Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر July 7, 2017
A A A
الحكومة من فشل إلى آخر
الكاتب: الجمهورية

فشلٌ بعد فشلٍ بعد فشل.. هذه هي حال السلطة السياسية العاجزة عن مواجهة الحدّ الأدنى من واجباتها على كلّ المستويات، على رغم الأخطار الكثيرة والكبيرة التي تُهدّد البلد، ولا سيّما منها معضلة النزوح السوري. فلا خطة لدى الدولة اللبنانية أساساً في ملف النازحين، ولا رؤية ولا قرار، فيما تتحوّل مخيّمات النزوح بيئاتٍ حاضنة للإرهاب والإرهابيين من جهة، ويعاني اللبنانيون من احتلال ديموغرافي واقتصادي واجتماعي يجتاح بلادهم بلا حسيب ولا رقيب من جهةٍ ثانية. ويوماً بعد يوم تُغرق السلطة البلدَ بمزيدٍ من الأزمات والمشكلات المستعصية، فمثلما فشلت في ملفّات الكهرباء والنفايات وسلسلة الرتب والرواتب والموازنة والملفّات المعيشية، إنسَحب فشلها الذريع على ملفّ النزوح السوري، من دون أن يرفَّ لها جفنٌ، خصوصاً أنّ هذه الكارثة تهدّد الكيان بالزوال.

فيما يستمر الجيش اللبناني في معركته ضد الارهاب، وتتردد واسعاً في الداخل والخارج اصداء عمليته الاخيرة في منطقة عرسال، يتكرّس الانقسام اللبناني حول سبلِ معالجة ملف النازحين السوريين، ويستمر الجدل حول طريقة عودتهم، في موازاة تمسّك دمشق بالحوار المباشر معها في شأنهم لا بالواسطة، وقد اطلقَ سفيرها في بيروت علي عبد الكريم علي امس مواقفَ اثارت التباسات عدة ووجَد فيها مراقبون حملات وتوصيفات اعتبروها مسيئةً للقوى السياسية وتدفع الى «معاودة العزف مجدّداً على وتر عهد الوصاية السورية والإملاءات التي كانت تحصل خلالها، وهو ما تبدّى في إطلاق رصاص الاتهام في اتجاهات سياسية معينة وضَعها في خانة العداء لسوريا».

وفي هذا السياق أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أنّ «هناك مزايدات من نوع جديد، تستخدم مأساة إخواننا النازحين السورين، لتحقيق نقاط سياسية رخيصة، من دون التنبّه إلى أنّها تهدد الاستقرار، عبر محاولة توريط الحكومة اللبنانية بالاتصال مع النظام المسؤول أساساً عن مأساة النازحين، لا بل عن مأساة جميع السوريين». وأشار إلى أنّ «هذه الضغوط تشكّل خروجاً مرفوضاً على قواعد النأي بالنّفس التي توافَقنا عليها ولا وظيفة لها إلّا تقديم خدمات سياسية وأمنية مجّانيّة لنظام الأسد». ورأى أنّ «الذين يحملون دعوةَ التواصل مع النظام، هم حلفاء له، ويقاتلون معه داخل الأراضي السوريّة، وبعضهم مَن يتبجّحون بأنهم عكسوا المعادلة غير المأسوف عليها في لبنان وأصبحوا جزءاً من الوصاية على النظام في سوريا.
حسناً فليَضغطوا على النظام لتسهيل إقامة مناطق آمنة على الجانب السوري من الحدود، ومخيّمات بإشراف الأمم المتّحدة تستوعب النازحين العائدين من لبنان، بدلاً من الدعوة الى توريط الحكومة اللبنانية باتصالات نتيجتُها فتحُ بابٍ جديد لابتزاز لبنان من دون أي معالجة حقيقية لتداعيات النزوح؟
أو انّهم يتقنون فقط المزايدة على بلدكم، وحكومة بلدكم وأهل بلدكم؟». وجَزم «أننا لن ندفع بالنازحين الى مصير مجهول، ولكن في الوقت ذاته، لن نتهاون مع أي محاولة لجعل أماكن النزوح بيئة حاضنة للإرهاب والتطرّف».

