Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر October 4, 2018
A A A
الحريري يُحبط التفاؤل بالدعوة لبرنامج تلفزيوني… والإشارة الإيجابية لا تزال عراقية
الكاتب: البناء

بينما كانت تناقضات المواقف بين وزارتي الدفاع والخارجية في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول مستقبل الوضع في سوريا بعد تسليم روسيا لصواريخ «أس 300» لسوريا، تشير لارتباك لافت، فوزير الخارجية مايك بومبيو بدا كمن يرد على وزارة الدفاع التي أصدرت بياناً باسم تحالف محاربة داعش في سوريا تقول فيه إنّ الخطوة الروسية لن تؤثر على العمليات الأميركية التي تستهدف داعش في سوريا ولا على حركة الطائرات الأميركية، في رسالة واضحة على الاستعداد الأميركي العسكري للتأقلم مع الخطوة الروسية وتخطيها، جاء كلام بومبيو ليصف الخطوة الروسية بالتصعيد الخطير والمقلق، فيما خطفت الأضواء عن هذا الارتباك المواقف التي صدرت عن الرئيس ترامب بصورة فجّة ومهينة بحق الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، ناقلاً لجمهوره على الهواء ما وصفه بمحادثة بينه وبين الملك، قائلاً: قلت له أنت لن تبقى في الحكم لأسبوعين إذا توقفنا عن حمايتك ومعك التريليونات. فعليك أن تدفع، وانتقل كلام ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، مثيراً تساؤلات وتوقعات أميركية وأوروبية وعربية، حول ما سيكون موقف الملك السعودي، وما سيكون تأثير هذا الكلام على العلاقة الأميركية السعودية، في ظلّ صمت سعودي مطبق وغير معتاد.

بالتوازي كانت واشنطن تخسر الجولة الأولى من المواجهة مع إيران في محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي أصدرت بياناً بقبول الدعوى الإيرانية، وحمّلت واشنطن عدم حلّ الخلافات بالتفاوض، ودعت إلى استئناف فوري لتصدير الأدوية وقطع غيار الطائرات المدنية والمواد الغذائية إلى إيران.

في العنوان الإقليمي الأهمّ الذي تمثله سوريا، صدر كلام لافت عن الرئيس السوري بشار الأسد ضمن حوار مع صحيفة «الشاهد» الكويتية التي يملكها أحد أعضاء أسرة آل الصباح الحاكمة، مشيداً بما وصفه «الموقف المشرّف للكويت في قمم المانحين لدعم الشعب السوري التي دعا لها وتبنّاها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، هذا الرجل الفذّ بحكمته وعقله وإمكاناته. وهذا ليس بغريب عليه، فهذا الإنسان الكبير بالسنّ والمقام قد عاصر كلّ قضايا الشرق الأوسط ، وكان حلّالاً للمشاكل، وكان يعي مدى الخطورة التي تمرّ بها الدول العربية قاطبة». في رسالة سورية واضحة الإيجابية في العلاقات الثنائية السورية الكويتية، وما تمثله الكويت خليجياً وعربياً، خصوصاً بعدما شكلت المصافحة بين وزير خارجية البحرين ووزير الخارجية السوري، وما قاله الوزير البحريني عن تفسير المعاني السياسية للمصافحة كترجمة لقرار خليجي وعربي بالتعامل الحصري مع الحكومة السورية بشأن مستقبل سوريا، وأتمّ الرئيس الأسد مضمون رسالته بالقول، «الكثير من الدول العربية بيننا وبينهم تفاهم كبير، وهناك دول غربية قد بدأت تخطط وتجهّز لفتح سفاراتها، وهناك وفود غربية وعربية قد بدأت بالفعل القدوم إلى سورية لترتيب عودتهم، سواء كانت دبلوماسية أو اقتصادية أو صناعية». وأكد أنّ «اللعبة السياسية ستتغيّر وستعود سورية إلى دورها المحوري العروبي الداعم لقضايا الأمة، كما كانت من قبل، وسيعود جميع المهجّرين إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم».

