Beirut weather 15.41 ° C
تاريخ النشر January 17, 2025
A A A
الرئيس عون لماكرون: لبنان الحقيقي الأصيل قد عاد
شدد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون على أهمية تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وإنسحاب إسرائيل من كافة الأراضي التي لا تزال متواجدة فيها ضمن المهلة المتفق عليها في الاتفاق، ووقف انتهاكاتها الفاضحة له. كما اكد على أهمية إعادة الاسرى واعمار القرى والمناطق التي تهدمت جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان.
واعتبر الرئيس عون ان الاتفاق بشأن غزة لا بد ان يحقق نقلة نوعية اذا التزمت به إسرائيل، لافتا الى انعكاس المستجدات الأخيرة في سوريا على الوضع الشرق اوسطي عموما، وعلى لبنان بشكل خاص لجهة ضبط الحدود ومنع تسلل الأشخاص بصورة غير شرعية والعمل من اجل إعادة النازحين السوريين. وإذ شدد على أهمية العلاقات اللبنانية -الفرنسية لان “ما يجمع بين لبنان وفرنسا الى الروابط التاريخية العميقة، قيم إنسانية وحضارية وثقافية وتربوية”، فإنه تمنى عودة شركة “توتال” للتنقيب عن النفط في البلوكات البحرية اللبنانية.
بدوره، اكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على ان فرنسا التي كانت الى جانب لبنان ملتزمة بالبقاء الى جانب اللبنانيات واللبنانيين، لكي تساعد رئيس الجمهورية في النجاح على الطريق الذي يسير عليه. فإن ما يجسده ضروري، كونه طريقا جديدا وعهدا جديدا”.
وأضاف: نحن ندعم رئيس الجمهورية، وندعم اولا اهدافه القائمة على تحقيق سيادة لبنان وقيام دولة تفرض سيادتها على كامل أراضيها، وهو ضروري للغاية، إذ أنه يشكل الشرط لحماية لبنان من التدخلات والاعتداءات المختلفة، في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة تحولات كبرى، كما يشكل الشرط المطلوب لتثبيت إتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، ويتوجب إنسحاب كامل للقوات الإسرائيلية، وسيطرة أحادية للجيش اللبناني على السلاح. لهذا فإن فرنسا مع تقوية الجيش اللبناني وإنتشاره في الجنوب.
وكشف ان فرنسا اعدت مركزا جديدا للتدريب لنحو 500 عنصر من الجيش اللبناني، وستواصل العمل مع شركائها الأوروبيين وفي الشرق الأوسط ضمن اطار اللجنة العسكرية التقنية في هذا المجال.وشدد على محورية دور اليونيفيل في تطبيق القرار 1701 الذي يستند اليه قرار وقف إطلاق النار، وان فرنسا ستعمل مع لبنان من اجل ترسيم  الخط الأزرق للخروج بحل مستدام لمصلحة أمن الجميع.
ولفت الى ان الإصلاحات المطلوبة معروفة، وعلى الحكومة التي ستشكل ان تحملها وهي غير منفصلة عن همّ إعادة الاعمار، وفرنسا ستساعد على تحقيقها.
وأوضح انه ما ان يزور رئيس الجمهورية فرنسا بعد عدة أسابيع، سيتم تنظيم مؤتمر دولي من اجل إعادة الاعمار وتحريك المجتمع الدولي في هذا الاتجاه.
وتوجه الى المعرقلين لتشكيل الحكومة بالقول: ” لم يعد الوقت من اجل المصالح الفردية”.
وصول الرئيس الفرنسي
مواقف الرئيسين عون وماكرون جاءت خلال القمة اللبنانية -الفرنسية التي انعقدت بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا.
وكان الرئيس ماكرون وصل عند الواحدة والنصف بعد الظهر حيث استعرض في الباحة الخارجية، ثلة من الحرس الجمهوري أدت له التحية وعزفت موسيقى الجيش النشيد الفرنسي. وقد استقبله الرئيس عون عند مدخل بهو القصر، ودخلا معاً وسط صفين من الرمّاحة الى مكتب الرئيس ليعقدا لقاء ثنائيا.
لقاء ثنائي
في مستهل اللقاء، رحب رئيس الجمهورية بالرئيس ماكرون، شاكرا له إهتمامه الدائم بلبنان، منذ توليه سدة رئاسة الجمهورية الفرنسية، بشكل متواصل، جاعلا من هذا الاهتمام احد أولويات السياسة الخارجية الفرنسية. واعتبر الرئيس عون ان ما يجمع بين لبنان وفرنسا، الى الروابط التاريخية العميقة، قيم إنسانية وحضارية وثقافية وتربوية يتشاركان بها ويدافعان عنها.
