Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر July 9, 2020
A A A
الحكومة تعدّل خطتها.. وبري يتحرك على المحاور الديبلوماسية لفتح الأبواب الخليجية والأوروبية
الكاتب: محمد بلوط - الديار

هل بدأت الحكومة تعديل خطتها لمواجهة الانهيار الاقتصادي والمالي وحرب الحصار المفروضة على لبنان، أم انها قررت اعادة ترتيب الاولويات آخذة العبرة من العثرات والثغر التي ظهرت في ادائها منذ ولادتها حتى الآن؟
المعطيات المتوافرة تؤكد ان الحكومة بعد ان تنفست الصعداء على اثر فشل المحاولات الاخيرة لإسقاطها في الشارع باشرت تنفيذ خطة الصمود مستندة بالدرجة الاولى الى توفير السلة الغذائية ووقف تدهور القدرة الشرائية للبنانيين، تمهيدا للخطوة التالية والصعبة المتمثلة بفرملة استمرار انهيار الليرة اللبنانية وضبط سعر الدولار وتوحيده كما اشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أول من أمس.

وفي هذا الاطار، عبّر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بوضوح عن حجم وتداعيات الازمة وابعادها من خلال خوض المعركة ضد تجويع اللبنانيين وتعزيز الزراعة والصناعة، في اشارة صريحة الى ان عمر الازمة غير قصير، وان حرب الحصار على لبنان مستمرة بقيادة الادارة الأميركية.

وكشف مصدر وزاري مطلع لـ «الديار» أمس ان الحكومة ستركز في المرحلة المقبلة على استكمال توفير مقومات الصمود واتخاذ خطوات متتالية تتعلق بالاصلاحات بالتعاون مع مجلس النواب الذي تنصرف لجانه لدرس واقرار عدد من القوانين الاصلاحية المندرجة في الخطة الشاملة.

وقال المصدر ان الوتيرة البطيئة للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي ساهمت في تعديل خطة الحكومة واعادة النظر بالاولويات، لكن هذا الامر لا يعني تقليل او تراجع الاهتمام بتوفير الشروط الملائمة لانجاح هذه المفاوضات ومحاولة تقصير أمدها قدر الامكان.

واشار في هذا المجال الى انه بعد ان جرى تعيين مجلس ادارة الكهرباء، سيصار قريبا ايضا الى اجراء تعيينات ادارية اخرى، تضاف الى سلة التعيينات التي اقرت حتى الآن والتي كان ابرزها تعيين اعضاء مجلس ادارة مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف.

وأمس اصدر حاكم مصرف لبنان تعميما جديداً يتعلق بتأمين العملات الاجنبية تلبية لحاجات مستوردي ومصنعي المواد الغذاذية والسلع المندرجة في اطار السلة التي اعلن عنها في الاجتماع المالي اول من امس من خلال المصارف بدلا من الصيارفة كما جرى في الاسابيع القليلة الماضية.

وينتظر ان يبدأ تنفيذ هذا التعميم في الايام القليلة المقبلة، حيث وعد الوزراء المختصون بحصول تخفيضات ملحوظة وجدية على اسعار نسبة كبيرة من السلع والمواد الغذائية الضرورية باعتبار ان استيرادها من قبل التجار سيكون على اساس احتساب سعر الدولار وفق المنصة الالكترونية (3900 ليرة).

في هذا الوقت، بقيت ازمة انقطاع الكهرباء على حالها امس بانتظار ما وعد به وزير الطاقة في جلسة مجلس الوزراء اول من امس بتفريع ثلاث سفن لمادة الفيول والغاز اويل في خزانات شركات النفط والكهرباء اعتبارا من امس وخلال الايام المقبلة، وذلك من اجل اعادة التيار تدريجيا الى التقنين الذي كان سائداً قبل الازمة.

وذكرت المعلومات ان الباخرة الاولى التي وصلت امس الأول تأخرت في بدء تفريع حمولتها من دون ان تتوضح الاسباب الحقيقية، لكن جهات متابعة قالت انه جرى تحقيق مع طاقم الباخرة بشأن التلكؤ في مباشرة عملية التفريغ.

