Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر January 14, 2020
A A A
الرئيس عون أمام السلك الديبلوماسي: علامات استفهام كبرى ازاء اللامبالاة الدولية تجاه أزمة النازحين

اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنه “لمن الملفت اعتبار قداسة البابا فرنسيس في رسالته لليوم العالمي للسلام أن “السلام هو طريق الرجاء”، رجاء مشترك بين الشعوب في وجه الحروب والاضطهاد واللاعدالة؛ فالرجاء هو جوهر إيماننا، ونحن نرقد تحت التراب على رجاء القيامة”.
وقال في كلمة ألقاها من القصر الجمهوري في بعبدا لدى استقباله اعضاء السلك الديبلوماسي: “ليت المتحكمين بمفاصل السلام العالمي يلتفتون الى هذه الحقيقة عند اتخاذهم قرارات قد تهدّد السلم والاستقرار في بقع مختلفة من عالمنا”، لافتاً الى أنه إذا كان العالم كما يقول قداسة البابا “لا يحتاج الى كلمات فارغة بل الى صانعي سلام منفتحين على الحوار” فلا شك أنّ البابا فرنسيس هو أولهم وأشجعهم، وله في قلوب اللبنانيين كل التقدير والمحبة”…
وشدد على أن عوامل عدة تضافرت، منها ما هو خارجي ومنها ما هو داخلي، لتنتج أسوأ أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية ضربت لبنان..!!
واوضح أن التظاهرات شكّلت وخصوصاً في بداياتها، فرصة حقيقية لتحقيق الإصلاح المنشود لأنها هزّت المحميات الطائفية والسياسية وقطعت الخطوط الحمر وباتت المحاسبة ممكنة، وأعطت دفعاً قوياً للقضاء فتحرك في أكثر من اتجاه، وأقرت الحكومة السابقة ورقة اصلاحات كان يستحيل اقرارها في السابق”…
واضاف: “بذلتُ جهوداً كبيرة للمعالجات الاقتصادية ولكنها لم تأتِ بكل النتائج المأمولة لأن الوضع كان سيئاً والعراقيل كثيرة. وقد أدّى الضغط الاقتصادي المتزايد الى نزول الناس الى الشارع بمطالب معيشية محقة وبمطلب جامع لكل اللبنانيين وهو محاربة الفساد”…
ولفت الى أنه سعى بقوة لعودة المالية العامة لكنف الدستور وقانون المحاسبة العمومية، فأُقرّت ٣ موازنات بعد ١٢ عاماً على انقطاعها وعلى الصرف العشوائي المخالف للدستور.
وكشف انه منذ بداية هذا العهد، شكل الوضع الاقتصادي الهم الأكبر، فكان إقرار مراسيم استخراج النفط والغاز البند الأول في الجلسة الحكومية الأولى، وتم وضع خطة اقتصادية وطنية شاملة، وأُقرت مشاريع لتحديث البنى التحتية، تمويلها من الجهات المانحة في مؤتمر سيدر، إلا أن الخطط بقيت من دون تنفيذ.
واشار الى ان لبنان يدفع اليوم ثمن تراكم ثلاثين عاماً من سياسات اقتصادية ومالية خاطئة اعتمدت على الاقتصاد الريعي والاستدانة، على حساب الإنتاج خصوصاً في ميدان الصناعة والزراعة، إضافة الى فساد وهدر في الإدارة على مدى عقود…
وقال: “حروب الجوار حاصرت لبنان وأغلقت بوجهه مدّه الحيوي وأسواق التصدير، كما أفرزت أثقل أزمة على اقتصاده المنهك، وأعني أزمة النزوح التي أدخلت إليه ما يقارب نصف عدد سكانه الأصليين. وليكتمل المشهد جاء الحصار المالي، فحدّ من انسياب الأموال من الخارج، وتسبب بأذى كبير للاقتصاد وللسوق المالية”.
واضاف: “إن محاولات استغلال بعض الساسة للتحركات الشعبية أدت الى تشتت بعضها، وأفقدتها وحدتها في المطالبة بالتغيير؛ كذلك نمط الشائعات المعتمد من بعض الإعلام وبعض المتظاهرين، حرف بعض الحراك عن تحديد الفساد بصورة صحيحة.. ولا زلت أعول على اللبنانيين الطيبين في الشوارع والمنازل لمحاربة الفساد”.
