Beirut weather 16.88 ° C
تاريخ النشر April 25, 2025
A A A
الرهان على ترامب في (غير) مكانه: حرب غزة باقية
الكاتب: يحيى دبوق

كتب يحيى دبوق في “الأخبار”

تستمرّ الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة من دون أي أمل حقيقي في إنهائها، أو حتى التوصل إلى مسارٍ ما من شأنه وضع حدّ لها، في ظلّ إصرار إسرائيل على تحقيق «انتصار كامل» ضدّ حركة «حماس»، والذي يشكّل العقبة الرئيسية أمام أيّ جهد لإيجاد تسوية واقعية. وحوّل هذا الإصرار الصراع إلى حالة من الجمود المستمر، خاصة أن الخسائر المحدودة حتى الآن لدى الجانب الإسرائيلي، لا تدفع مسؤولي الكيان إلى إعادة النظر في إستراتيجيتهم العسكرية والسياسية، والقائمة على استمرار القتال.

وفي الوقت نفسه، تشير المعطيات إلى أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لا تمارس أي ضغوط ملموسة على رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لوضع حدّ للحرب؛ بل على النقيض من ذلك، إذ يَظهر أن واشنطن وتل أبيب تتّبعان إستراتيجية مشتركة تقوم على التصعيد واستخدام مزيد من القوة لدفع «حماس» إلى الاستسلام، في ما يؤشّر إلى أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لتغيير موقفها في المستقبل القريب، إلا إذا تأثرت مصالحها الإستراتيجية بشكل مباشر، وهو ما لا يُلحظ في الأفق القريب.

وإذ ينتظر بعض المراقبين زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منتصف الشهر المقبل، إلى المنطقة، وتحديداً إلى الرياض وغيرها من عواصم الخليج، معوّلاً على هذه الزيارة في إحداث اختراق في جدار الحرب، فإن هذه الرهانات لا تبدو قائمة على أسس معتدّ بها، خاصة أن الإدارة الحالية لا تعطي أولوية لملفّ التطبيع بين السعودية وإسرائيل، والذي كان يشغل سابقتها، وشغل حتى ترامب في ولايته الأولى، باعتباره الخطة الرئيسية لتأمين المصالح الأميركية في المنطقة. كما إن «شهية» الخليجيين، وعلى رأسهم السعودية، للتطبيع مع إسرائيل، تراجعت بوضوح، ولم تعُد الهدف الأعلى لدى المملكة، بعدما باتت الإغراءات الاقتصادية والمالية، والمنعدمة الصِلة بالجانب الفلسطيني، الوسيلة الرئيسية لكسب رضى الأميركيين، في معادلة مالية لا تقلّ أهمية لدى واشنطن.

ينتظر بعض المراقبين زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منتصف الشهر المقبل، إلى المنطقة

ويضاف إلى ما تقدّم، أن ترامب أكد، خلال زيارة نتنياهو الأخيرة إلى البيت الأبيض، أن كلا الجانبين «على الصفحة نفسها» في ما يتعلّق بالتعامل مع الصراع في غزة، في ما أنبأ بوجود تنسيق كامل بين الجانبَين حول هذا الملف، وجعَل أي محاولات دولية لإنهاء الحرب، سواء من فرنسا أو غيرها من الدول الأوروبية التي سعت في الآونة الأخيرة إلى حلحلة العقد، بلا جدوى.

وعلى أي حال، فإن الثابت الحالي هو أن الولايات المتحدة لا تملك خطة فعالة لإنهاء الصراع، وهي تتماشى مع الطرح الإسرائيلي كما هو، وتبرّره وتدعو إليه، الأمر الذي يزيد من حالة التشاؤم بشأن احتمالية الوصول إلى حلّ قريب. والواقع أن اتفاق وقف إطلاق النار من أساسه، والذي لم يُستكمل تنفيذه، كان نتيجة «ظرف استثنائي»، وليس نتيجة سياسة ثابتة أو رؤية إستراتيجية. ولذا، وبعد انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة، عادت إسرائيل إلى تكثيف عملياتها العسكرية في غزة، ما عكس غياب أيّ رغبة حقيقية في التوصل إلى تسويات. أما الموقف الأميركي الحالي، فيلخّصه سلوك المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي توقف عن الإدلاء بتصريحات مباشرة حول الصراع، وتغيرت لديه الأولويات.

إجمالاً، وفي انتظار المتغيرات غير الملحوظة حالياً، يبدو الواقع مليئاً بالتشاؤم والضبابية، فيما ليست ثمة مؤشرات حقيقية إلى نهاية قريبة للصراع. أما الكلفة الإنسانية والمعاناة اليومية للشعب الفلسطيني، فما تزال غائبة عن الحسابات السياسية، بل هي مطلوبة لذاتها في إسرائيل، ومغضوض الطرف عنها أميركياً.