وقال الرئيس عون: ” أدرك تماما عمق محبتكم للبنان واللبنانيين الذين يذكرون بشكل خاص زيارتيكما إثر إنفجار مرفأ بيروت ولمناسبة مئوية لبنان الكبير. وهم يشكرونكم على مساعيكم المبذولة، سواء عبر موفدكم الخاص الى لبنان الوزير جان إيف لودريان او من خلال اللجنة الخماسية للمساعدة في إنهاء الشغور الرئاسي وإنتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعد فترة شغور طالت وتفاقمت فيها التحديات.”
 أضاف رئيس الجمهورية: “لا يغيب عن بالي مدى تمسككم بدور لبنان ورسالته في محيطه والعالم، كملتقى تعدديات تعمل معا على إرساء حضارة مشتركة، على الرغم من جسامة الصعوبات. وهذا ما أكدتم عليه مرارا واعتباركم ان هذا الأمر ليس بوهم ولا أوتوبيا. ولا انسى حرصكم الدائم على إيلاء الشأن الاقتصادي اللبناني الدعم الكامل المتعدد الأوجه للمساهمة في نهضة البلاد، وأتمنى منكم للمناسبة، الايعاز الى شركة “توتال” بالعودة لمواصلة عمليات التنقيب عن النفط في البلوكات النفطية البحرية اللبنانية”.
  وتطرق رئيس الجمهورية مع نظيره الفرنسي الى الوضع الراهن في الجنوب، مشددا على أهمية تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وإنسحاب إسرائيل من كافة الأراضي التي لا تزال متواجدة فيها ضمن المهلة المتفق عليها في ضمن هذا الإتفاق، وضرورة وقف إعتداءاتها وتعدياتها المتمادية في بعض القرى الجنوبية، ما يشكل إنتهاكا فاضحا للإتفاق. كما شدد على أهمية إعادة الاسرى، فضلا عن إعادة اعمار القرى والمناطق اللبنانية التي تهدمت جراء العدوان الإسرائيلي الأخير.  ونوّه الرئيس عون بالدور الذي تقوم به قوات اليونيفيل في الجنوب، مشددا على أهمية المشاركة الفرنسية فيها، ومحييا التضحيات التي قدمتها الكتيبة الفرنسية على تراب لبنان الجنوبي.
وتناول الحديث الوضع في منطقة الشرق الأوسط، حيث اعتبر الرئيس عون أن الاتفاق الذي تم التوصل اليه في غزة، لا بد من أن يحقق نقلة نوعية إذا ما إلتزمت به إسرائيل، على الا يشكل فقط إضافة الى سلسلة اتفاقات تم التوصل إليها وحالت الإنتهاكات الإسرائيلية دون تحقيق أهدافها، ففاقمت الأوضاع صعوبة. وشدد رئيس الجمهورية، على أنه آن الأوان لوضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني وفقا لقرارات الشرعية الدولية، والعمل الجدي لإقامة الدولة الفلسطينية وفق مقررات قمة بيروت العربية في العام 2002.
وعرض رئيس الجمهورية مع الرئيس الفرنسي المستجدات الأخيرة التي حصلت في سوريا ومدى انعكاسها على الوضع الشرق اوسطي عموما، ولبنان على وجه الخصوص، لا سيما لجهة ضبط الحدود بين البلدين ومنع تسلل الأشخاص بصورة غير شرعية، والعمل من اجل إعادة النازحين السوريين الى بلادهم.
وأشار الرئيس عون الى تطلعه للقاء رؤساء دول الإتحاد الأوروبي، بعد تشكيل الحكومة، وتلبية الدعوة التي وجهها إليه في هذا المجال رئيس الجمهورية القبرصية اثر انتخابه، مشيرا الى ان ما يجمع لبنان وأوروبا شراكة من الواجب تفعيلها في مختلف المجالات التي يمكن للبنان والإتحاد الأوروبي الافادة المشتركة منها.
اما الرئيس ماكرون فقد اكد وقوف فرنسا الى جانب لبنان وعزمها على تفعيل التعاون في المجالات كافة، وتقديم المساعدات إضافة الى دعوة دول الاتحاد الأوروبي الى المشاركة في إعادة النهوض. كما ستولي باريس اهتماماً بالوضع في الجنوب، وصولاً الى تثبيت وقف اطلاق النار وتأمين انسحاب الجيش الإسرائيلي.