ورأى الرئيس عون أن الجيش والقوى الأمنية تعاملوا بحكمة كبيرة مع الحركة الشعبية، فأمّنوا أمن المتظاهرين وسلامتهم، وحفظوا حريتهم في التعبير، كما سعوا للمحافظة أيضاً على حرية المواطنين وحقهم في التنقل والذهاب الى أعمالهم ومنازلهم، معتبراً أن الوضع الحالي في لبنان فاقم الأزمة الاقتصادية كما انعكس سلباً على الأمن، وقد أدى الى ارتفاع معدل الجريمة بجميع أنواعها بعد أن كنّا حققنا تقدّما لافتاً في خفضه في العامين المنصرمين.
وأوضح أنه لقد كانت ولادة الحكومة منتظرة خلال الاسبوع الماضي، ولكن بعض العراقيل حالت دون ذلك. وعلى الرغم من أننا لا نملك ترف التأخير، فإن تشكيل هذه الحكومة يتطلّب اختيار أشخاص جديرين يستحقون ثقة الناس والمجلس النيابي مما تطلب بعض الوقت، كما انه المطلوب حكومة لديها برنامج محدد وسريع للتعامل مع الأزمة الاقتصادية والمالية الضاغطة، ومجابهة التحديات الكبيرة التي تواجه لبنان وكل المنطقة. وسنبقى نبذل كل الجهود الممكنة للتوصل الى الحكومة الموعودة، مقدّمين المصلحة الوطنية العليا على أي اعتبار آخر.
واعتبر انه لا تزال أزمة النزوح تضغط على جميع الصعد في وقت لم يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لا في دعم العودة ولا في دعم لبنان للتخفيف من تأثيرها، فقدم بعض المساعدات للنازحين لم ينل لبنان منها إلا القليل، مع كلام الإطراء للدور الإنساني الذي يقوم به، وكلام سياسي عن ربط العودة بالحل السياسي.
وقال: “لقد تفهمنا أسباب النزوح وقدمنا كل ما يمكن من تعاون ومساعدة لسنوات، ولكننا اليوم لا نفهم المواقف الضاغطة لعرقلة العودة ويحق لنا رسم علامات استفهام كبرى تجاه هذه اللامبالاة الدولية، خصوصا بعدما حملت هذه الأزمة الى جميع المنابر الدولية والعربية، شارحا كل أعبائها وتداعياتها على لبنان”.
وجدّد الرئيس عون تمسّكه بمبدأ تحييد لبنان عن مشاكل المنطقة وإبعاده عن محاورها لإبعاد نيرانها عنه من دون التفريط بقوته وحقه في المقاومة وقيام استراتيجية دفاعية تعزّز هذه الفرصة بالتفاهم بين كل اللبنانيين.
ولفت الى أن “قدر لبنان ورسالته أن يكون أرض سلام وحوار وتسامح ولذلك وجب الحفاظ على الاستقرار والتعايش فيه؛ من هنا تمسّكنا بالقرار 1701 وبالقرارات الدولية والشرعية الدولية القائمة على العدالة والحق بتأمين استعادة حقوقنا وأرضنا ومنع التوطين في لبنان وشهد عام 2019 محطات دولية مهمة للبنان، منها تكريسه مساحة تلاق وحوار بين الحضارات والديانات من خلال التصويت في الأمم المتحدة على إنشاء أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار؛ وأيضا استضافته للمقر الاقليمي للمنظمة الدولية للفرنكوفونية في الشرق الأوسط والذي سيتم افتتاحه خلال العام الحالي”.
واستطرد قائلاً: “ثمة مؤشرات إيجابية مع بدء لبنان أعمال التنقيب عن ثرواته في مياهه الإقليمية، وهنا نجدد التأكيد على تمسكنا بحقنا باستثمار كافة حقولنا النفطية، ورفضنا لأي محاولة إسرائيلية للاعتداء عليها، وتشديدنا على ضرورة تثبيت الحدود البرية وترسيم البحرية لما للأمر من فائدة على الاستقرار والهدوء”.