Beirut weather 12.41 ° C
تاريخ النشر April 19, 2018
A A A
«الداخلية» امام امتحان «نزاهتها»
الكاتب: كمال ذبيان - الديار

«الداخلية» امام امتحان «نزاهتها»: كل الاشكالات تحت السيطرة
*

لا يوجد نص دستوري او عُرف او تقليد، بان تجرى انتخابات نيابية، تشرف عليها حكومة، لا يكون رئيسها واعضاء فيها، مرشحين للانتخابات، وهذا ما يثبته تاريخ الحكومات في لبنان، وثمة استثناءات لا يخوض رئيس حكومة الانتخابات، كما فعل الرئيس نجيب ميقاتي، عندما ترأس اول حكومة في العام 2005، بعد انسحاب القوات السورية من لبنان، واستقالة حكومة الرئيس عمر كرامي، فعزف ميقاتي عن الترشيح، لاعطاء شفافية للانتخابات، وكان وزير الداخلية في حكومته حسن السبع الذي لم يكن مرشحاً، وقد اعلن الرئيس تمام سلام بعد تسميته رئيساً للحكومة، انه لن يترشح للانتخابات التي كانت ستجري في عام 2013، الا انها لم تحصل بسبب الخلاف على قانون الانتخاب، ولظروف امنية فتأجلت، كما ارجئت ايضاً انتخابات رئاسة الجمهورية التي شعرت بعد انتهاء ولاية رئىس الجمهورية ميشال سليمان، لينتخب بعد عامين ونصف العام من الشغور العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بتسوية اتت بسعد الحريري رئيساً للحكومة للمرة الثانية.

ويكثر الكلام عن ان الانتخابات كان يجب ان تحصل في ظل حكومة لا مرشحين فيها، او اقله رئيسها، وفي افضل الحالات وزير الداخلية نهاد المشنوق، انطلاقاً من التجربة الناجمة لوزير الداخلية زياد بارود الذي انجز انتخابات في العام 2009، اظهرت التقارير الدولية والمحلية لمراقبي الانتخابات انها كانت نزيهة وشفافة.

وما يزيد من صعود نبرة المطالبة بحكومة حيادية، ووزير داخلية يقف على مسافة واحدة من الجميع، هو ازدياد الاشتباك الانتخابي الذي يحصل في دوائر عدة، بين مؤيدي لوائح متنافسة، والتي كانت عنيفة في بيروت الثانية، والتي كان «تيار المستقبل» طرفاً فيها، والذي يترأسه الرئيس الحريري، والوزير المشنوق عضو فيه، ومرشح على لائحته، اذ طالب اكثر من رئيس لائحة منافسة باستقالة وزير الداخلية، لتكون الانتخابات نزيهة، ويشكون من تجاوزات، تتعلق بتمزيق صور ولافتات الى منع حركة المرشحين ومناصريهم، وتدخل اجهزة امنية لصالح قوى السلطة، او اطراف فيها، حيث تتعدد الشكاوى، التي تقول مصادر سياسية، بان هذه الدورة من الانتخابات التي تجري وفق النظام النسبي والصوت التفضيلي، رفعت من حدة التوتر الانتخابي ايضاً، والذي كنا نشهد مقبلاً له في كل الاستحقاقات السابقة، انما ما يلفت هو ما حصل في بيروت وخلال ايام متقاربة، من قبل عناصر من «تيار المستقبل»، والتي جاءت ضد مرشحي لوائح اعتبرها الرئيس الحريري انها ستأكل من صحنه الانتخابي، وهي وُجدت لاضعاف لائحة «تيار المستقبل»، لصالح لائحة «الثنائي الشيعي» حركة «امل» و«حزب الله» وحلفائهما، وهو ما يؤدي الى ان تكون الارتكابات بحق مرشحين كانوا سابقاً من مؤيدي «تيار المستقبل».

وامام وزارة الداخلية امتحان بشخص الوزير المشنوق ان تجرى الانتخابات دون تجاوزات للقانون، والتي مهمة «هيئة الاشراف على الانتخابات»، مراقبتها ومتابعتها مع المعنيين، وتدوين التقارير فيها، وهذا ما تعمل عليه وفق رئيسها القاضي نديم عبد الملك، بالجهاز القليل الذي تعتمد عليه، والذي اصدر اكثر من بيان ينبه ويحذر المرشحين من الوقوع في اخطاء يمنعها القانون، حيث تشير مصادر وزارة الداخلية، الا ان الوزير المشنوق يعمل ويطمح لانتخابات خالية من الفوضى والمشاكل ويتجاوز القانون، وان الاشكالات التي تحصل في بعض المناطق مع مرشحين او انصار لهم، ما زالت تحت السيطرة، والتعليمات واضحة لكل الاجهزة الامنية، بمنع حصول اي اشكال، والحفاظ على المظاهر الديموقراطية، وان المسؤولية تقع على الاحزاب والتيارات والشخصيات السياسية، التي لديها مرشحين، ان تضبط عناصرها اولاً، وتوجههم باحترام الرأي الاخر، وترفع الغطاء عنهم عندما يشاغبون.

ومع تطمينات وزارة الداخلية حول حصول انتخابات ديموقراطية ونزيهة وشفافة، فان ثمة ضمانات مطلوبة، وهي منع تسخير اجهزة الدولة من قبل المرشحين والذين يحتلون مناصب وزارية، اذ ان استغلال السلطة، لا يقدم انتخابات نزيهة وفق مصادر في لجان وهيئات مراقبة الانتخابات، التي لاحظت ان مناطق مقفلة على مرشحين، لا يمكنهم الدخول اليها في دوائر عدة، بسبب سيطرة حزب او طرف سياسي على مناطق، وان هذه الشكوى اكثر ما يشكو منها مرشحون، ليسوا على لوائح من لهم نفوذ في مناطقهم.

فتدخلات السلطة في لبنان، بالانتخابات النيابية، بدأت مع استقلاله، وكل عهد جرى فيه تسجيل تزوير، والذي بدأ في انتخابات عام 1947 في عهد الرئيس بشارة الخوري، ولم يتوقف عنده، بل مارسه الرئيس كميل شمعون ضد خصومه، فطار الخوري بثورة بيضاء عام 1952 كان شمعون من اركانها، وخرج الاخير من رئاسة الجمهورية بثورة حمراء في العام 1958 مع معارك داخلية، ليأتي عهد الرئيس فؤاد شهاب، وقد مارس المكتب الثاني دوراً سلبياً في اسقاط معارضي الشهابية، لصالح مرشحيها، لتحصل انتخابات في العام 1972 بعهد الرئيس سليمان فرنجية، قل فيها تدخل السلطة، انطلاقاً من تجربة خاضها عندما كان وزيراً للداخلية عام 1968، جرت فيها الانتخابات باقل قدر ممكن من تدخل سلطة المكب الثاني، حيث ظهر بعد اتفاق الطائف، تركيب اللوائح من قبل النظام الامني السوري، منذ العام 1992، حتى انتخابات 2005 التي جرت بعد الخروج السوري، حيث كانت التحالفات الانتخابية المفروضة، ثم الدور الخارجي، هو ما طبع هذه الانتخابات التي هرب منها اركان السلطة والنظام السياسي، منذ العام 2013، لتجري في 6 ايار المقبل، ولكن بالخطاب السياسي التحريضي، واللغة الطائفية والمذهبية، واستخدام النفوذ والمال الانتخابي.