مؤتمر صحافي
ثم عقد الرئيسان عون وماكرون مؤتمرا صحافيا تحدث في بدايته الرئيس عون فقال:
“السيد الرئيس،
السيدات والسادة في الوفد المرافق،
شهيرةٌ مقولةُ الجنرال ديغول، “أنّ في عمق كل فرنسي، شيئاً من لبنان”.
ونحن في المقابل نقول، بأنّ في قلبِ كلِ لبناني، وفي عقلِه ووجدانِه ولغتِه اليومية وتاريخِه الحيّ وثقافتِه المبدعة … الكثيرَ الكثيرَ من فرنسا. فها هو وادي لامارتين جارُنا هنا. وها هو ترابُه الذي احتضنَ شقيقتَه جولي . وها هي دراساتُ إرنست رينان، التي حفظت تراثَنا وتاريخَ بلادِ الأرز .  وقبلهما بقرون، وبعدهما أيضاً، كنا معاً وبقينا معاً… نتبادلُ أنوارَ الحرية والحداثة، من أجل خيرِ إنسانِنا وخيرِ العالم.
ولم يبخلْ لبنان. ولم يجحَدْ ولم يتكاسلْ. فردَّ جميلَ فرنسا بكلِ ما هو جميل.  من “مهاجِرِ” جورج شحادة إلى “صخرةِ” أمين معلوف …  ومن أنامل غبريال يارد وأوتارِ ميكا إلى ترومبيت معلوفٍ آخر هو إبراهيم …  وما بين هؤلاء من نتاجِ الكبار أدبياً وفنياً وعلمياً وفي كل مجال: أندريه شديد وصلاح ستيتيه… فينوس خوري ورينيه حبشي وجو مايلا… والعشرات الذين أغنوا إنسانَنا والثقافة … فما بين بلدينا وشعبينا، يُشبهُ هذا البحرَ الذي بيننا. مدٌ وجزرٌ جمعانا، “من يوم اللي تكوّن يا وطني الموج”، كما تغني سيدتُنا فيروز …
فيروز التي قمتم بزيارتِها عزيزي إيمانويل، يومَ كان لبنانُ يتألم.  وتعودون اليومَ لزيارتنا، ولبنانُ يأمَلُ ويحلُم.
فعلى مدى الأعوام الأخيرة، دفعَ شعبي الكثير، من دمائه ومن حجره، من أبنائه ومن ثرواتهم، لكننا فعلاً – لا شِعراً –  شعبُ الفينيق.
وها نحن قد انبعثنا أحياءَ. لأننا أبناءُ الحياة وأبناءُ الرجاء وأبناءُ القيامة. ولأنّ فينا شيئاً لا ينتهي ولا يَفنى. هو خصوصيةُ حياتِنا. وقدرتُنا الفريدة على اختراع الفرح المستدام.
السيد الرئيس، تأتون اليومَ لتهنئتنا. وأنتم تدركون أنّ التهنئة هي للبنان. ولكلِ لبناني. للذين صمدوا وناضلوا وتمسكوا بوطنِهم وأرضهم. للذين عادوا إلى بيوتهم المدمرة أمس، وهم يبتسمون للغد. وللذين رحلوا وعيونُهم علينا. أو سافروا، وأيديهم على حقيبةِ العودة، ينتظرون … وننتظرُهم.
قد يطولُ الكلامُ عما يحتاجُ إليه وطنُنا الآن. في السياسةِ والاقتصادِ والأمنِ وشتى المجالات. لكنني اليوم، باسمِ شعبي، وباسمي شخصياً، أتمنى منكم السيدَ الرئيس أمراً واحداً فقط: أنْ تشهدوا للعالم كلِه، بأنّ ثقةَ اللبنانيين ببلدِهم ودولتِهم قد عادت، وأنّ ثقةَ العالمِ بلبنانَ يجب أن تعودَ كاملة. لأن لبنانَ الحقيقي الأصيل قد عاد.  أما الباقي كلُه، فنحن وأنتم وأصدقاؤنا في العالم، قادرون عليه.
السيد الرئيس، يقولُ الكاتبُ الفرنسي جان جينيه (Genet)، قوله مرة عنا، “إنّ لبنانَ بلدٌ نتعلمُ فيه كيف نعيش، وخصوصاً كيف نموت”.
