Beirut weather 18.54 ° C
تاريخ النشر March 13, 2020
A A A
الحكومة ستُسرّع في وضع الخطّة الإقتصادية الإصلاحيّة لإنقاذ لبنان من الإفلاس
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

تدرس الحكومة خلال فترة أسبوع السماح الذي يلي قرارها تعليق سداد سندات اليوروبوندز، كلّ التداعيات التي قد تنجم عن قرارها هذا انطلاقاً من خشيتها من أن يقوم بعض الدائنين الخارجيين باللجوء الى رفع دعاوى قضائية ضدّ الدولة اللبنانية. كما تعمل على دراسة مسألة «إعادة هيكلة الدين» التي نجمت عن تخلّفها عن دفع الاستحقاق الأول الذي يبلغ ملياراً و200 مليون دولار من إجمالي مبلغ 30 مليار دولار، فضلاً عن الخطّة الإقتصادية الإصلاحية التي يجب على أساسها أن تتفاوض مع الدائنين لا سيما الخارجيين منهم.

وتقول مصادر سياسية عليمة أنّ لبنان يخشى من أن يعمد بعض حملة السندات من الدائنين الى التفاوض مع لبنان مع اللجوء في الوقت نفسه الى المحاكم الدولية أو التحكيم، لا سيما منها الصناديق الإئتمانية الخارجية. ولهذا تسعى الى تسريع إعداد الخطّة الإقتصادية الإصلاحية التي من شأنها إنقاذ لبنان من الإفلاس، لا سيما بعدما عمدت وكالة «فيتش» الى خفض تصنيف لبنان أخيراً من «سي سي» الى «سي»، وهي الدرجة ما قبل الأخيرة، ويُتخوّف أن تصنّفه بالدرجة الأخيرة «دي» التي تعني التعثّر أو الإفلاس. فما يهمّ الحكومة حالياً هو إنجاز الخطّة الإنقاذية بهدف استعادة الدائنين الثقة بها، تلافياً للجوئهم مباشرة الى رفع دعاوى قضائية ضدّ لبنان في ظلّ التفاوض معه، قد تخسّره ممتلكات وأموال الدولة اللبنانية الموجودة في المصارف.

وذكرت المصادر أنّ التفاوض مع الدائنين لن يكون سهلاً، كما أنّ التفاوض مع صندوق النقد الدولي صعب جدّاً في ظلّ الشروط القاسية التي يفرضها على الدول التي يُقرضها الأموال بسخاء، لا سيما على الطبقات الإجتماعية فيها التي لا تستطيع تحمّل المزيد من الضرائب. لهذا فإنّ لبنان يُحاول ابتداع سيناريو جديد يختلف عن النماذج أو السيناريوهات التي اعتمدتها الدول الأخرى التي تخلّفت عن الدفع، مثل الأرجنتين واليونان وفنزويلا وسواها…

وأوضحت المصادر أنّ الصندوق كان في الماضي يعمل على مساعدة الدول التي تشكو من عجز في ميزان المدفوعات، غير أنّ الأميركيين وسّعوا دوره، ما جعله يستطيع إقراض الدول العاجزة بمبالغ طائلة، مقابل أن يفرض عليها إعادة هيكلة إقتصادها وماليتها، وما الى ذلك… لهذا فإنّ شروط صندوق النقد تبدو اليوم صعبة على لبنان كونها تتضمّن تحرير سعر الصرف والتجارة الخارجية ومنع الدعم، ومقايضة الدين بموجودات الدولة، وزيادة الضرائب السهلة الجباية مثل الضرائب على الإستهلاك. والحكومة الحالية تُحاول أن تتلافى أن تتحمّل الطبقات البنانية الفقيرة هذه الأعباء وخصوصاً أنّها لم تعد قادرة على العيش بالحدّ الأدنى من العيش الكريم. من هنا، فإنّ التعاطي مع صندوق النقد الذي يستطيع إقراض الدولة العاجزة لكنه في الوقت نفسه لا ينظر الى حاجات الناس بقدر ما ينظر الى تصحيح الأرقام، ليس الحلّ الذي ستعتمده الحكومة الحالية..

ولأنّ التفاوض مع الدائنين الخارجيين لا بدّ وأن يستغرق أشهراً عدّة، سيما أنّه سيحصل مع حامل كلّ سند على حدة، أكّدت المصادر نفسها أنّ الحكومة ستسعى الى حلّ مسألة تسديد السندات تِباعاً قبل أن يتمّ رفع الدعاوى ضدّ لبنان خلال الفترة المقبلة، سيما أنّ ربح إحدى الدعاوى من قبل جهة معيّنة قد يُشجّع الدائنين الآخرين على القيام بالخطوة ذاتها. وهذا الأمر من شأنه إيقاع لبنان فيما يعمل على تلافيه، سيما أنّ الدعاوى لا بدّ وأن تؤخّر قبضهم لمستحقّاتهم، ولن تصبّ في الوقت نفسه لصالح لبنان، فيما التفاوض على السداد المنظّم للديون يوصلهم الى الحصول على أموالهم وإن في وقت متأخّر.

ولهذا، فإنّ الحكومة ستتخذ سريعاً سلسلة من القرارات التي تتعلّق بالنهوض بالواقع الإقتصادي عن طريق التحوّل من الإقتصاد الريعي الى الإقتصاد المنتج، وبالعمل على معالجة الأزمة المالية الحالية، وملف الكهرباء، الى جانب سلسلة من الإصلاحات المطلوبة، وذلك تزامناً مع التفاوض مع الدائنين المحليين والأجانب بهدف تأجيل الإستحقاقات وخفضها لكي يتمكّن لبنان من سدادها بانتظام على مدار السنوات الثلاث الى الخمس المقبلة.