باسيل
ومن جهته رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل لفتَ الى «أنّ عودة النازحين تتم بالتنسيق مع الحكومة السورية، ولا ضرورة لضمانات دولية لهذه العودة، فالامم المتحدة شجّعت على اندماج النازحين في المجتمعات التي نزَحوا إليها حتى إعطاء الجنسية، ولدينا مشكلة معها في هذا الموضوع، وفي القانون الدولي هناك شيء اسمُه «تقاسم المسوؤليات» ولكن ماذا تكفلَ عنّا المجتمع الدولي». وأشار الى أنّ «هناك علاقات ديبلوماسية وعسكرية وأمنية ومالية اليوم مع سوريا، فنحن ندفع لها شهرياً مقابل ما نشتريه منها من كهرباء منذ سنوات طويلة»، مشيراً إلى أنه «إذا كانت مصلحة لبنان تقضي عودة النازحين فيجب القيام بما يلزم لتحقيقها من دون عقد، إذ إنّ عدد النازحين يرتفع، على عكس ما يقولون، ولديّ الأرقام».

«حزب الله»
وإلى ذلك جدّد «حزب الله» عبر بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» تأكيده «انّ التفاهم المباشر مع الحكومة السورية من شأنه تسريع الخطوات واختصار كثير من الوقت والجهد والنفقات والحؤول دون الاستغلال السياسي والتوظيف الرخيص على حساب معاناة النازحين»،

قانصو
ودعا وزير الحزب السوري القوي الاجتماعي علي قانصو مجلس الوزراء الى «تشكيل لجنة وزارية مهمّتها إجراء حوار مع السلطات السورية المعنية لترتيب برنامج لعودة آمنة للنازحين السوريين في لبنان». واعتبَر «انّ سحب الموضوعِ من مجلس الوزراء هو هروب من المشكلة». وقال لـ«الجمهورية»: «الويل لنا اذا قبلنا كلبنانيين كلامَ الامم المتحدة بأن تكون عودة النازحين طوعيّة، ففي هذه الحال سيبقى السوريون في لبنان. وفي رأيي مصلحةُ لبنان أوّلاً». ورأى «انّ اكبر ردّ على متّهمي الرئيس الاسد بأنه هو هجَّر النازحين يتمثّل في مشهد زحفِ هؤلاء الى السفارة السورية زرافاتٍ ووحدانا، أبّان الانتخابات الرئاسية في سوريا لكي ينتخبوه عام 2014».

زهرا
وفي المقلب الآخر، قال عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا لـ«الجمهورية»:
«أولاً، إنّ السفير السوري تدخّلَ في حوار لبناني ـ لبناني بنحو وقِح وغير مبرّر. فعندما يتساجل اللبنانيون حول موضوع، ليس للسفير السوري ان يتدخل في هذا السجال. وشأن داخلي ان يقرّروا إذا أرادوا التحدّث مع السلطة السورية ام لا.

ثانياً، مَن دعا الى الحوار مع السلطة السورية قال: كي يعودوا عودةً آمنة بإرادتهم، هذا ما اعلنَه الشيخ نعيم قاسم. من يريد العودة عودةَ آمنة بارادته لا يريد تفاوضاً بل يكون مقتنعاً بأنّ عودته آمنة ويقرّر ان يرجع. وبالتالي حتى الدعوة الى الكلام مع النظام السوري لم يكن الهدف منها إلّا اعتراف علنيّ من الدولة اللبنانية التي تقول انّ هناك اشكالية حول شرعية النظام في سوريا لأنها تعترف بشرعية هذا النظام بحجة التخلّص من عبء النازحين.
وذكّر زهرا بأنه «عندما قرّرَت الحكومة النأيَ بالنفس فَعلت ذلك على اساس انّ هذا النظام ليس نظاماً شرعياً بالنسبة الى شعبه، وبالتالي لا يمكن ان تتعاطى معه على اساس انه نظام سيّد على ارضه ويمثّل الشرعية الرسمية.