وكان وزير الداخلية العميد محمد فهمي قال امام وفد نقابة المحررين امس: «ان لبناني تعرض لحصار جائر، وهناك أدلة كثيرة على ذلك، منها قيام جهات معينة بعرقلة فتح اعتماد لشراء الفيول لحساب مصرف لبنان، وذلك في اطار سياسة الخنق المعتمدة».

التهديدات الاميركية
وغداة التحذيرات والهجوم العنيف الذي جدده الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على الادارة الاميركية وتصرفات السفيرة دوروثي شيا في لبنان جاءت زيارة قائدة المنطقة الوسطى في الجيش الاميركي كينيث ماكنزي المقررة مختصرة وسريعة.

وقالت المعلومات انه جرى تعديل برنامج هذه الزيارة التي دامت لساعات بحيث تم الغاء احتفال رمزي كان سيقام في ذكرى عملية المارينز على طريق المطار التي ادت الى سقوط عدد كبير من ضباط وافراد «المارينز» الاميركيين عام 1983، حيث تجمع امس عدد من الشبان الذين رفعوا صورا وشعارات تشيد بالمقاومة وتدين السياسة الاميركية في لبنان والمنطقة.

واكتفت السفارة الاميركية في بيان لها بالقول انه تخللت الزيارة «محطة قصيرة عند النصب التذكاري تكريما لذكرى اولئك الذين لقوا حتفهم في خدمة بلدهم».

وزار ماكنزي الرئيسين عون وبري والتقى عددا من القادة السياسيين والعسكريين اللبنانيين، بمن فيهم ممثلون عن وزارة الدفاع والجيش اللبناني، وبالاضافة الى لقاءات في السفارة (على حدّ تعبير بيان السفارة).

وقال البيان ان ماكنزي «اكد مجددا على اهمية الحفاظ على أمن واستقرار لبنان وسيادته، وشدد على «الشراكة» القوية بين الولايات المتحدة والجيش اللبناني».

من جهة اخرى، وصل امس الى بيروت رجل الاعمال اللبناني قاسم تاج الدين بعد الافراج عنه من قبل السلطات الاميركية.

وكان تاج الدين اوقف في المغرب في اذار 2017، وحكم عليه بالسجن في الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات تنتهي في العام 2023، ولكن القضاء الاميركي وافق اخيرا على خفض مدة محكوميته «لاسباب صحية وانتشار فيروس كورونا».

والمعلوم ان السلطات الاميركية تتهم تاج الدين بتمويل حزب الله، وبعمليات غير شرعية في اطار استهدافها لعدد من رجال الاعمال اللبنانيين.

وفي وقت لاحق امس جدد وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو هجومه العنيف ضد حزب الله وقال «انه منظمة ارهابية وندعو كل الدول لتصنيفه ارهابيا، ونحن نحاول منع ايران من بيع النفط الخام لحزب الله، ونعمل ما بوسعنا لتفعيل العقوبات ضد عناصره».

وقال في مؤتمر صحفي «اننا سنواصل الضغط على حزب الله وندعم حصول اللبنانيين على حكومة نزيهة. وان الولايات المتحدة ستساعد لبنان للخروج من ازمته ولا نقبل تحويل لبنان الى دولة تابعة لإيران».

دور مميز لبري
وكشف المصدر عن ان الرئيس بري باستشعاره حجم الاخطار التي تتهدد لبنان جراء الضغط والتهديدات اللذين يتعرض لهما، كثف نشاطه الديبلوماسي سعيًا الى شرح الوضع الصعب الذي يعاني منه لبنان ومخاطر استمرار سياسة التضييق التي يتعرض لها وليس على اللبنانيين فحسب بل على صعيد استقرار لبنان والمنطقة.

واشار المصدر نفسه الى ما نقل عن رئىس المجلس بعد لقائه السفير الكويتي وتفاؤله اللافت، موضحا انه مصدر هذا التفاؤل النسبي.

