Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر October 3, 2018
A A A
الرئيس عون وسعيد فريحه بين الذكرى والذاكرة
الكاتب: إلهام سعيد فريحة - الأنوار

يا لهذا التاريخ من مصادفاتٍ، والمصادفاتُ التي نَحن في صددِها هي هذا النضال، كلٌّ من موقعه وزاويته، بين الرئيس العماد ميشال عون، والغائب الحاضر سعيد فريحه… كان ذلك منذ ستين عاماً:

ميشال عون في المدرسة الحربية عام 1958 وسعيد فريحه في “مدرسة الأنوار” عام تأسيسها عام 1959.

أكتبُ هذا التصادف، ونحن على أبوابِ العام الستين على المناسبتين اللَتين فيهما من المحطاتِ المشتركةِ، من نضالٍ وكفاحٍ ومواجهةِ صروفِ الدهرِ ومعاندةِ قساوةِ الحياةِ وشظفِ العيشِ، وصولاً إلى بناء الصروح:

الرئيس العماد ميشال عون بنى صرْحَ “التيار الوطني الحر” العابر للطوائفِ والمذاهبِ والمناطق.

والراحلُ سعيد فريحه بنى “التيار الصحافي المتحرر” منذ القلمِ الأولِ والكلمةِ الأولى حتى الرمقِ الأخير.

هذا “النضالُ” بين الرئيسِ العماد و”عميد العصاميين” هو الذي جعلَ الرئيسَ ميشال عون يعبِّر عن صدقِ مشاعرِه تجاهَ “دار الصياد” مِنْ خلال الإتصال الذي أجراه بكاتبةِ هذا المقال.

الرئيسُ عون نوَّه بالإرثِ الذي تركَه المؤسس سعيد فريحه، وأسفَ لما آلتْ إليه حالُ الصحافةِ الورقيةِ في لبنان أخيراً، “بعدما كانت رائدةً وشكَّلت صورةً مشرقةً لعقودٍ حفلتْ بأقلامِ كتّاب وصحافيين جعلتْ من لبنان وطنَ الحقيقةِ والكلمةِ، ورفعتْ الصحافةَ إلى مرتبةِ السلطةِ الرابعة”. واعتبرَ رئيسُ الجمهورية أنَّ الحريةَ الإعلاميةَ “شكلتْ الرأيَ العامَ في لبنان وعرفتْ كيفَ تجعلُ منه حكماً ومشاركاً في بناءِ الوطن”.

رئيسُ الجمهورية “عبَّر عن تضامنِه مع “دار الصياد” التي، بحسبِ “بيان رئاسة الجمهورية” ودَّعتْ قراءَها وغابتْ عن الصدورِ، بمختلف مطبوعاتها، بعد مسيرةٍ تخطَّتْ الستةَ وسبعينَ عاماً من النجاحِ على الرغم من الظروفِ القاهرةِ التي مرَّ بها لبنان على مدى سنوات، وواكبتْ خلالَها أهمَّ الأحداثِ اللبنانيةِ والعربيةِ والدولية”.

رئيسُ الجمهورية العماد عون، بهذا الكلام المعبِّر والمؤلِم، “يفتحُ جروح” الذَاكرة منذ مطلعٍ ثمانيناتِ القرن الماضي حين كان قائداً لقطاعِ عين الرمانة – الشياح، ثم قائداً للواءِ الثامن، ثم قائداً للجيش.

“دار الصياد” وتحديداً “الأنوار”، واكباه إنطلاقاً من مواكبةِ الشرعيةِ، في كلِّ محطاتِها ومواقعِها، كِيف لاَ وسعيد فريحه حين أسس “الأنوار”، رفع شعاراً لها على أن تكون “صحيفة القارئ”، وعلى أن تكونَ “جريدةَ لبنان والوحدةِ الوطنية والأخوةِ العربية” وعلى أن يكون “الخبرُ الصادقُ” شعارهَا والإتِجاهُ الوطنيُ السليمُ ركيزتَها ورصيدَها عند الناس.

هل اندثَرَ كلُّ شيء؟

بالتأكيد لا.

سعيد فريحه باقٍ، إرثُه باقٍ… في الأيام الأخيرة، وحينَ شاعَ خبرُ توقفِ “الأنوار” وسائرِ مطبوعاتِ “دار الصياد” التسع عن الصدورِ، فتحَتْ الذاكرةُ خزائنَها لدى جميعِ مَن عرفوا وواكبوا سعيد فريحه، ولدى كثيرين ممّنْ قرأوا له، ليتبَّينَ أنَّ سعيد فريحه حاضرٌ في ذاكرة الصحافةِ اللبنانيةِ ووجدانِ اللبنانيين أكثرَ بكثيرٍ مما يعتقد البعض. هذه الذكرى وهذا الحضورُ هما الكنزُ الذي يجبُ الحفاظُ عليه بأهدابِ العيونِ ورجفةِ القلوبِ ونبضةِ الأقلام.