اليومَ أقولُ لكم، إننا أنجزنا القسمَ الثاني من هذا التعليم، نهائياً وإلى غير رجعة. ومن الآنَ فصاعداً، نحن طلابُ الحياة لا موت فيها.
السيد الرئيس، أهلاً بكم وبصحبكم في بيروت الحية أبداً.
عاشت فرنسا عاش لبنان. “
كلمة الرئيس ماكرون
بعدها تحدث الرئيس ماكرون فقال:
“السيد الرئيس، أيها العزيز جوزف،
شكرا جزيلا على استقبالكم لنا هنا في قصر بعبدا، وشكرا لكلماتكم تجاه فرنسا. انا سعيد لأكون هنا مجددا. وهي فرحة كبرى تخالجني مع الكثير من التأثر، بعد اربع سنوات على زيارتي الأخيرة للبنان، إثر الإنفجار المأساوي الذي طاول مرفأ بيروت. اربع سنوات ما توقفت عن مساندة لبنان في الساعات الصعبة. أربع سنوات لا يمكن نسيانها. وللتو عشت لحظات قوية حيث كنت وسط اللبنانيات واللبنانيين الذين ينادون بالعدالة ويبكون جرحاهم ومن فقدوهم. لقد لمست الآن قوة هذه الرسالة وهذا اللبنان الذي يستمر، والذي تجسدون الأمل فيه.”
  وتابع:” فخامة الرئيس، إن انتخابكم لسدة رئاسة الجمهورية في 9 كانون الثاني، بأكثرية أصوات النواب في المجلس النيابي، انهى قرابة سنتين من الشغور الرئاسي. كذلك، فإنه من خلال تكليف رئيس جديد للحكومة السيد نواف سلام، بأغلبية واسعة، تم التأكيد على رغبة التغيير، فوضع لبنان على سكة النهوض. ومن ذاك التاريخ الموافق 9 كانون الثاني، وفي قلب الشتاء، ظهر الربيع من جديد. وأنتم تشكلون هذا الأمل، والرئيس المكلف يجسده أيضا. من هنا، فخامة الرئيس، فإن فرنسا التي كانت الى جانب لبنان الحبيب في الظروف الصعبة، ملتزمة بالبقاء الى جانب اللبنانيات واللبنانيين، لكي تساعدكم في النجاح على الطريق الذي تسيرون. إن ما تجسدونه ضروري، كونه طريقا جديدا وعهدا جديدا.”
وقال: “انا اعرف مدى إصراركم، وأعرف أنكم لن تتركوا هذا الأمل الذي يبزغ، يضيع في الرمال المتحركة للتسويات. وكما قلتم في خطابكم امام المجلس النيابي، هذه هي ساعة الحقيقة: ساعة مرحلة جديدة، ساعة تغيير في التصرف السياسي وفي العودة الى فكرة الدولة لمصلحة الجميع. إن فرنسا والمجتمع الدولي بأسره، الذي سأواصل تحريكه كما فعلت دائما لوحدي أحيانا، خلال السنوات المنصرمة، في موقف الداعم لكم. هي أيام قليلة في آب من العام 2020 وكنت الى جانبكم، عملت على إحياء موجة تضامن دولي لمساعدتكم على إعادة الإعمار. وكنت اليوم شاهدا على العمل الإستثنائي الذي قام به العديد من المنظمات غير الحكومية، والعديد من اللبنانيين واللبنانيات الذين اعادوا الإعمار وقاوموا. كما اننا قمنا بتحريك المجتمع الدولي في الأشهر المنصرمة، لا سيما عندما عادت الحرب مجددا الى بلادكم، وتعرضتم الى الغارات الرهيبة الخريف المنصرم وبداية الشتاء. وقمنا بتأمين المساعدات الإنسانية وبدعم القوى المسلحة اللبنانية. نعم، في هذه اللحظة التي نعيشها، نحن ندعمكم، وندعم اولا اهدافكم القائمة على تحقيق سيادة لبنان وقيام دولة تفرض سيادتها على كامل أراضيها. هذا باعتقادي الهدف الأول الذين تعملون له، وهو ضروري للغاية، إذ أنه يشكل الشرط لحماية لبنان من التدخلات والاعتداءات المختلفة، في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة تحولات كبرى. كما يشكل الشرط المطلوب لتثبيت إتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل. ونحن نعلم، وفق ما عملنا عليه مع الرئيس الأميركي جو بايدن في 26 تشرين الثاني المنصرم، ان وقف إطلاق النار هذا قد وضع حدا لسلسلة جولات من العنف احدثت آلاما جمّة للمدنيين على طرفي الحدود، كما أدت الى نزوح اكثر