Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر September 15, 2023
A A A
الحكومة تدافع عن وصفها إقرار الموازنة بـ”العمل البطولي”… ميقاتي: مصرّون على هذا التعبير لأنّنا حقّقنا إنجازاً
الكاتب: ابراهيم بيرم - النهار

 

ليست المرة الاولى التي يفصح فيها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عن حفاوته البالغة بإنجاز الحكومة مشروع الموازنة العامة توطئة لتقديمه الى الهيئة العامة لمجلس النواب بغية إشباعه درساً ومناقشة ويقرّها بعد إدخال تعديلات مفترضة عليها.

فلقد سبق لميقاتي ان سلك المسلك عينه وأبدى الحفاوة إياها مرتين منذ توليه رئاسة الحكومة الحالية قبل ثلاثة اعوام، اذ كان يستفيض في تبيان المبادىء العامة التي اعتمدها واضعو مشروع الموازنة لكي يتجاوزوا عقبات متراكمة منذ سنوات، ويتخطوا مفاعيل تسيّب قائم بهدف وضع مشروع الموازنة وإعداده للمناقشة والأقرار بصيغته النهائية.
لكن المفارقة هذه المرة تتجلى في تعمّد رئيس الحكومة ان يمنح إقرار وزارة المال للموازنة التي هي من اختصاصها صفة “عمل بطولي”.

وثمة من سارع الى توجيه الانتقاد لهذا التعبير والوصف الذي توسّله ميقاتي وهو يزفّ الى المعنيين بشرى اقرار مشروع الموازنة، وذهبوا في انتقادهم الى حد القول ان في هذا التعبير “مبالغة ليست في محلها ووقتها”، لاسيما ان وزارة المال لا تقوم إلا بما هو منوط بها كواجب عليها ان تؤديه سنويا، لذا فهو ليس فعلا استثنائيا يستحق ان يُمنح هذا الوصف.

لكن الرئيس ميقاتي يؤكد انه لم يكن يلقي الكلام جزافاً أو تبجحاً واعتداداً بالذات عندما تعمّد اضافة وصف “العمل البطولي” على اقرار الحكومة لتوّها مشروع الموازنة العامة. ويقول لـ”النهار”: “لا شك نحن نعلم علم اليقين ان اقرارنا لمشروع الموازنة العامة ليس بالعمل الاستثنائي لوزارة المال وللحكومة، وندرك ايضا ان الامر ليس منّة نمنّن بها مواطنينا، لكنني مع ذلك ما زلت أصرّ على إضفاء صفة العمل البطولي على فعل انجاز مشروع الموازنة وذلك بناء على اعتبارات عدة ابرزها:
– ان موظفي وزارة المال الذين تعهدوا وضع مشروع الموازنة في فترة محددة هم قلة قليلة من الموظفين والعاملين في الوزارة المولجين رسميا بمهمة وضع مشروع الموازنة.

– لذا نحن نعتبر بكل ثقة وصراحة ان الفعل الذي قاموا به كان عملا بطوليا وانجازا استثنائيا، فهؤلاء وضعوا موازنة صعبة في مهلة زمنية قياسية، كان يضعها بالعادة أعداد مضاعفة من الموظفين والخبراء. ونرى ان واضعي هذه الموازنة كانوا من الصامدين الصابرين الذين ادوا المهمة بروح رسالية، اذ كان بامكانهم التملص والتمنع عن اداء المهمة او على الاقل المماطلة تحت ذرائع باتت معروفة في الادارات العامة حيث التغيّب والتسيّب باتا سمة”.

واضاف ميقاتي: “وأنا استغرب أشد الاستغراب ان يسعى البعض الى التشكيك بكلامي عن “العمل البطولي”، ففي وضع مثل وضع البلد ووضعٍ مثل وضع الادارة والقطاع العام يصير عملٌ بحجم اقرار مشروع الموازنة عملا استثنائيا لان ما من احد يجهل اهمية اقرار موازنة في مسيرة الدولة. فهي علامة اساسية تؤكد ان هذه الدولة ما انفكت صامدة وعصية على التحلل، وهو الوصف الذي يستمرىء كثر استخدامه في الآونة الاخيرة”.

