Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر December 28, 2019
A A A
الحكومة على النار: توزيع الوزارات السيادية وتمثيل سياسي بالتكنوقراط
الكاتب: محمد بلوط - الديار

لم تؤثر العاصفة الثلجية في الحركة الناشطة للاسراع في تشكيل الحكومة والانصراف الى مواجهة التحديات لا سيما الاقتصادية والمالية منها.
وزار الرئيس المكلف حسان دياب امس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واطلعه على آخر ما توصل اليه في شأن تأليف الحكومة على مستوى توزيع الحقائب والاسماء.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان دياب ما زال يرغب في تشكيل حكومة من 18 وزيراً، وانه يعتزم اجراء المزيد من المشاورات في اليومين المقبلين سعيا الى تأليف الحكومة قبل رأس السنة مثلما امل الرئيس عون من بكركي في عيد الميلاد، لكن البحث الجاري يؤشر الى ولادتها مطلع العام الجديد.
وتضيف المعلومات ان رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر يرغبون ايضا في ولادة الحكومة بأسرع وقت لإحداث صدمة ايجابية في البلاد مع مطلع العام الجديد، خصوصا ان الجهات الخارجية والخبراء والمعنيين بمن فيهم حاكم مصرف لبنان كلهم اكدوا اهمية تأثير تأليف الحكومة في الوضعين المالي والنقدي والانطلاق نحو معالجة الوضع الاقتصادي في البلاد.
وعلمت «الديار» انه خلال اللقاءات والمشاورات التي اجراها دياب اول من امس مع بعض الكتل والقوى، جرى التطرق الى بعض الاسماء التي كانت تسربت الى وسائل الاعلام وابدى البعض تحفظه عن اسمين او ثلاثة فيها. لكن الرئيس المكلف اكد ان ما يسرب من اسماء لا يعكس حقيقة ما يجري، معتبرا ان هناك احيانا رغبة في نشر مثل هذه التسريبات لخلق ارباكات والتشويش على عملية التأليف.
وابلغ الرئيس المكلف من التقاهم انه عازم على تشكيل حكومة مصغرة نسبيا (18 عضوا) من التكنوقراط وانه يسعى لدى كل القوى والاطراف لتكون تشكيلة فاعلة وقادرة على القيام بمهامها في ظل هذه الظروف الدقيقة والصعبة.
ووفقاً للمعلومات ايضاً، فإن الحركة الناشطة في الايام القليلة الماضية تمحورت ايضاً حول حسم بعض المسائل المتعلقة بطبيعة الحكومة وتوزيع الحقائب وانه جرى ايضاً التطرق الى بعض الاسماء المرشحة واتفق على استكمال هذا البحث في اليومين المقبلين.
ولم تستبعد المصادر ان يجري دياب في الساعات المقبلة مشاورات ومداولات مع الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر في محاولة لحسم بعض الاسماء، خصوصاً بعد الحديث عن تجاوز مسألة ما سمي بحكومة التكنوسياسية.
وتقول المعلومات في هذا المجال ان ما تم حسمه حتى الان هو الآتي :
1- الاتفاق على توزيع الحقائب السيادية بين الطوائف وبقاء وزارة المال في يد الشيعة.
2- تجاوز مسألة مشاركة سياسيين او نواب في الحكومة، والاكتفاء باختيار الكتل والقوى السياسية المشاركة في الحكومة لممثليها من التكنوقراط، مع العلم ايضاً ان رئيسي الجمهورية والحكومة سيكون لهما حصة وازنة ايضاً في الحكومة الجديدة من رجال الاختصاص، وان الرئيس دياب يسعى الى اشراك عدد لا بأس به من المقربين منه اصحاب الاختصاص في غير مجال.
3- الاتفاق على ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد لاعتبارات عديدة منها ان ولادتها ستؤثر بشكل ايجابي في الوضع العام وتفرمل حالة التدهور التي نعيشها. كما ان التأليف المبكر سيقطع الطريق على محاولات اجهاض عملية التشكيل والانقلاب على ما جرى تحقيقه في ضوء الاستشارات النيابية الملزمة وما بعدها.
وحسب المعلومات المتوافرة لـ«الديار» ايضاً فإن التركيز يجري على توزيع بعض الحقائب الحيوية والاسماء المرشحة لها، خصوصاً ان الشخصيات التي ستتولى مثل هذه الحقائب يفترض ان تحظى ليس بثقة القوى السياسية المشاركة في الحكومة بل ايضا بثقة الناس.
وتضيف المعلومات ان دياب حريص على الدقّة في اختيار الوزراء السنّة وانه يأخذ بعين الاعتبار ثلاثة امور هي:
1- عدم الاتيان بأسماء قد تكون نافرة بالنسبة لتيار المستقبل، مع العلم ان الرئيس المكلف حاول اخذ رأي التيار في الاستشارات، ولم يقفل الباب امام المزيد من المحاولات.
