا وكل يوم هناك انهيار اضافي، الامر الذي يشجع المهربين والتجار للحصول على الدولار من السوق اللبناني”.

ويشير إلى أنّ “المشكلة الكبيرة تكمن في الأسعار التي تختلف ما بين المنتوجات المحلية والسورية، والإقبال على شراء البضاعة السورية بات يهدّد مصير المحلية منها”.

ويختم: “صحيح أنّ أسعار المنتوجات السورية هي أقلّ من تلك اللبنانية، لكنّ كلفة إنتاجها أقلّ، مياهها المسقية لا نعرف مصدرها، ويتمّ نقلها عبر الحديد من دون برادات وأدوية وعناية ولا فحوصات مخبرية”.