Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 10, 2019
A A A
“الحل السحري”: مساران سياسي ومالي للانفراج
الكاتب: النهار

على رغم الانطباعات الايجابية الواسعة التي عممها الاجتماعان المالي والسياسي اللذان عقدا بعد ظهر أمس في قصر بعبدا ايذاناً ببداية الخروج من أزمة حادث قبرشمون وتداعياته الامنية والقضائية والسياسية، فانها لم تحجب سؤالاً شغل اللبنانيين وهو: لماذا لم يكن “الحل السحري” متاحاً طوال 40 يوماً من عمر الازمة ثم صار متاحاً فجأة في أقل من 24 ساعة؟
الواقع ان “الحل السحري” لا تنطبق عليه هذه الصفة إلّا من خلال عامل التوقيت فقط الذي برز مع ما وصف بانه مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى ادارة محركاته التشاورية قبيل منتصف ليل الخميس عقب اصطدام الحركة التي قام بها رئيس الوزراء سعد الحريري والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم بتعقيدات تركت انطباعات قاتمة حيال أي تحرك جديد للخروج من الازمة.
واذا كانت “اسرار” التحرك المباغت الذي بادر اليه بري لا تبعد كثيراً عما تردد عن توافق حصل بينه وبين “حزب الله” على ضرورة القيام بامر ما عاجل يستجيب لتحرك الحريري واندفاعه نحو تأمين انعقاد مجلس الوزراء في اسرع وقت، فان المعطيات الواقعية التي تقف وراء ولادة المخرج يمكن تلخيصها بانها مزيج من معطيات ضاغطة جداً مالياً واقتصادياً كانت تتهدد الواقع اللبناني وتملي تحركاً عاجلاً استثنائياً قبل فوات الاوان، في مقابل ضغوط ديبلوماسية متعاظمة بدأت مع بيان السفارة الاميركية في بيروت وتواتر معلومات عن امكان صدور بيان جماعي للاتحاد الاوروبي في الاتجاه نفسه لحض المسؤولين الرسميين والسياسيين على تجنب تداعيات بالغة السلبية اقتصادياً وديبلوماسياً على لبنان.
وبذلك اقتضى الحل الاسراع الى انماط “التسويات اللبنانية” التقليدية التي أصر عليها بري في اتصالاته التمهيدية مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري، بعدما انتزع من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان موافقة على مبدأ “الاسقاطات” لدعاوى الحق الشخصي في حادثي قبرشمون والشويفات وترك الحق العام يأخذ مجراه في القضاء، ولكن بعد عقد “لقاء المصارحة والمصالحة” في رعاية رئيس الجمهورية والرئيسين بري والحريري ومن ثم تكريس الحل في جلسة لمجلس الوزراء اليوم.
وابلغ مصدر وزاري بارز ومعني بالاتصالات واللقاءات التي أجريت طوال فترة الازمة بلوغاً الى الحل الذي أبصر النور أمس، “النهار” ان عوامل عدة أدت الى ولادة هذا الحل الذي لعب الدور الاساسي فيه الرئيسان بري والحريري، ومن أبرز هذه العوامل “صمود ” رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ووضوح الحقائق وكشفها أمام الرأي العام بما حال دون التمادي في توظيف التداعيات سلباً، وكذلك تضامن حلفاء جنبلاط معه، ومن ثم تنامي الضغط العربي والدولي لمنع تفاقم الازمة بما فيها ضغوط غير معلنة والضغط الهائل الذي شكله الهم الاقتصادي والمالي. كما قال إن وصول المحاولات لاحالة ملف قبرشمون على المجلس العدلي الى طريق مسدود كان له دور مؤثر في التعجيل في الحل وان “حزب الله” كان المؤثر الاساسي على ارسلان لحمله على قبول هذا الحل.