2- المجيء بوزراء سنّية من اصحاب الاختصاص مثلهم مثل باقي الوزراء مع الاخذ بعين الاعتبار المجيء بأشخاص مقربين منه ومحسوبين ايضا على الحراك الشعبي والمجتمع المدني.
3- اشراك اللقاء التشاوري الذي ايّد تكليفه في تسمية احد الوزراء من التكنوقراط.
وفي المقابل بقيت اوساط تيار المستقبل في استنفار سياسي ضد حكومة دياب التي سماها الرئيس الحريري بحكومة جبران باسيل، لكن الاعتراضات وقطع الطرق غابت امس ايضا لا سيما في فترة الاعياد.
وبينما تحدثت بعض المصادر عن استئناف انصار الحريري و«المستقبل» تحركهم في الشارع بعد الاعياد، نفى مصدر قيادي في «المستقبل» نفيا قاطعا هذه المعلومات، ووصفها بأنها معلومات مفبركة… واكد «ان حملة الترويج هذه تصبّ في اطار التحريض على الفتنة وجر البلاد الى الفوضى وتستدعي تحرك القضاء المختص لملاحقة المحرضين».
وتقول المعلومات ان تيار المستقبل ومن يدور في فلكه يسعون الى الضغط قدر المستطاع لتفشيل مهمة دياب في تأليف الحكومة خصوصا بالنسبة للوزراء السنة، حيث يمارسون حملة قوية لعزل الرئىس المكلف واعاقة عمله.
اما «القوات اللبنانية» ففضلت اخذ موقف معتدل واعطاء الرئىس المكلف فرصة لتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، وان حكم القوات سيكون على طبيعة هذه الحكومة.
وقالت مصادر مطلعة انه جرى وربما يجري العمل على اختيار وزراء اختصاصيين هم موضع قبول او ثقة من «القوات» وان هذا الامر يحتاج الى مزيد من الجهد والوقت في اليومين المقبلين.
وبموازاة الحركة الناشطة لتأليف الحكومة تفاعلت مؤخراً مسألة تهريب الأموال الى الخارج أكان من جهات سياسية او من المصارف التي تواصل التشدد في اجراءاتها مستهدفة المودعين لا سيما الصغار منهم.
وقالت مصادر مطلعة ان موضوع تهريب الاموال الى الخارج وضع تحت المجهر، وان مصرف لبنان كما عبر حاكمه سيقوم بمتابعة هذا الموضوع ويتخذ الاجراءات الممكنة وللمناسبة بشأن العمليات غير القانونية أو المشروعة.
والجدير بالذكر ان المعلومات افادت عن تهريب بين 9 و11 مليار دولار من المصارف الى الخارج، عدا تهريب ما لا يقل عن سبعة مليارات دولار من اشخاص وشخصيات سياسية.
وتقول المصادر ان الاجتماع الرباعي الذي عقد في مجلس النواب بين وزير المال ورئىس لجنة المال وحاكم مصرف لبنان ورئىس جمعية المصارف تطرق الى هذا الموضوع من دون الدخول في التفاصيل.
وتضيف ان الاجتماع المذكور توصل الى نتائج مهمة في شأن العديد من العلميات والقضايا المصرفية ومنها رفع الضمان على الودائع من 5 الى 75 مليون ليرة ما يؤثر ايجاباً في صغار المودعين، وكذلك تخفيف التشدد لتحويل المال للطلاب الذين يتابعون علومهم في الخارج.
وجرى التأكيد على تقبيض الموظفين رواتبهم المحولة الى البنوك كاملة من دون تقسيط. اضافة الى ترتيبات تتعلق باحتساب فوائد القروض مثل فوائد الايداع.
وفي اشارة واضحة الى رغبة باريس في مساعدة لبنان والعمل على عدم انزلاقه الى الانهيار، اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية انه «منذ 19 كانون الاول الجاري سلطت مجموعة الدعم الدولية، التي اجتمعت في باريس الضوء على ضرورة تشكيل حكومة جديدة لتنفيذ كل الاجراءات والاصلاحات في لبنان، وبالطبع عبر تطبيق هذه الخطوات يمكن تحقيق مطالب اللبنانيين الذين عبروا عنها منذ 17 تشرين الاول الماضي».
واضافت «ان مجموعة الدعم الدولية مستعدة لمساندة لبنان»، مشيرة انه ليس لها ان تقرر تكوين الحكومة اللبنانية المستقبلية، وانما الامر متروك الى اللبنانيين، متمنية تشكيل «حكومة فعالة تساعد على اتخاذ القرارات بسرعة كبيرة وتلبي هذه القرارات مطالب الشعب اللبناني».