Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر December 18, 2016
A A A
الذعر الصهيوني بعد تحرير حلب
الكاتب: عمر معربوني- بيروت برس

f4e291a267ab9056177ce637e412eeae

ما أشبه اليوم الذي تحرّرت فيه حلب باليوم الذي تحرّرت فيه يبرود والقصير من قبلها، حيث شكّل تحريرها يومها مناسبة للندب والبكاء عند الصهاينة ومنهم رئيس شعبة التخطيط في الإستخبارات الصهيونية الذي نعى جهدًا شاركت به 15 دولة، والهدف هو إسقاط سوريا عبر مخططات وادوات تم توفير كل ما يلزمها من عتاد وسلاح وتجهيزات لخوض المواجهة واسقاط دمشق وحمص عبر سيناريوهات تم تنفيذ جزء كبير منها حينها، لكنها سقطت تحت ضربات الجيش السوري والمقاومة اللبنانية ما استدعى يومها اعادة ترتيب الأوراق لإستئناف المعركة على سوريا، وهذه المرّة عبر حلب حيث بدأت العمليات الهجومية في اوائل سنة 2014 بعد ان تمكن الجيش السوري من فتح ممر الى الأحياء الغربية المحاصرة من مدينة حلب في عام 2013 عبر عملية شق الطريق الطويل من حماه الى اثريا وخناصر والذي لا يزال حتى الآن الطريق البديل عن الطريق الرئيسي بين حماه وحلب.

قبل الخوض في نتائج تحرير حلب، لا بدّ من التذكير بأهمية تحرير يبرود وجبال القلمون من قصير الى الزبداني، فالمخططون يومها ارادوا للقصير ان تكون نقطة ارتكاز بثلاثة اتجاهات هجوم تعتمد على عمق اساسه شمال لبنان:
1-    نحو دمشق والغوطتين الشرقية والغربية.
2-    نحو البادية والمنطقة الشرقية (طريق دمشق – بغداد ودير الزور – الرقة)
3-    نحو حمص وحماه وحلب والساحل.

بعد تحرير القصير التي ادرك الجيش السوري يومها وحزب الله خطورة ما يحصل فيها بدأ التخطيط نحو اسناد دور القصير لمدينة يبرود، وتم اعتماد عرسال كقاعدة خلفية لها بديلًا عن الشمال اللبناني كقاعدة خلفية للقصير واعطاء دور مزدوج للزبداني كعقدة ربط واتصال بين القلمون والغوطة الغربية امتدادًا الى القنيطرة لتنفيذ مضمون الخطة الرابعة وهي ربط القلمون بحرمون، وهي خطة تكلمنا عنها سابقًا بإسهاب.

الواقف في سهل الزبداني يرى بوضوح قمة جبل الشيخ وسفوحه وامتداده وصولًا حتى قطنا التي شكلت مع نقاط تواجد الفيلق الأول الحاجز المنيع امام وصل الجماعات الإرهابية للمنطقة ببعضها، وهي منطقة حوض دمشق التي تمتد من مشارف وادي بردى شرقًا حتى قطنا غربًا والتي تعتبر هدفًا اساسيًا للجيش الصهيوني وكان المطلوب السيطرة عليها كمقدمة للسيطرة على دمشق.

بعد انتصارات الجيش السوري والمقاومة اللبنانية، ادرك الصهاينة بشكل اساسي ان مخططهم بدأ بالتساقط ولكن ذعرهم لم يتوقف عند كسر ارادة القتال لدى الجماعات الإرهابية وحسب بل تعداه لدراسة انعكاسات النتائج في البعد العسكري عليهم، حيث جرت المقارنة حينها بين جبال القلمون المعقدة التي استطاع الجيش السوري وحزب الله حينها تحقيق انتصارات متتالية وسريعة على الجماعات الإرهابية المحصنة والمزودة بكل امكانيات القتال وبين هضاب الجليل التي تعتبر بيئة سهلة لمقاتلي حزب الله بالمقارنة مع جبال القلمون، وهذا ما استدعى هذا الحجم من القلق والذعر لدى القادة الصهاينة اضافة الى ان حزب الله بات يمتلك عمقًا جغرافيًا مضافًا وملائمًا لتموضع الصواريخ بعيدة ومتوسطة المدى سيصعب على الطيران الصهيوني مهمة التعامل معها في اي حرب قادمة.

بعد تحرير حلب كنا امام سيل من المواقف والتصريحات الصهيونية تضمنت الكثير من المخاوف والقلق من المستقبل وانعكاساته السلبية على الكيان الصهيوني، فتحرير حلب بالنسبة للصهاينة لا يعني بكائية تنتهي مع انتهاء مفاعيل الصدمة النفسية كما الحال عند داعمي الجماعات الإرهابية من دول وحالات متعددة الأشكال، انما يشكل بالنسبة لهم منطلقًا جديدًا لسوريا قوية ومقاومة تحقق الإنتصار وتراكم الخبرات والإمكانيات على قاعدة:
1-    ان تحرير حلب سيشكل عودة لـ65 الف منشأة صناعية صغيرة ومتوسطة وكبيرة في حلب الى دائرة الإنتاج من جديد ويساهم في عودة تحقيق واردات مرتبطة بالإنتاج توازي 35% او اكثر من الإقتصاد السوري، اضافة الى التخلي التدريجي عن الحاجة للعملات الصعبة وعلى رأسها الدولار بعد اعادة تفعيل آليات الإنتاج المرتبطة بالتجارة الداخلية وتحقيق معدلات نمو بعيدًا عن ضغوط الإستيراد واعبائه ويزيد من حصانة سوريا في مواجهة الضغوط.
2-    ان تحرير حلب يشكل في البعد العسكري تشكل نقطة ارتكاز كبيرة بامكانيات هائلة ستتيح للجيش السوري وحلفائه توفير احتياطي بشري كبير يكسر من خلاله موازين القوى الحالية ويجعله يحقق انتصارات سهلة وسريعة اكثر بكثير من معركة حلب، اضافة الى اهتمام القادة الصهاينة بانماط القتال التي استخدمها الجيش السوري وحلفاؤه في تحرير مدينة حلب بوقت قياسي يخالف كل معايير المدارس العسكرية المعروفة وهو ما يزيد القلق لدى القادة الصهاينة في المجالين الإستخباراتي والعسكري، خصوصًا ان انماط القتال الجديدة غير معلومة للقادة الصهاينة وهو ما يجعلهم اكثر تشاؤمًا لفترة ليست بالقصيرة.

من حق الصهاينة ان يصابوا بالذعر وربما الهستيريا للنتائج التي وصلت اليها المواجهة في سوريا، خصوصًا انهم يعلمون ان الجيش السوري الذي اكتسب خبرات كبيرة في الحرب سيعود بعد انتهاء المواجهة الى خطوطه السابقة في محافظتي درعا والقنيطرة عاجلًا او اجلًا وهو ما بدأ القادة الصهاينة يعملون على تلافي نتائجه عليهم.