الجميّل
وبدوره رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، قال :»لو كنّا مكان السلطة القائمة لكنّا طالبنا بإحالة ملف اللجوء الى الامم المتحدة بالدرجة الاولى لتكون المسؤولية مشتركة، ولكن للاسف لم تستنفد هذه السلطة أيّ جهد لإيجاد قنوات رسمية دولية تشكّل صلة وصل بيننا وبين دمشق، ولا خطة للدولة اللبنانية أساساً في ملف النازحين.

سعَيد لـ«الجمهورية»
وقال رئيس «لقاء سيّدة الجبل» الدكتور فارس سعيد لـ«الجمهورية»: «يشكّل النزوح السوري في لبنان عبئا كبيراً على جميع اللبنانيين بلا تمييز مناطقي او طائفي، بدليل أحداث برجا أمس، وبالتالي على الحكومة اللبنانية مجتمعةً إيجاد حلّ لإدارة وجودهم في لبنان وللآليات المطلوبة من اجل عودتهم الى ارضِهم. واستغرَب أن يُسحب هذا الموضوع من مداولات مجلس الوزراء تحت عنوان انه يشكّل انقساماً بين اللبنانيين، وأسأل: إذا لم يُناقش داخل المجلس فأين يناقَش؟ هل على شاشات التلفزة؟ ام على المنابر الاعلامية وبطريقة شعبوية؟

ابراهيم
واستوضَحت «الجمهورية» المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بعد الحديث عن تكليفه التواصلَ مع دمشق من اجل معالجة ملف النازحين، فلم ينفِ ولم يؤكّد، لكنّه ابدى استعداده لتنفيذ «القرار السياسي». وقال لـ«الجمهورية»: «أنا في تصرّفِ السلطة السياسية، ومستعدّ لتنفيذ ايّ مهمة تُطلب منّي، والمهم ان يكون هناك قرار سياسي بها». وعن العلاقة مع دمشق أكّد إبراهيم «انّ التنسيق الامني مع المعنيين لم يتغيّرعمّا كان عليه في الفترات السابقة بما تقتضيه المصلحة الامنية بين البلدين».

مرجع امني
في هذا الوقت، قال مرجع امني لـ«الجمهورية» إنّ «الجيش لن يتأثر بكلّ الاصوات التي تَصدر من هنا وهناك بقصد التشويش على المهمات التي ينفّذها وفي حماية وصونِ الاستقرار الداخلي وأمن البلاد، وخصوصاً العملية الاخيرة في منطقة جرود عرسال ضد المجموعات الارهابية». ولفتَ المرجع الى «انّ الامن هو الاولوية الاولى والاخيرة والدائمة بالنسبة الى الجيش، وسيقوم بكلّ ما عليه في هذا الاتجاه ولن يثنيَه عن ذلك شيء». وأضاف: «إنّ الجيش مستمر في حملته ضد الارهاب، وفي الحفاظ على الامن والاستقرار مهما كلّفه ذلك من اثمان». وكشف «انّ الالتباسات التي اثيرَت بالتزامن مع العملية العسكرية في منطقة عرسال ستتّضح عبر تقرير مفصّل يُنشر قريباً».
ولفت الى «أنّ اللقاءات التي حصلت بين قيادة الجيش ومسؤولين أمميين وسفراء، والاتصالات التي جرت تخلّلها عرضٌ من القيادة لتفاصيل الوضع على ارض المعركة وكيف كان قرار الجيش التمييز بين المدنيين والارهابيين، وهذا الامر بالنسبة الى الجيش بمثابة خط احمر بعدم المسّ بالمدنيين، على رغم انّ الارهابيين يستغلّون المدنيين ويَحتمون بهم». وأشار المرجع الى انّ السفراء «اثنوا على دور الجيش ونوّهوا بأدائه في محاربة الارهاب واكّدت القيادة العسكرية انّها تعتمد الشفافية في كل عمل تقوم به، وأولويتُها تبقى دائماً أمن لبنان وحفظ استقراره وحماية المدنيين وعدم المسّ بهم».