Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر September 9, 2017
A A A
الحكومة باقية ولا انتخابات فرعيّة ولا جزم بـ”العامّة”!
الكاتب: سركيس نعوم - النهار

تعتقد قيادة حزب الله، استناداً إلى متابعين له، أن الانتخابات النيابيّة الفرعيّة التي بحث فيها مجلس الوزراء لملء شغور المقعدين العلوي والارثوذكسي في طرابلس والمقعد الماروني في كسروان لن تجري رغم مخالفة ذلك للدستور. أمّا الأسباب التي يُبرّر بها مسؤولون التأخير الذي سيبرّر بدوره عدم إجرائها فتقنيّة مثل عدم تشكيل الهيئة الوطنية للإشراف على الانتخابات والجدل الدائر حول الانتخاب ببطاقة مُمغنطة أو ببطاقة الهويّة. هذا النوع من الأسباب موجود، لكن السبب الفعلي هو حرص عدد مُهمّ من الأطراف السياسيّين على عدم تعريض أنفسهم لاختبار شعبي قبل الانتخابات النيابيّة العامّة الأكثر أهميّة من شأنه التأثير على شعبيّاتهم وتالياً على نسبة المقاعد التي قد يحصلون عليها. ومن هؤلاء تيّار المستقبل الذي يقوده الرئيس سعد الحريري.

والذي يعرف أن الخارج من عباءته والمُهاجم مهادنته لحزب الله الوزير السابق أشرف ريفي، وكذلك أخصامه الآخرين في طرابلس سيخوضون معركة شرسة ضدّه. وليس هناك من يضمن نتيجتها النهائيّة حتى الآن رغم أن المقعدين الشاغرين غير “سُنّيين”. ومن هؤلاء أيضاً “حزب القوات اللبنانية” الذي “فضّل” عدم إجراء الفرعيّة مُعطياً أسباباً “شكليّة” لموقفه. لكن السبب الحقيقي هو اختبار القوّة الذي سيحصل في كسروان – الفتوح أحد أهم المعاقل المسيحيّة في جبل لبنان بينه وبين حليفه “اللدود” “التيّار الوطني الحر” الذي أسّسه العماد ميشال عون ويتولّى قيادته حاليّاً الوزير جبران باسيل. فضلاً عن أن هناك سبباً آخر هو خشيته انعكاس “فرعية” كسروان على “اتفاق النيّات” الذي تمّ بين الاثنين، والذي يمرّ منذ مدّة بصعوبات وامتحانات داخل مجلس الوزراء وفي مجلس النواب وبين محازبي الاثنين وأنصارهما. علماً أن هذا الوضع طبيعي جرّاء التاريخ الصعب الذي عاشاه في آخر سنوات الحرب وتحديداً آخر سنتين فيها 1998 – 1990 جرّاء الاختلاف التنافسي الحاد بين زعيميهما عون والدكتور سمير جعجع، والذي تحوّل حرباً طاحنة أحدثت دماراً كبيراً في المنطقة الشرقية (المسيحيّة) وقسمتها جغرافيّاً وسياسيّاً. وكان ذلك التقسيم الثاني إذ أن تقسيماً أولاً سبقه عام 1978 بانفصال الشمال المسيحي عن الشرقيّة جرّاء اغتيال النائب طوني فرنجية.

ماذا عن الانتخابات النيابيّة العامّة؟ هل تجري في موعدها؟ هذه الانتخابات لا يمكن الجزم أنّها ستجري في شهر أيار من العام المقبل 2018، كما قرّر مجلس الوزراء بعدما مدّد مجلس النواب لنفسه حتى هذا التاريخ بقانون. كما لا يمكن الجزم إذا كانت ستؤجّل مرّة جديدة ولكن بعد تمديد آخر للمجلس. هذا ما تعتقده قيادة “حزب الله” استناداً إلى مُتابعيه أنفسهم، علماً أن الوقت لا يزال مبكراً للخوض في هذا الأمر. لكن اللافت هنا هو اعتقاد “الحزب” أو البعض فيه أن الرئيس عون لم يعد في حاجة ماسّة إلى هذه الانتخابات كي يعتبر أن عهده الرئاسي قد بدأ. إذ أخذ عليه كثيرون قوله بعد تولّيه الرئاسة أن بداية عهده الفعلي ستكون مع مجلس نواب جديد منتخب من الشعب. والدافع إلى هذا الاعتقاد الإنجازات التي حققها أو تحقّقت في عهده حتى الآن مثل النجاح في مكافحة الارهاب ومُمارسيه وخلاياه، والنجاح أيضاً في تحرير الجرود الشرقية اللبنانية المحاذية للجرود السورية.

هل الحكومة باقية حتى الانتخابات أم أن استقالتها مُحتملة كلّما هبّت عاصفة سياسيّة في البلاد جرّاء اختلافات تصعيديّة داخليّة أو مواقف إقليميّة متناقضة أصحابها ممثّلون في البلاد بقوة، أو نصائح دوليّة تنطوي مباشرة ومداورة على تهديدات يؤذي تنفيذها لبنان؟

تؤكّد قيادة “حزب الله”، ودائماً استناداً إلى مُتابعيه أنفسهم، بقاء الحكومة برئاسة سعد الحريري. وتؤكّد عدم خضوعها إلى أي تغيير وربّما انتفاء الحاجة إلى تعديلها. وهذا أمر مضمون في رأيها. فالسيّد حسن نصرالله أمينه العام أشاد في خطابه الأخير في بعلبك بالحريري تكريساً لمّا سمّاه “الانتصار الثاني” بتحرير الجرود. علماً أنه هو الذي قال في الاجتماع قبل الأخير للمجلس الأعلى للدفاع أن الأميركيّين قالوا له أو نصحوه بعدم قيام الجيش بعملية تحرير الجرود. لكن الرئيس عون “طلع حليب النور” عنده كما يُقال، وأصرّ على العملية قائلاً أن “الحزب” سينفّذها في كل الأحوال. ووافقه الحريري وأيّده، وكان بذلك مؤيّداً “الحزب”. فضلاً عن أنه أعلن لاحقاً أنه وافق على التفاوض مع الارهابيّين الذي قام به “الحزب” وأدّى إلى خروجهم من لبنان.