Beirut weather 10.77 ° C
تاريخ النشر May 3, 2025
A A A
الخناق يضيق على نتنياهو
الكاتب: حسن حردان

كتب حسن حردان في “البناء”:

تطورات لافتة تؤكد اتساع دائرة المعارضين لسياسات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، حسبما تشير كلّ المعطيات والوقائع، التي تزيد من الضغوط على نتنياهو لأجل وقف الحرب وإجراء صفقة لتبادل الأسرى، واتهامه بأنه يتعمّد تعطيل مثل هذه الصفقة خدمة مصالحه الشخصية…
على أنّ الأبرز على صعيد اتساع دائرة المعارضة وتضييق الخناق على نتنياهو شيئاً فشيئاً تزايد الاستياء وحالات التمرّد والانتقاد داخل الجيش، في حين وصفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الأمر «77» بتمديد خدمة جنود الاحتياط أربعة أشهر بأنه «قنبلة موقوتة»، في ظلّ استمرار الحرب في غزة والتوترات مع لبنان.
ووفقاً للتقرير، تسبّب القرار في موجة من الاستياء الشديد في صفوف الجنود الذين يخوضون معارك منذ أكثر من عام ونصف العام، وسط شعور بالإنهاك والاستغلال والتمييز وفقدان الثقة بقيادة الدولة والجيش. ونقلت الصحيفة عن ضابط بارز قوله: «المعنويات في الحضيض.. المقاتلون يسعون للهرب من المواقع القتالية إلى وظائف أخرى».
ضباط كبار أكدوا أنّ قرار تمديد الخدمة ألحق أضراراً بالغة بروح الجيش القتالية وبالرغبة في مواصلة الخدمة، خصوصاً في الوحدات القتالية. وأوضح أحد الضباط أنّ التوجيه نفذ بشكل غير عادل بين الوحدات، مما تسبّب في إحباط عميق بين الجنود.
في موازاة ذلك انتقلت حالات الانتقاد والاستياء إلى صفوف الطيارين الحربين الذين وقّع قسم منهم عريضة تطالب بوقف الحرب مما يوسّع دائرة الموقعين على عرائض في صفوف الضباط والجنود بهذا الخصوص.
بالتوازي، أعلنت حركة «الأم المستيقظة»، التي تضمّ أمهات الجنود، عن بدء إجراءات قانونية ضدّ تمديد الخدمة «بطريقة التفافية على القانون»، تمهيداً لتقديم التماس عاجل إلى المحكمة العليا.
يأتي ذلك وسط فشل الكنيست حتى الآن في تمرير قوانين لحلّ الأزمة، حيث توقفت مناقشات مشاريع القوانين المتعلقة بتمديد الخدمة ورفع سنّ الإعفاء، بسبب الخلافات حول تجنيد الحريديم.
وأشارت مصادر عسكرية إلى أنّ الأزمة تتفاقم مع تراجع الشعور بالإجماع تجاه العمليات العسكرية، ما يزيد من مشاعر الإحباط واليأس بين الجنود، وظهر ذلك من خلال بيان قيادة الجيش الاخير الذي أكد على أنّ الهدف الأساسي للحرب هو استعادة الأسرى، الأمر الذي يتناقض مع الهدف الذي يطرحه نتنياهو وهو القضاء على حماس، فيما هدف استعادة الأسرى بالنسبة له يأتي في مرتبة أدنى.. ويعكس ذلك مدى التباين واعتراض الجيش على العودة للغرق مجدداً في وحل غزة، ودعمه لصفقة تعيد الأسرى، بعد أن تمّت تجربة خيار القوة وفشل في تحقيق هذا الهدف إلى جانب فشله في تدمير قدرات المقاومة والوصول إلى أغلب أنفاقها… ومُني بخسائر فادحة في الارواح والعتاد.
على أنّ هذا الخلاف المتصاعِد لا ينحصر بين الجيش ونتنياهو، بل يشمل أيضاً الأجهزة الأمنية التي تعارض نتنياهو في خياراته، وتتهمه بسعيه لإدامة الحرب لحماية نفسه من المحاسبة والبقاء في الحكم، عبر حماية حكومته من السقوط.. وكان احتدام الخلاف بين رئيس الشاباك رونين بار ونتنياهو دليلاً صارخاً على حدة التباعد بين الجانبين، مما دفع نتنياهو إلى أخذ قرار إقالة بار، ومن ثم التراجع عنه على خلفية اعتراض المحكمة العليا.. وليس خافياً أيضاً انّ هدف نتنياهو من وراء إقصاء قادة الأجهزة سعيه إلى الإتيان بقادة موالين له بما يمكنه من إحكام قبضته على مفاصل السلطات..
كلّ ذلك يحصل في وقت تواصل فيه عائلات الأسرى تحركاتها الاحتجاجية وتهدّد بتوسعتها وصولاً إلى العصيان المدني إذا لم تتخذ الحكومة خطوات جادة للإفراج عن الأسرى الأمر الذي يزيد من الضغط الشعبي على الحكومة.. ويضيّق الخناق على نتنياهو ويجعله في مواجهة متصاعدة مع الجيش والأجهزة الأمنية والمحكمة العليا والمعارضة السياسية. وحركة أمهات الجنود.
ومع ذلك يبدو أنّ نتنياهو يفضّل المخاطرة باستقرار «إسرائيل» الداخلي وعلاقاتها الدولية على التنازل عن مواقفه، معتمداً على تحالفات سياسية ضيقة ودعم أميركي.. غير انّ تصاعد الاستياء الشعبي والعسكري، بالإضافة إلى الضغوط الدولية لإدخال المساعدات إلى غزة ووضع حدّ لسياسة التجويع واستخدامها سلاحها ضدّ المدنيين في الحرب، بات يضيق الخناق على نتنياهو، وقد يدفعان نحو تغيير جذري في المشهد السياسي الإسرائيلي، سواء عبر انتخابات أو انهيار الائتلاف الحاكم.. خصوصاً في ظلّ استمرار طريق نتنياهو المسدود في سعيه لتحقيق أهداف حرب الإبادة في غزة…