Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر June 10, 2021
A A A
«الرحلة»… ميريام فارس وولادة أمل على يد نجمة
الكاتب: فيفيان حداد - الشرق الأوسط
1623244148984211700 1623244148984211900 (1)
<
>

تنسى وأنت تتابع فيلم «الرحلة – غدارة يا دنيا» للفنانة ميريام فارس بأنك تتابع مشاهد من حياة نجمة عربية. ولولا مظاهر الرفاهية الطاغية على أحداث الفيلم من أوله إلى نهايته، والواضحة معالمها من أقسام منزلها الشاسع وهندسته الداخلية المتقنة وأدواته الفخمة، لخيل إلى مشاهده أنّه يتابع قصة حياة امرأة عادية.

فالفنانة التي اختارتها شركة غوغل في عام 2011، سفيرة لها في منطقة الشرق الأوسط، رغبت هذه المرة في الابتعاد عن الأضواء والشهرة والالتزام بكادر المرأة البسيطة كغيرها من النساء. فتظهر من دون مساحيق تجميل وبأزياء عادية، كما نراها أماً بكل ما للكلمة من معنى بصحبة ابنها جايدن الذي تتمسك بأن تكون علاقتها به وطيدة، فتطهو له وتقلم أظافره وتواسيه وتعلمه أسرار الحياة، وأحياناً كثيرة تقصد إظهار كل الحب والحنان اللذين تغمرهما به، من خلال كلمات وتصرفات وقبلات ونظرات حب.

في هذا الوثائقي الذي يستغرق عرضه ما يفوق المائة دقيقة بقليل، تمسكت خلاله ميريام في أن تكون الأمومة عنوانه العريض. ونقلت لمشاهده خليطاً من مشاعرها كأم ومواطنة وفنانة وزوجة وصاحبة تجربة قاسية مع عدوى «كورونا». وفي المناسبة هي لم تكن فقط نجمته بل أيضاً معدته ومخرجته. وكما يقال بالإنجليزية الفيلم هو كناية عن عمل مصور على طريقة «هوم مايد» (شغل بيت). فتصويره تم بمساعدة زوجها داني وشقيقتها رولى، إضافة إلى ميريام نفسها التي تولت تصوير عدد من مشاهده شخصياً. لماذا يأخذ هذا الطابع؟ لأنّ تصويره كان خلال الجائحة، فرفضت الفنانة اللبنانية المخاطرة وكسر قواعد التباعد الاجتماعي، التي تطبقها في بيتها. ولكن ورغم كل إجراءات الوقاية التي اتخذتها أصيبت بعدوى «كوفيد – 19» لتخبرنا خلال الفيلم عن مأساتها معها.

ومنذ اللحظة الأولى لدوران كاميرا الفيلم الذي يروي تفاصيل حياتها خلال عام من العزلة القسرية، تطل ميريام كما لم نعرفها من قبل. هادئة رصينة يتشح وجهها بحزن دفين، ويخرج صوتها خافتا وكأنه ليس الذي عرفناه في «يا شوق» و«من عيوني» و«تلاح» وغيرها. وتبدأه قائلة: «سنة 2020 وضعتني أمام اختبارات كثيرة. حرمتني من الالتقاء بالناس الذين أحب، وسرقت مني حريتي، وكل الحماس الذي يغمرني عندما أقف على المسرح». وبعدها تتوقف فارس عند حصول أول حالة كورونا في لبنان، وتعرج خلال حديثها على تجربتها مع الإجهاض عندما خسرت جنينها الثاني. ولا تتوانى فارس عن وصف تجربتها هذه بالقاسية، إذ شعرت بالاكتئاب وفقدت حب الحياة والحلم والطموح والفن، وكأنها أصيبت بشلل تام. «كل عمري أفصل بين حياتي الشخصية وعملي، ولكن الذي حصل معي حطمني. وأصبح هاجسي هو شفائي العاجل، وهذا الشيء استغرق مني 4 سنوات. وأتمنى أن يأتي اليوم الذي أتصالح فيه مع هذه الفترة من حياتي».

وفي عرضها لأشهر حملها التسعة بمولودها الثاني تحاول ميريام استخدامها كفترة علاج لتشفى من جروحها. يصل المشاهد إلى الشهر الأخير، وكأنه موعد الفرج وعودة الحياة إلى طبيعتها، وهو بالفعل ما توضحه ميريام في سياق العمل.

موضوعات مختلفة تتطرق إليها ميريام فارس في الفيلم، محاولة من خلالها أن تحمل الرسائل التوعوية اللازمة للمرأة. فتتطرق إلى جملة من بينها ما يأخذ الطابع الشخصي والوطني والسياسي والبيئي والتربوي وغيرها. فاختيارها من قبل منصة نتفليكس، كأول فنانة عربية ينتج فيلم وثائقي عنها، كان بمثابة إعادة حسابات لميريام. فاستعرضت شريط حياتها في فترة زمنية معينة، واستخرجت منها العبر كي توصلها إلى مشاهديها لا سيما النساء منهم.

انتقادات كثيرة طالت فيلم «الرحلة» (The journey) لميريام فارس، وبينها ما تطرق إلى فراغه من المحتوى الجيد. فيما انصبت غالبية الانتقادات على أسلوب حياة مرفهة تعيشه، لم يكن من الضروري أن تضعه تحت الضوء والمبالغة في تبيانه.

ولكن ترى فارس أنّ فيلمها يحقق النجاح تلو الآخر، ويحتل المراكز الأولى بنسب مشاهدته في لبنان والأردن والسعودية والمغرب العربي، منذ إطلاقه على المنصة في 3 يونيو (حزيران) الجاري، وهو ما يواسيها. فكلام الناس الجارح تجاه أي فنان هو أمر طبيعي برأيها. ولكن في المقابل هناك دائماً الشريحة التي تبدي إعجابها بالفنان، وتتمثل بتصرفاته وتعشق أغانيه، فيصبح جزءاً من يومياتها.

وتعلق: «في النهاية لا يوجد شيء كامل بلا هفوات أو غلطات».

وربما رغبت ميريام من خلال إظهار حياتها المرفهة أسوة بغيرها من النجوم العرب والغربيين، أن تؤكد أنّ الحياة يمكنها أن تقسو على أي شخص مهما علا شأنه، وحقق النجاحات. فهي لا تفرق بين عامل بسيط ونجم مشهور، وعندما تنزل ضرباتها عليه تتحول الدنيا إلى غدارة، تماماً كعنوان الأغنية التي قدمتها في ألبومها الجديد وفي هذا الفيلم. فكل هذه الرفاهية التي تعيشها لا تساوي غمرة حنان لابنها جايدن، وابتسامة بريئة على ثغر مولودها الجديد دايف، كما تلمّح ضمن أحاديثها في الفيلم.

كان يمكن للفيلم أن يحمل عنوان «ولادة الأمل»، لأنّ نهايته تحمل على التفاؤل وعودة ميريام فارس إلى حياتها الطبيعية بعد أن رزقت بمولودها الجديد دايف. فكل العذاب والمعاناة التي يتابعها المشاهد، تختتمه الفنانة اللبنانية بحفنة من الفرح والأمل. وهي أيضاً واحدة من رسائلها المباشرة لمشاهدها، إذ تشدد على ضرورة التحلي بالأمل في كل المصاعب التي نواجهها في حياتنا.