من مليون وثلاثمئة الف مواطن في لبنان، إضافة الى نحو 4000 قتيل. وشكّل الإتفاق نجاحا ديبلوماسيا، فيما ساهم في إنقاذ حياة مواطنين، وعلينا العمل من أجل تثبيته. إن آلية مراقبته التي تشكل فرنسا جزءا منها ومن واجبها تأمين تطبيق حازم للإلتزامات التي أخذتها السلطات الإسرائيلية واللبنانية على عاتقها من ضمنه، وذلك ضمن المهل الواردة في متنه. ولقد اطلعت هذا الصباح من القيادتين الفرنسية والأميركية على ما تم إنجازه حتى الساعة، حيث تم إنسحاب إسرائيلي في القطاع الغربي، ولكن يجب ان تتسارع وتيرة التطبيق وتتثبت أكثر زمنيا. كما انه يتوجب إنسحاب كامل للقوات الإسرائيلية، وسيطرة أحادية للجيش اللبناني على السلاح. لهذا فإننا مع تقوية الجيش اللبناني وإنتشاره في الجنوب اللبناني. إن القوى المسلحة اللبنانية تشكل ركيزة لسيادة لبنان، ويعود لها الدور الذي لا يستغنى عنه لفرض احترام تطبيق وقف إطلاق النار. من هنا وجوب تسريع التطويع في هذه القوى، وتدعيم المساعدة الدولية لجهة التجهيز والتدريب والدعم المالي. وانتم تعلمون حجم الدعم الفرنسي، كما أعلم ان اصدقاءنا في المملكة العربية السعودية وقطر جاهزون لتقديم المزيد، وانا أتمنى مضاعفة هذا الدعم. وعلى أي حال فإن فرنسا اعدت مركزا جديدا للتدريب لنحو 500 عنصر من الجيش اللبناني.
وتابع الرئيس ماكرون: ” سنواصل العمل مع شركائنا الأوروبيين وفي الشرق الأوسط ضمن اطار اللجنة العسكرية التقنية في هذا المجال. ان الاتحاد الأوروبي سيعلن قريبا عن جهد إضافي مزدوج لمصلحة القوى العسكرية وقوى الأمن الداخلي بمقدار 130 مليون يورو للعام 2025. كما انه من الواجب تدعيم قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان لكي يكون بإستطاعتها ممارسة الدور الملقى على عاتقها. وفي هذا الاطار، فإن الأمين العام للأمم المتحدة هو الآن في الناقورة لمناقشة هذا الأمر، وسوف التقي به بعد لحظات لهذه الغاية.”
 وقال: “ان الجهود مبذولة مع الدول المساهمة من خلال قوات لها ضمن اليونيفيل، بالتعاون مع السلطات اللبنانية. وان فرنسا ستساهم بفاعلية من خلال 80 متخصص في المجال الهندسي يضافون الى ال750 عسكري فرنسي الموجودين هنا. وأريد هنا ان أثني مجددا على عمل اليونيفيل، وهو دور محوري في تطبيق القرار 1701 الذي يستند اليه قرار وقف إطلاق النار. نحن لن نتوقف عند هذا الحد بل سنعمل وإياكم من اجل ترسيم  الخط الأزرق للخروج بحل مستدام لمصلحة أمن الجميع.”
 وتابع: “لقد اعدتم التذكير، فخامة الرئيس ان السيادة لا تعني فقط جنوب لبنان. ولقد شددتم كم ان مراقبة الحدود الأخرى، ولا سيما إثر التحولات الأخيرة الحاصلة في سوريا، تشكل تحديا رئيسيا. لقد وضعتم نصب أعينكم سيطرة احادية للقوى المسلحة اللبنانية على السلاح، على إمتداد الأراضي اللبنانية، والتوصل الى إستراتيجية دفاعية وطنية. هذا هو المشروع الوحيد الذي يحول دون إعادة ظهور أنواع من الفوضى معروفة للغاية. نحن ندعم هذا المشروع، كما فعلنا ذلك في خلال مؤتمر الدعم الدولي الذي إنعقد لهذه الغاية في باريس، في شهر تشرين الأول الماضي. نعم، سندعم هذا المشروع على المدى البعيد. وهذا يؤدي الى نهضة لبنان ليتمتع بالرفاهية لمصلحة الجميع. هذا هو الهدف الثاني لإلتزامنا تجاه لبنان. يأتي في الطليعة تشكيل حكومة بأسرع وقت. والقوى السياسية هي اليوم امام ضرورة تحمل مسؤولياتها. لمواكبتكم ومواكبة الرئيس المكلف  وسنلتقي بعد قليل رئيس مجلس النواب بهدف التحرك الى جانبكم، للتوصل الى حل، وانا ممتن له..”