ويستطرد الرئيس ميقاتي: “ان الشهادة على اهمية انجازنا أتتنا من صندوق النقد الدولي الذي كان يرصد بدقة مسار هذه المسألة وقد بادر الى تهنئتنا كحكومة وكوزارة مال معتبراً الحدث مؤشرا ايجابيا سيأخذه في الاعتبار”.

ثم يقول: “انا لا استطيع ان اكتم شعورا بالارتياح والفرح يساورني كلما ادت الحكومة عملا في هذه الظروف الصعبة يبرهن على ان الدولة ما زالت واقفة على قدميها وتتجاوز كل ما يعترضها من صعوبات وعراقيل معروفة، فهو بالنسبة الينا بشرى بنهوض موعود يعطينا الامل والرجاء بان هذه الدولة قادرة ذات يوم على استعادة ذاتها والانطلاق في مسيرتها”.

ورداً على سؤال عن مصير مشروع الموازنة وعن الملاحظات التي صدرت عليه قال ميقاتي: “خلال ساعات سيُرسل هذا المشروع وفق الآليات الدستورية الى مجلس النواب وننتظر منه ان يلتئم ويشرع في مناقشته وادخال التعديلات عليه لإقرارها بعد التصويت. اما في حال حالت ظروف دون ان يقوم المجلس بهذا الامر المنوط به فعندها ووفق بنود دستورية واضحة (بعد ثلاثة اشهر من ارساله) فان الحكومة ستبادر الى اصدار الموازنة في قانون”.

ويخلص الرئيس ميقاتي: “اعتقد اننا كحكومة أدّينا ما هو علينا وأعددنا مشروع الموازنة والكرة الآن صارت في مرمى مجلس النواب ونحن من المنتظرين لنبني على الشيء مقتضاه”.
وزير المال

من جهته، يثني وزير المال يوسف الخليل في دردشة مع “النهار” على كلام الرئيس ميقاتي، ويضيف: “ان الاستثنائية التي تتبدى في وضعنا لمشروع الموازنة العامة تظهر جلية في امور عدة ابرزها:
– سرعة الانجاز مع قلة المكلفين بهذه المهمة بفعل عوامل صارت معلومة.

– ان مشروع الموازنة الموضوع من جانب الوزارة هو عمليا مشروع عائد لثلاث سنوات هي 2022 و2023 و2024.

– والامر الآخر الذي يمكننا الاضاءة عليه ونسمح لأنفسنا بإدراجه في خانة الانجاز، هو ان وزارة المال صارت تدفع لعناصر كل الاسلاك العسكرية ولكل المتقاعدين والعاملين في القطاع العام رواتبهم ومخصصاتهم من دون ان نلجأ الى الاستدانة من مصرف لبنان او من جهات خارجية”.

ورداً على موجة الانتقادات التي سددها البعض الى مشروع الموازنة، لاسيما لجهة مضاعفة الرسوم والضرائب، اجاب الوزير الخليل: “الامر ليس مستجدا او طارئا اذ اعتدنا مع كل اقرار لمشروع موازنة جديد ان نرى موجة الحملات الانتقادية هذه”.

ومع ذلك يختم وزير المال بأن مشروع الموازنة “قابل للتعديل والمناقشة في الهيئة العامة لمجلس النواب. ونحن لدينا فذلكتنا لهذا المشروع ولدينا ايضا في الوقت عينه الاستعداد التام للمناقشة وتقبّل الملاحظات. لذا نقول ان الكرة الآن عند مجلس النواب الذي يتعين عليه ان يؤدي واجبه كما الحكومة لكي نثبت جميعا اننا ما برحنا خط دفاع عن الدولة وعن مصالح المواطنين الذين نعرف معاناتهم ومطالبهم”.