Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر February 16, 2023
A A A
الدولار يلتهم الأخضر واليابس… والفوضى تعمّ الأسواق
الكاتب: ايفا ابي حيدر - الجمهورية

سجّل الدولار في السوق السوداء أمس قفزة قياسية اضافية صباحاً، وصل فيها إلى 77 الفاً، قبل ان يعود ويتراجع قليلاً إلى 75 الفاً فـ 76 الفاً. وكان أقفل مساء الثلاثاء على 73 الفاً. حفلة الجنون هذه في ظلّ غياب أي تدبير، تبشّر بأنّ الايام المقبلة لن ترحم احداً.

جنون الدولار دفع بعدد كبير من أصحاب المحال إلى الاغلاق امس، وقطع الطرقات وحرق الدواليب، وبعض محطات المحروقات رفعت خراطيمها، فيما البعض الآخر يسعّر وفق ما يراه مناسباً، غير ملتزم بالتسعيرة الرسمية. اما المشهد من داخل السوبرماركت فلا يختلف كثيراً، الأسعار في تغيّر يومي، حتى بالكاد ترى اسعاراً معلنة أمام المستهلك. باختصار، انّها حالة من الضياع والفوضى. فالكل يريد ان ينجو وتجنّب أكبر قدر ممكن من الخسارة ليتمكن من الصمود.

ولما بات من الصعب اللحاق بالدولار لدى التسعير، عادت أمس المطالبة باعتماد تسعيرة الدولار للسلع، مع ترك الحرية للمواطن في اختيار عملة التسديد أكان بالدولار او بالليرة اللبنانية.

وقد ادّى الارتفاع المتواصل لسعر الدولار في السوق السوداء أمس، إلى إقدام اصحاب بعض محطات المحروقات إلى الإقفال، لعدم قدرتها على تكبّد المزيد من الخسارة الناتجة من الفارق في تسعيرة الدولار المعتمدة في الجدول، وتلك التي باتت عليه في السوق السوداء، لا سيما بعدما تخطّى الدولار الـ77 الفاً. فيما وجّهت نقابة اصحاب المحطات في لبنان رسالة مفتوحة إلى وزير الطاقة والمياه وليد فياض، طالبته فيها بـ«اخذ المبادرة ومن باب الضرورات تبيح المحظورات، لإصدار جدول تركيب اسعار بالدولار الاميركي على فترة محدودة لحين استقرار الاوضاع، لما فيه من مصلحة للمواطن وصاحب المحطة على حدّ سواء».

الّا انّ ردّ وزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض كان حاسماً، بأنّ الوزارة تعمل على منصّة لإصدار أكثر من جدولين في اليوم، تماشياً مع تقلّب سعر الصرف، ولكنّها لن تتوجّه إلى تسعير البنزين بالدولار ولن تخالف القانون، وعليه، فإنّ هذه المادة يجب ان تصل إلى المواطن بالليرة اللبنانية.

هذا في ما خصّ المحروقات، أما في ما يتعلق بتسعير السلع داخل السوبرماركت بالدولار، فالامر لا يزال معلّقاً لا بل قيد الدرس، وسيُعقد للغاية اجتماع خلال هذا الاسبوع بين وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال امين سلام ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، لمتابعة درس الموضوع، والإطلاع على عدة آراء حوله من قِبل خبراء اقتصاديين واصحاب سوبرماركت. فمن جانب التجار، انّ التسعير بالدولار يعدّ أكثر انصافاً للمستهلك، لأنّ الأسعار تكون أقرب إلى الواقع، الامر الذي رفضه الاتحاد العمالي العام وحال دون إقراره، رغم انّ التسعير داخل السوبرماركت يأتي وفق دولار أعلى من ذلك المعتمد في السوق، وقد بات غالبية الموردين يعتمدون دولار الـ80 الفاً لدى التسعير.

وفي السياق، يؤكّد رئيس الاتحاد العمالي بشارة الاسمر، انّ الحؤول دون السير بهذا القرار لم يكن «خطأ» ابداً، رغم كل التقلّبات التي نشهدها اليوم في اسعار الصرف.

ويقول لـ«الجمهورية»: «من يتلاعب بالتسعير باللبناني لن يعصى عليه التلاعب بتسعيرة الدولار»، كاشفاً انّ «بعض السلع المسعّرة بالدولار تُسعّر مرة ونصف المرة أكثر من سعرها الفعلي، وبالتالي حتى لو اعتُمد التسعير بالدولار داخل السوبرماركت فالتلاعب بسعر الدولار سيحصل ونحن متأكّدون من ذلك».

أضاف: «المشكلة الأساسية هي ان ليس لدينا رقابة فعلية لا على التسعير بالدولار ولا على التسعير بالليرة اللبنانية». وسأل: «من سيحدّد تسعيرة الدولار داخل السوبرماركت؟ نحن نشهد تقلّبات كل لحظة بسعر الدولار، اي تسعيرة سيعتمد صاحب السوبرماركت؟ نحن نخشى ان تؤدي هذه التقلّبات إلى بيع كل زبون بسعر مختلف عن الآخر، وهذا غير مقبول، الأمر سيان بالنسبة إلى الليرة، فالتاجر يسعّر وفق دولار 80 الفاً فيما الدولار لم يصل إلى هذا المعدل. ما يعني انّ الإنصاف غير متوفر في كلا الحالتين. أليس صحيحاً انّ سعر بيع الدولار في منطقة واحدة يختلف من متجر الى آخر؟ إذاً، كيف يمكن اعتماد تسعيرة موحّدة للدولار؟ وهل تسعيرة الدولار ستختلف في اليوم نفسه عدة مرات او ستُعتمد تسعيرة موحّدة تصدر عن وزارة الاقتصاد بشكل يومي؟».

وجزم الاسمر، «أن لا شيء سيكون لصالح المستهلك إذا اعتُمد التسعير بالدولار، لأن التاجر سيسعّر الدولار بدولار ونصف، ونحن نرى ان التسعير بالدولار هو مذبحة».

 

 

ماذا عن الرواتب والاجور؟
أما في ما خصّ الاجور التي تتآكل في ظلّ استمرار الانهيار، بحيث انّه وقبل ان تدخل الزيادة الاخيرة للاجور حيز التنفيذ للقطاع العام ذابت مفاعيلها، يقول الاسمر: «عندما بدأنا بدرس الزيادة كان الدولار بـ36 الفاً، اما اليوم وفيما لا تزال مراسيم الزيادة للقطاع العام في مجلس شورى الدولة، بات الدولار 76 الفاً، وبالتالي فقدت هذه الزيادة قيمتها». وقال: «من المتوقع ان تبصر المراسيم النور خلال الساعات المقبلة، على ان نباشر فوراً بدرس زيادة جديدة على الاجور مع الهيئات الاقتصادية، التي تبلّغنا من رئيسها محمد شقير انّه حاضر للاجتماع فوراً وإقرار غلاء معيشة جديد للقطاع الخاص، متوقعاً انعقاد اجتماع للجنة المؤشر الاسبوع المقبل».