Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر January 6, 2020
A A A
الردّ حتمي… وليقف الأميركي «على رجل ونص»
الكاتب: معن حمية - البناء

الولايات المتحدة الأميركية في مأزق صعب، فهي لم تحسب جيداً التداعيات الخطيرة لجريمة اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الفريق قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس وعدد من الضباط والمرافقين.
إنّ اغتيال شخصيتين بارزتين لهما صفتان رسميتان في دولتيهما، وعلى أراضي دولة ذات سيادة، هو عمل إرهابي موصوف ويندرج تحت خانة ممارسة إرهاب الدولة عدا عن كونه انتهاكاً واستباحة للقانون والمواثيق الدولية، وسعياً لزعزعة أمن واستقرار المنطقة وتهديداً للسلم والأمن الدوليّين. ومثل هذه الجريمة الإرهابية لا يمكن أن تمرّ من دون ردّ وعقاب.
لا أحد يعلم شكل وطبيعة الردّ على الجريمة الإرهابية الأميركية، لكن ما هو مؤكد أنّ القرار قد اتخذ وبات حتمياً. وأنّ قواعد أميركا وجنودها في المنطقة باتوا أهدافاً مكشوفة أمام كلّ الردود المشروعة، وهذا ما أجمعت عليه مواقف كلّ قوى المقاومة، لا سيما مواقف أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وما انطوت عليه من رسم معادلات جديدة وقواعد اشتباك مفتوحة، وأيضاً مواقف القوى العراقية التي تطالب بخروج القوات الأميركية. وقد جاء قرار البرلمان العراقي دعماً للحكومة العراقية في موقفها للمطالبة بخروج القوات الأميركية، ليصبّ في الاتجاه ذاته، الأمر الذي يضع أميركا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الانسحاب الفوري والسريع من المنطقة وإما تلقي الضربات الموجعة المتتالية.
الإدارة الأميركية ارتكبت خطأً استراتيجياً فادحاً وفظيعاً، وكلّ متتبع للمواقف والتصريحات التي تصدر عن مسؤولين في الإدارة الأميركية، يكتشف أنها تستبطن هلعاً شديداً، رغم عبارات التهديد والوعيد التي تحملها. وما زاد من الهلع الأميركي وحوّله إلى رعب حقيقي، الأعداد المليونيّة التي خرجت في مدن العراق وإيران ولبنان كرمى لتضحيات وشهادة سليماني والمهندس ورفاقهما. فهذه الحشود المليونية في مراسم تشييع الشهداء، تستطيع جرف كلّ القواعد الأميركية بمن فيها.
المنطقة برمّتها والعالم في حال ترقب وانتظار ما ستؤول إليه التطورات. والكلّ يعلم أنّ الإدارة الأميركية قد تجاوزت الكثير من الخطوط الحمراء، وأنها باغتيالها الفريق سليماني والمهندس بما لهما من أدوار رئيسة وكبيرة في دحر الإرهاب وهزيمته، إنما تجاوزت ما هو أخطر من الخطوط الحمراء، لقد اعتدت على أحلام ملايين المقاومين الذين يواجهون الإرهاب ويناضلون من أجل تحرير فلسطين كلّ فلسطين.
صحيح أنّ قوى المقاومة خسرت قائدين بارزين في العملية الإرهابية الأميركية، غير أنّ هذه القوى بكلّ دولها وأحزابها وحركاتها، تزخر بالطاقات، قادة ومناضلين، وهي مستمرة في خوض معركة التحرير ودحر الإرهاب والتصدّي للمشاريع والصفقات المعادية، وعلى رعاة الإرهاب والقائمين به أن ينتظروا ردّاً موجعاً ومزلزلاً… وهو ردّ ليس محصوراً لا في زمان معيّن ولا في مكان محدّد، وعلى الأميركي أن ينتظر… واقفاً “على رجل ونص”، كما وقف الصهيوني وهو ينتظر ردّ المقاومة على المسيَّرات التي هاجمت الضاحية الجنوبية لبيروت.
*عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي.