Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر April 28, 2022
A A A
الحملات الانتخابية…شعارات.. شدّ عصب وتجييش فهل أصابت الاحزاب الهدف؟
الكاتب: علاء الخوري - ليبانون فايلز

مع بدء العد العكسي للانتخابات النيابية المرتقبة، توقف مراقبون متخصصون في علم التواصل والدعاية السياسية والتسويق عند الحملات الانتخابية التي أطلقها عدد كبير من الأحزاب، وأبرز الرسائل التي حملتها، مقدمين شرحا علميا غير سياسي لرسائل وشعارات وتصاميم أبرز الحملات الانتخابية.

وكان اجماع على ذكاء حملة التيار الوطني الحر من حيث هندسة الرسالة والوضوح في اختيار الجمهور المستهدف. فالتيار الوطني الحر على يقين ان أي رسالة او شعار يُطلقه حالياً لن يلاقي أي صدى او تفاعل ايجابي لدى أي فئة من اللبنانيين خصوصا لدى الناخبين المحايدين او الذين لم يقترعوا لأي جهة عام 2018 .

فكانت رسائل التيار موجهة حصرياً لجمهور التيار وتحديدا للجمهور العوني مع عبارة “رح نبقى هون” للتذكير بأغنية “الجنرال” الشهيرة أيام الحرب اللبنانية. وجاءت إضافة كلمة “هون” في آخر الشعار الأساسي “كنا ورح نبقى” كـ “ضربة المعلم” في التواصل خلال إطلاق الحملة، لشد عصب الحالة العونية ولاستعطافها وطلب مشاركتها في الانتخابات.

كما وعمد التيار الى التخفيف من استعمال اللون البرتقالي وحصره بالشعار الرسمي أي الـ Logo واعتمد اللون الأزرق الداكن بديلاً للأبيض والبرتقالي في محاولة لتخفيف التفاعل السلبي مع الحملة. وكان هذا القرار صائباً بالرغم من تشويه وضرب الهوية المرئية التي عملوا عليها في

السنوات العشر الماضية. لكن اليوم، اللون البرتقالي يحمل الكثير من السلبية ما يفرض التوقف عن استعماله قدر المستطاع وهذا ما حصل.

في المقابل، سُجلت ملاحظات سلبية حول ضعف الـ Creativity أي الابتكار في شعار التيار هذا العام، بحيث يحمل المعنى نفسه لشعار عام 2018 الذي كان حول “مكملين ما في شي بيوقفنا” أي المعنى نفسه لـ”كنا ورح نبقى”.

فعلياً لم يخترع التيار أي شيء جديد بل تراجع لجهة انحسار الجمهور المستهدف.

أما الرسائل المتفرّعة من الشعار الأساسي، فكانت ضعيفة من حيث عدم قدرتها على إقناع أي ناخب خارج دائرة التيار. ونذكر منها: “صوّت لحماية الحدود. صوّت تيار. صوّت لبنان” “صوّت للحفاظ على الهوية. صوّت تيار. صوّت لبنان” وكانت الأكثر عرضة للانتقاد اللاذع “صوت لمكافحة الفساد. صوّت تيار” و”صوّت للكهرباء. صوّت تيار”، وبالتالي فإن هذه الشعارات والرسائل لها قيمة سلبية Negative Perceived Value عند اي ناخب خارج دائرة التيار،

ولكن هذا ما أراده رئيسه النائب جبران باسيل، وهو التواصل فقط مع العونيين.

اما تيار المرده فعمد الى تجنّب الرد على الحجج والسرد السياسي المنافس في الحملة الرسمية الأساسية بطريقة ذكية مع عرض بعض القيم الإيجابية التي يتفق عليها الكثير والتي تحض الناخب الشمالي على التصويت للمرشح طوني فرنجيه ولوائح المرده. ومنها الجرأة السياسية، الصدق والوفاء المتبادل مع المنطقة وأهلها.

كما واختار شعار “صوتك على حق” تأكيداً للثقة التي يضعها في الناخب الشمالي بغضّ النظر عما ستؤول اليه خياراته يوم الاقتراع.

وفي هذه الخطوة فرق كبير مقارنة بشعارهم عام 2018 والذي كان “نحنا مبارح ونحنا بكرا” مما يدل على ذهنية جديدة في التواصل مع الناخب الذي يشكل نواة شعارهم وهدفهم هذا العام.

ولم يتردد المرده في استعمال اللون الأخضر الذي يميّز هويته المرئية أي الـ Visual Identity بعكس التيار الوطني الحر الذي ابتعد عن هويته الأساسية.

حزب القوات اللبنانية قام من جهته بنشر أبعاد عدة لرسائله قبيل الانتخابات الحالية.

فكانت أولاً عبارات تُعرف بالـ Teaser (إعلان تشويقي) وهي تُحضّر للشعار الأساسي الذي سيأتي بعدها.