وتابع: ” من دون ادنى شك، ان زمن الطوارئ الإنسانية لم ينقضِ. وستسهر فرنسا من اجل الالتزام بالتعهدات التي تم التوصل اليها في 24 تشرين الأول الماضي في باريس، وان تتم ترجمتها ماديا لمصلحة الذين نزحوا عن قراهم، نتيجة الحرب. وحتى اليوم فإن اكثر من ثلثي مبلغ ال 800 مليون دولار التي تم التعهد بها.”
وقال: “وحتى الآن دفعت فرنسا 83 مليون يورو من اصل ال100 التي كانت تعهدت بها، كما قدمت حتى نهاية شهر كانون الأول 100 طن من المساعدات. ولكن، بما يتخطى هذه التقدمات، فإن المجتمع الدولي مدعو الى إستباق تقديم دعم كبير من اجل إعادة بناء البنى التحتية والمباني التي تهدمت نتيجة العدوان، وبصورة خاصة في الجنوب، حيث ان العديد من اللبنانيين الذين نزحوا، عادوا ليجدوا منازلهم وقراهم قد باتت رمادا. ولقد اثرنا المسألة مع السيد الرئيس الذي ما ان يأتي الى فرنسا بعد عدة أسابيع، فإننا سوف ننظم مؤتمرا دوليا من اجل إعادة الاعمار وتحريك المجتمع الدولي في هذا الاتجاه.”
 أضاف: “إن فرنسا ستكون الى جانبكم، مع اوروبا، والمنطقة بأسرها، لتحريك أصدقاء لبنان بهدف تحقيق هذه الغاية، وسوف تؤمّنون العناية اللازمة ليكون الاطار السياسي واضحا ولتكون طريقة توزيع هذه المساعدات وطرق إعادة الاعمار ضامنة لحكمة شفافة في خدمة الشعب اللبناني والأراضي اللبنانية.”
 اضاف: “بالإضافة الى كل هذا، فإن الإصلاحات المطلوبة معروفة. انتم تنادون بها وتدافعون عنها، وهي منتظرة من قبل مواطنيكم. من الإصلاح المصرفي الى إصلاح قطاع الطاقة ومحاربة الفساد. إن كافة هذه الإصلاحات الضرورية، على الحكومة التي ستشكل ان تحملها وهي غير منفصلة عن همّ إعادة الاعمار. وفرنسا ستكون الى جانبكم للمساعدة في تحقيقها. وادرك انكم ستعرفون اختيار مسؤولين مثاليين للقيام بها. ان مجموع هذه النقاط سوف يساهم في تحقيق الهدف الثالث الا وهو التوصل الى امّة لبنانية متصالحة وموحدة بتعدديتها. لقد ذكرتم للتو رينان والجنرال ديغول، السيد الرئيس العزيز جوزف، انهما حملا صورة فرنسا حيث المواطنة تتفوق على كافة انواع الانتماءات الأخرى. وبالواقع، فإن اقوى أنواع الانتماءات هي لجمهورية في قوامها الكوني. وما تحملونه يشكل هذا الوعد، وعد تعددية تحترم كافة الديانات والطوائف وحيث لكل احد مكانه، وفي خلق هذه التعددية تكمن إرادة خدمة الوحدة، وحدة الامة. في هذه الوحدة وهذه التعددية المتصالحة، السبيل الصحيح. ولأن لبنان يحمل في جيناته هذا الوعد، لطالما ذكرت ان وطنكم هو اكبر من ذاته لأنه يحمل بالواقع، ما هو ابعد من تلك اللحظات المظلمة التي يذكرها “جينيه” والتي ذكرتموها، انه يحمل أمكانية العيش معا في هذه المنطقة.”