وتشهد عين التينة منذ ايام حركة ديبلوماسية ناشطة تمثلت بلقاءات عقدها الرئيس بري مع سفراء الصين وفرنسا والكويت الى جانب الاجتماع مع الوفد الوزاري العراقي الذي زار لبنان في اطار مهمة فتح ملف تنشيط التعاون بين البلدين على صعيد النفط والزراعة.

وقال مصدر نيابي مطّلع ان الرئيس بري يأخذ على عاتقه منذ فترة غير قصيرة التحرك على المحورين الداخلي والخارجي في اطار العمل على مواجهة التدهور الذي يشهده لبنان على الصعيدين الاقتصادي والمالي.

ما سمعه كما في السابق من رغبة لدى الكويت في العمل من اجل مساندة لبنان في هذه المرحلة الدقيقة والصعبة، لكن هذه الرغبة تحتاج الى جهد لدى الدول الخليجية الاخرى لا سيما السعودية التي تتخذ موقفا غير ايجابي من حكومة الرئيس دياب وتعتبرها انها تدور في فلك حزب الله.

وبرأي المصدر النيابي ان الرئيس بري يحظى بتقدير شخصي من دولة الكويت واميرها، وانه يعوّل على مضاعفة الكويت جهودها في اتجاه فتح الباب امام مساعدة لبنان. كما انه على علاقة طيبة مع دول الخليج الاخرى، والتواصل لم ينقطع بينه وبين سفراء هذه الدول ومنها السعودية.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يستطيع ان يفك تحرك بري العزلة التي فرضتها دول الخليج على لبنان، لا سيما بعد تشكيل حكومة دياب ولو على مستوى تخفيف الضغوط والتضييق عليه، ام ان هذا المسعى يحتاج الى مزيد من الجهد والوقت؟

ومن جهة ثانية، يسعى بري ايضا الى اعادة تحريك وتنشيط التواصل مع الاوروبيين، وفي مقدمهم فرنسا التي تستطيع ان تؤدي دورا اساسيا في تحسين اجواء مساعدة الاتحاد الاوروبي للبنان.

ويقول المصدر النيابي في هذا المجال ان لقاء رئيس المجلس مع السفير الفرنسي مؤخرا يندرج في هذ الاطار، خصوصا بعد فترة ركود قسرية فرضتها ازمة كورونا وتداعياتها وعوامل اخرى.

اما لقاء بري مع السفير الصيني امس فيندرج في اطار العمل على تعزيز التعاون مع بكين في اطار قرار توسيع انفتاح لبنان على كل الدول المستعدة لمساعدته.

وتقول المعلومات ان رئيس المجلس مطلع على تقارير ومعلومات مفصلة حول رغبة الصين على مستوى الدولة والشركات في التعاون مع لبنان على صعيد مشاريع تتعلق بالطاقة والنقل وزيادة حجم الاستثمارات بين البلدين.

اما على الصعيد الداخلي، فإن الرئىس بري متمسك بما اكد عليه مرارا لجهة العمل لتعزيز وتغليب لغة الحوار بين الاطراف السياسية ومواجهة سياسة الانقسامات والمحاور في هذه الظروف الخطرة التي يعيشها لبنان.

لذلك يقول المصدر النيابي انه سيبقى في حركة دائمة مع الجميع موالين ومعارضين، لتحسين الاجواء السياسية قدر الامكان وتخفيف التوترات والتجاذبات الحادة التي تساهم في اهتزاز الاستقرار الامني في البلاد.

ويتطلع الرئيس بري بعد الخطوات الاخيرة المتعلقة بدعم السلة الغذائية وتعيين مجلس ادارة كهرباء لبنان الى خطوات اخرى، لا سيما العمل على وقف التدهور النقدي واعادة النظر في هذا المسار على قاعدة الحفاظ على حقوق المودعين وحماية هذه الحقوق.

قلق فرنسي
اعرب وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان عن قلقه العميق بشأن الوضع اللبناني، كما ابدى حزنه لان نصف السكان اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر وكانت هناك تعهدات من قبل الحكومة اللبنانية بالاصلاح، ولكن هذه الاصلاحات لم تحصل.