Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر May 8, 2017
A A A
الحلفاء يضيقون ذرعا بطروحات جبران باسيل!
الكاتب: غسان ريفي ـ سفير الشمال

تبدأ اليوم المرحلة الثانية من قرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون القاضي بتعطيل مجلس النواب وفق المادة 59 من الدستور اللبناني، من دون أن يكون في الأفق السياسي أي طرح جدي لقانون إنتخابي يمكن أن تجري الانتخابات النيابية على أساسه، باستثناء القوانين التي تطرح وتفرز اللبنانيين بين طوائف ومذاهب، والمواطنين درجة أولى ودرجة ثانية.

على مسافة 15 يوما من جلسة مجلس النواب والتي من المفترض أن تكون مفصلية، ما يزال اللبنانيون يفتشون عن الآلية التي يمكن أن تترجم فيها لاءات الرئيس عون عندما وعد اللبنانيين بأنه ″لا تمديد، ولا فراغ، ولا قانون الستين″، وتأكيده في الوقت نفسه، أنه ″سيكون هناك قانونا جديدا للانتخابات قبل الجلسة النيابية″، وكيف أن ما لم يتم إنجازه في ثماني سنوات يمكن أن يحصل في إسبوعين.

في غضون ذلك، بدأ حلفاء التيار الوطني الحرّ يضيقون ذرعا بطروحات وسلوك رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل، خصوصا بعدما لمسوا أنه لا يقيم لهم وزنا، ولا يضع مصلحتهم في حساباته، بالرغم من أن هؤلاء الحلفاء وقفوا الى جانب التيار، وكانت لهم مساهمة كبرى في وصول العماد ميشال عون الى قصر بعبدا.

بات الحلفاء على قناعة بأن ذاكرة الوزير باسيل ضعيفة جدا، وأنه نسي أو تناسى تضحياتهم، مؤكدين أن باسيل يريد إلغاء الجميع، من دون أن يراعي مصلحة حليف أو صديق، خصوصا بعد التحالف مع القوات اللبنانية، والتقارب مؤخرا مع الرئيس سعد الحريري، حيث بدأت الأطراف الثلاثة تشعر بفائض قوة وتعمل بوحي منها، وتحاول أن تطرح قوانين إنتخابية تستطيع من خلالها التحكم بمجلس النواب بشكل كامل، وإمتلاك القرار فيه، بغض النظر عن الأطراف السياسية الأخرى، وأكبر دليل على ذلك هو إنقلاب الحريري على كل مواقفه السابقة، وإبلاغه الرئيس نبيه بري أنه لن يسير بالتمديد.

ويأخذ الحلفاء على باسيل أنه يسعى من أجل طموح شخصي، وأنه من أجل هذا الطموح مستعد أن يعطل البلد، أو أن يسير فيه الى الهاوية، مؤكدين أنهم كانوا متحمسين لانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية من أجل الوصول الى بناء دولة العدالة والقانون والمساواة، وتعزيز عمل المؤسسات، لكنهم فوجئوا بأن شيئا من هذه الشعارات لم يتحقق، وأن المحاصصة ما تزال سيدة الموقف وقد ظهرت جليا في التعيينات الادارية والعسكرية الأخيرة، فضلا عن أن شخص واحد يريد أن يحكم البلد، وأن يلغي خصومه وخصوم حليفه الجديد سعد الحريري، ضاربا بعرض الحائط كل ما جاء في إتفاق الطائف.

وما يثير دهشة الحلفاء هو أن الوزير باسيل كان أحد مهندسي القانون الانتخابي لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، حيث ناقش كل بند من بنوده، ودخل في تفاصيل التفاصيل، ووافق مع التيار الوطني الحر عليه، لكن يبدو أن باسيل بات على قناعة بأنه لن يستطيع تحقيق طموحاته الشخصية في الحكم إلا من خلال إقرار قانون إنتخابات كفيل بإلغاء كل خصومه وحلفائه على حد سواء، متناسيا أن لدى هؤلاء تاريخهم السياسي، وقواعدهم الشعبية، وأنه في حال تمكن من إضعافهم من خلال قانون مفصل على قياسه، فانه لن يستطيع أن يلغي حضورهم السياسي والشعبي والذي قد يتنامى أكثر فأكثر في حال إستمر في طروحاته التي تعزز الفرز الطائفي والمذهبي، مذكرين أن ذلك لن يكون في مصلحة أحد، وأن إعادة تشغيل “العداد” من جديد لن يكون في مصلحة باسيل وتياره وكل المسيحيين في لبنان.

وشكلت الكلمة التي ألقاها الوزير السابق فيصل كرامي في حفل إختتام المؤتمر الطبي السنوي للمستشفى الاسلامي الخيري في طرابلس مؤشرا واضحا عن رفض حلفاء التيار الوطني الحر لسلوك رئيسه جبران باسيل، حيث حرص كرامي على الرد عليه من دون أن يسميه، فاعتبر أن المناصفة التي يقرّها الطائف، هي مناصفة تفاهم وتعايش ورقي بين المسيحيين والمسلمين، وليست في أية لحظة مناصفة حفظ حقوق، فحفظ الحقوق من اختصاص المؤسسات والقضاء، ولا علاقة لرؤساء الطوائف، لا الروحيين ولا الزمنيين بحفظ حقوق المواطنين. وان وعي هذه الحقيقة يزيل الكثير من الغشاوات والطموحات الجامحة والأحلام المجنونة التي بدأنا نراها ونسمعها اليوم عبر طروحات انتخابية عجيبة ومعيبة تحت شعار حفظ حقوق المجموعات الطائفية.