 وختم بالقول: ” ان لبنان هو الوعد بأن هناك طريقا أخرى غير الانكفاء خلف التقوقع الاتني او الديني، طريق المواطنة المتصالحة. هذا هو النفس الذي تحملونه، وهذا هو الأمل الذي تدافعون عنه. وانني أتمنى بعمق ان تندرج الإصلاحات  المقبلة والمشاريع السياسية الي ستحملونها، في هذا السياق. هذا ما وددت قوله هنا، السيد الرئيس إنما حضوري هدفه شكركم وتهنئتكم. وشكر الذين انتخبوكم ، وتوجيه الثناء والتقدير للشعب اللبناني، محييا ذكرى الاف الضحايا الذين فقدهم لبنان منذ اندلاع الحرب مع إسرائيل في أيلول الماضي. وهي حرب أغرق فيها لبنان بالرغم من ارادته، من خلال لامسؤولية البعض، وواجهها اللبنانيون بتضامن مذهل، مرة جدية، لمساعدة العدد الكبير من النازحين. فلأجل توجيه التحية الى هذا الشعب الذي يتألم، منذ سنوات طوال، اتيت. ان الأمل يعلو من جديد. انتم هنا. ونحن الذين كنا الى جانبكم في الظروف الصعبة، سنكون معكم في هذا العهد الذي بدأ . وأشكركم.”
اجتماع رباعي
وبعد انتهاء اللقاء الثنائي، انضم رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى الرئيسين عون وماكرون ليعقد اجتماع موسع استمر ثلث ساعة.
كلمة في السجل الذهبي
ودوّن الرئيس ماكرون بعدها في السجل الذهبي للقصر الجمهوري العبارة التالية:
“في هذا اليوم انطلق نفس جديد كما ولد امل للبنان. ان فرنسا كانت وستبقى الى جانبكم كما دائما ولا سيما في الظروف الصعبة، وذلك من اجل سيادة ووحدة ومسؤولية الجميع لتوطيد رفاهية لبنان. ان لبنان لطالما كان اكبر من ذاته. والشكر للرئيس عون ومع كل دعم فرنسا له.”
مأدبة غداء
ثم اقام الرئيس عون مأدبة غداء على شرف ضيفه، شاركت فيها اللبنانية الأولى السيدة نعمت عون  والرئيسان بري وميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب ووزير الدفاع موريس سليم ومدير عام رئاسة الجمهورية د. أنطوان شقير والمستشارة الدبلوماسية السفيرة جان مراد.
كما شارك عن الجانب الفرنسي وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو، وزير أوروبا والشؤون الخارجية جان-نويل بارو، وزير الخارجية السابق والمبعوث الخاص لرئيس الجمهورية إلى لبنان جان إيف لو دريان، السفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو، مديرة شؤون شمال افريقيا والشرق الأوسط في وزارة أوروبا والشؤون الخارجية آن غريو، الجنرال تيري بورخاد، رئيس هيئة الأركان الخاصة لرئيس الجمهورية فابيان ماندون، المستشارون إيمانويل بون، كزافييه شاتيل، وآن-كلير ليجيندر، والمديرة العامة للعلاقات الدولية بوزارة الجيوش أليس روفو.
واستكمل خلال مأدبة الغداء التي أقامها الرئيس عون على شرف الرئيس ماكرون، الحديث في المواضيع التي تهم البلدين، ولا سيما تطوير التعاون المشترك، والوضع في الجنوب وضرورة تثبيت وقف اطلاق النار وانسحاب إسرائيل وتطبيق القرار 1701 وإعادة اعمار القرى والمنازل المهدمة.
وجدد الرئيس ماكرون تأكيده على دعم فرنسا للجيش اللبناني، وعلى دعم المؤسسات اللبنانية لا سيما تلك التي تعنى بالشؤون الإنسانية والاجتماعية والتربوية. وتطرق الحديث ايضاً الى الوضع في سوريا وانعكاسه على عدد من دول المنطقة ومنها لبنان.
لقاء الرئيس ماكرون والرئيس بري
وبعد انتهاء الغداء، عقد الرئيس الفرنسي خلوة مع الرئيس بري استمرت ثلث ساعة، غادر بعدها رئيس مجلس النواب قصر بعبدا، وقال رداً على سؤال صحافي عن إمكانية تشكيل الحكومة الجديدة بسرعة: “ان شاء الله خير”.
وعلى الأثر، غادر الرئيس ماكرون قصر بعبدا، رافقه الرئيس عون حتى المدخل الرئيسي، وتعانقا على امل اللقاء القريب في خلال زيارة سوف يقوم بها الرئيس عون الى باريس، تلبية للدعوة التي وجهها له الرئيس ماكرون.