لكن هذه الرسائل الأولية كانت جداً بدائية بمعنى انها أفشت عما سيأتي من بعدها، وقد عرف الجميع الشعار الأساسي قبل نشره (نحنا بدنا وفينا / نحنا فينا). فكان من الأجدى نشر الشعار الرئيسي بالتوقيت نفسه مع أول جملتين.

وكانت للعبارتين “في يلي بدو وما فيه” ثم “في يلي فيه وما بدو” إيحاءات ومعاني بعيدة عما أراده حزب القوات.

اما الشعار الرئيسي لهذه السنة “نحنا فينا” مطابق تماماً لشعار سنة 2018 “نحنا قدا” بغياب واضح لأي ابتكار.

اما النقطة السلبية الاكبر في حملة القوات فجاءت في المرحلة الثانية قبل الترويج لأعضاء اللوائح وتتمثل بالشعارات غير المنطقية والمبالغ بها التي اعتمدتها القوات ومنها: “نحنا فينا نطبق اللامركزية”، “نحنا فينا نسترجع السيادة”، وشعار آخر عن اموال المودعين لا يمت للواقع بصلة، وغيرها من الجمل الخالية من الواقعية السياسية.

وأجمع النقاد على ان هذه الادعاءات غير الواقعية لن يصدقها سوى مناصرو القوات.

وهنا خطأ الحملة التي كان الهدف الأولي منها التواصل مع المنتخب الحيادي غير القواتي. وقد فشلت بهذه المهمة. مثال على ذلك: “نحنا فينا ما نرضخ للسلاح” فيما يعلم الجميع ان كل لبنان راضخ لسلاح الحزب والقوات ضمنياً، هذا هو الواقع. والجدير بالذكر ان الحملة حافظت على الهوية المرئية للقوات (اللون الأحمر مع تعديل بسيط بدرجة الأحمر على الأطراف) والتي لها قيمة مضافة إيجابية بعكس التيار. ولكن التنفيذ التقني للتصميم اي الـ Graphic Design كان ضعيفاً خصوصا في تصميم الورقة البيضاء وفتحة صندوق الاقتراع على عكس تصاميم المنافسين التي تميزت بتنفيذ تقني أفضل.

كما وأجمع فريق المتخصصين ان حملة حزب الكتائب اللبنانية كانت فارغة من المعاني والرسائل التي تمس المواطن بالشكل الفعّال المباشر. وهي الأضعف بين كل الحملات. فالكتائب روجّت لرسائل وشعارات، حتى الناخب المتني المحايد وجد صعوبة لفهمها والهدف منها. فكان إظهار قيمة عدم المساومة في غير محله وتقنياً مُربكاً للمشاهدين والجمهور المُستهدف. اما الإرباك الآخر فجاء من اعتماد اللون الأخضر الذي تخلى عنه حزب الكتائب في انتخابات 2018 لصالح اللون الازرق الداكن ليعود ويعتمد الأخضر هذه السنة بخطوة أضاعت خصوصية الحزب وهويته المرئية مثل التيار الوطني الحر.

وهنالك انفصال تام بين حملة الكتائب كحزب وتصميم حملة المرشحين وتصميم لائحة “على متن التغيير” الذي هو جزء منها. وكان من المفضل ان يكون هنالك تلاقي ولو بسيط أقله مرئي من حيث الالوان. فكان لون تصميم المرشحين الأسود الداكن بعكس تصاميم القوات والمرده مثلاً التي كانت أكثر متجانسة ووفية لهويتها.

اما بهاء الحريري وحملة “سوا” فقدّما لقوى المعارضة هدية قيّمة في رسالتها الأساسية التي دعت الناخبين الى الاقتراع ضد الفريق الحاكم بغض النظر من سينتخبون. “انتخب ضدهن” اي انتخب اي كان ولكن لا تنتخب من هددك بالسلاح، لا تنتخب من سرق الاموال، الخ. وفي هذه الرسالة قوة وقيمة مضافة للأحزاب واللوائح خارج المنظومة الحاكمة. وقد أكمل الحريري حملته الأولية حتى بعد عدم قدرته على تشكيل اي لائحة فعلية.

اما المفاجأة الكبيرة فكانت تراجعا ملحوظا لكل المجموعات والحراك غير الحزبي اي الحراك المدني. وقد فُسر هذا الغياب الملحوظ بعدم قدرة “نحو الوطن” و”كلنا إرادة” بتشكيل لوائح موحدة في الدوائر كافة. فغابت الحملات المنظمة عن الطرقات مثلاً. وكانت لائحة شمالنا الأبرز بين لوائح الثورة من حيث التصاميم على مواقع التواصل الاجتماعي مع ضعف كبير في اللوحات الاعلانية على الطرقات التي عادت وسيطرت عليها الاحزاب.

وفي صفوف الثورة، برزت أيضاً لائحة “توحدنا للتغيير” في الشوف وعاليه بألوان وتصاميم مميزة وعصرية، “شبابية” وتقدمية تعكس شعارهم “تقدم نحو الدولة” لكن ايضاً مع تواجد جداً خجول على الطرقات.