وقبيل مغادرته، أجاب الرئيس الفرنسي على سؤال صحافي حول من يعرقل تأليف الحكومة: “ان مسؤوليتهم هي بذل جهودهم لمساعدة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على استعادة السيادة وبناء الازدهار وتحقيق الوحدة لما فيه مصلحة الشعب اللبناني. لم يعد الوقت من اجل المصالح الفردية. “

في ما يلي الكلمة الكاملة للرئيس الفرنسي باللغة الفرنسية:

Discours du Président de la République libanaise, le Général Joseph Aoun
Conférence de presse conjointe avec le Président français Emmanuel Macron
Baabda, le 17 janvier 2024

Monsieur le Président,
Mesdames et Messieurs de la délégation accompagnatrice
Une citation célèbre du Général De Gaulle dit : «Dans tout Coeur de Français digne de ce nom, je puis dire que le nom seul du Liban fait remuer quelque chose de très particulier…», et nous au retour nous disons que dans le coeur de chaque Libanais, dans son esprit, dans sa conscience, dans la langue qu’il utilise au quotidien, il y a beaucoup de choses de la France.
Il y a auprès de nous la vallée de Lamartine qui recueille dans son sol le corps de sa fille Julia.
Il y a aussi les études d’Ernest Renan qui ont préservé notre patrimoine et l’histoire du Pays des Cèdres. Nous sommes unis depuis des siècles et resterons unis partageant les lumières de la liberté et de la modernité pour le bien de l’Homme et de l’humanité.
Le Liban quant à lui n’a pas lésiné et a exprimé sa gratitude envrers la France avec tout ce qu’il possède de plus beau, de «l’émigré de Brisbane» de Georges Shehadé au «Rocher de Tanios» d’Amine Maalouf, et du doigté de Gabriel Yared, aux cordes de Mika, et à la trompette d’un autre Maalouf Ibrahim, de son prénom, et parmi ceux-là, toutes les femmes et les hommes de lettres, d’art et de Sciences, pour n’en citer que quelques uns comme Salah Steitié, Venus Khoury, René Habchi, Joe Mayla et j’en passe sur des dizaines de grands qui ont enrichi la culture et l’humanité.
Ce qu’il y a entre nos deux pays et nos deux peuples ressemble à cette mer qui nous sépare, au flux et au reflux qui nous unit depuis comme le dit Feyrouz que vous avez rencontré cher Emmanuel, le jour où le Liban était en grande souffrance.«Ô ma patrie depuis que les vagues existent..nous sommes unis…»
Vous nous rendez visite aujourd’hui alors qu’il se remet à rêver et à espérer.
Au cours des dernières années mon peuple a payé de son sang, de sa pierre, de ses fils, de leurs richesses, mais nous sommes tel le phoenix nous renaissons de nos cendres car nous croyons en la vie, en l’espérance et en la résurrection et parce qu’il y a en nous quelque chose d’indestructible, la spécificité de notre modèle et cette aptitude unique à réinventer une joie durable.
Monsieur le Président,
Vous êtes venu nous féliciter mais ces félicitations doivent s’adresser au Liban tout entier, à tous les Libanais, à ceux qui ont resisté, enduré, lutté et se sont accrochés à leur patrie, à leur terre, à ceux qui sont retournés hier dans leurs maisons détruites tout en souriant au lendemain, à ceux qui nous ont quitté et que nous pleurons et à ceux qui ont émigré en guettant l’heure du retour et que nous attendons.
Je pourrais parler longuement des besoins de mon pays en matière de politique, d’économie, de sécurité, etc. mais aujourd’hui je voudrai au nom de mon peuple et en mon nom personnel formuler un seul voeu, Monsieur le Président, c’est de temoigner au monde entier que la confiance des Libanais dans leur pays et leur Etat a été restaurée, et que la confiance du monde dans le Liban doit également être restaurée, quant au reste nous pourrons, avec votre aide et celle de nos amis dans le monde, nous en charger.
Monsieur le Président,
«Le Liban est un pays où l’on apprend à vivre et surtout à mourir» cette citation est souvent utilisée pour illustrer la complexité du Liban. Aujourd’hui je tiens à vous assurer que nous avons déjà achevé la deuxième partie de cet apprentissage et que désormais le seul apprentissage qui nous reste à faire est celui de la vie.

Monsieur le Président,
Bienvenue à Beyrouth.
Vive la France
Vive le Liban.