لبنانياً، بعد الإشارات التفاؤلية التي سبقت زيارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى قصر بعبدا، حول وجود تغييرات في المواقف تجعل ولادة الحكومة الجديدة أقرب للتحقق، جاءت الزيارة خالية من أيّ جديد، واقتصرت على تبادل النيات الإيجابية بالتعاون لتشكيل الحكومة، وتحوّلت الزيارة لنتيجة محبطة، بدعوة الرئيس الحريري لمتابعته في حواره التلفزيوني الليلة على قناة «أم تي في» مع الإعلامي مارسيل غانم، ما دعا عدداً من القنوات التلفزيونية، إلى وصف الزيارة بالترويج الدعائي للبرنامج، فبقيت الإشارات الإيجابية التي يمكن البناء عليها لاقتراب تشكيل الحكومة، هي الرياح التي هبّت من العراق بحسم الاستحقاقات الرئاسية بعد طول مماطلة بالتوازي مع المماطلة اللبنانية، وعلى إيقاع التجاذبات الإقليمية والدولية ذاتها، وقد تمّ تجاوز العقد بتسوية على طريقة التغاضي بدلاً من التراضي، أيّ تقديم قوى محور المقاومة صيغاً تحقق لها الربح دون تشكيل خسارة جسيمة لواشنطن وحلفائها، فتغاضوا عن الصيغ وأتاحوا مرورها دون مشاركتهم وحلفائهم في إنتاجها وتسويقها، على طريقة التراضي، ما دعا مصادر معنية بالملف الحكومي للتساؤل عما إذا كان الرئيس الحريري سيقبل دعوة البطريريك الماروني بشارة الراعي لقيامه مع رئيس الجمهورية بإصدار التشكيلة الحكومية التي يوافقان عليها، وليقبل مَن يقبل وليخرج مَن يرفض، مع التوقع بأنّ كلّ المطالبين بسقوف عالية لن يغادروا الصيغة الحكومية متى ولدت وسيسجلون تحفظهم ويضعون القبول تحت عنوان «التضحية لأجل الوطن»، فتكون صيغة التغاضي قد سحبت نفسها على الحكومة اللبنانية من السابقة العراقية.

يبدو أن بصيص الأمل الذي تحدّث عنه الرئيس نبيه بري أمس، حيال ملف تأليف الحكومة لم يصل إلى حدّ الخرق المنشود في الملف الحكومي، تقول مصادر متابعة للملف الحكومي لـ«البناء» فالرئيس المكلف سعد الحريري لم يحمل إلى بعبدا أية صيغة أو مسودة حكومية يُبنى عليها في القريب العاجل. وتشير المصادر إلى أنّ اللقاء اقتصر على ردات الفعل حيال الصيغة التي وضع عليها الرئيس ميشال عون ملاحظاته فضلاً عن بعض الطروحات التي خرجت الى الإعلام في الأيام القليلة الماضية.

وتشدد المصادر على انّ الأمور لا تزال إلى حدّ كبير تراوح مكانها، فالعقد لا تزال على حالها، وكلّ ما في الأمر أنّ اجتماع الرئيس عون بالرئيس المكلف جرى خلاله تبادل بعض الأفكار التي من شأنها أن تدفع باتجاه التشكيل مع طرح الدمج بين بعض الصيغ، من دون أن يُحسم الأمر على الإطلاق، علماً أنّ الرئيسين أكدا أهمية الإسراع في التأليف للتصدّي للوضع الاقتصادي الحساس.

وبينما رفضت مصادر الرئيس المكلف الإدلاء بأيّ تعليق حول زيارة الرئيس الحريري بعبدا وما تمخض عنها، لافتة الى انه سيجري خلال الأيام المقبلة مشاورات جديدة ربما حول صيغ جديدة، أشارت مصادر نيابية في المستقبل لـ«البناء» الى انّ الرئيس الحريري عكس خلال اجتماع كتلة لبنان أولاً، أول من أمس أجواء ايجابية حيال الملف الحكومي، مبشراً بأنّ الأمور تسير في الاتجاه الصحيح.

وأشار الرئيس المكلف بعد لقاء الرئيس عون، في تصريح مقتضب إلى الصحافيين، الى أنه تشاور مع الرئيس عون في الموضوع الحكومي، وقال: «كان اتفاق مع فخامة الرئيس على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة بسبب الأوضاع الاقتصادية، على ان يكون هناك لقاء ثانٍ مع رئيس الجمهورية. الأجواء ايجابية ان شاء الله، وأنا متفائل جداً». ودعا الرئيس الحريري الصحافيين الى متابعته غداً اليوم في إطلالته التلفزيونية عبر شاشة «ام تي في» مع الاعلامي مارسيل غانم.

وبينما اعتبرت مصادر نيابية في التحرير والتنمية أنّ الاتصالات قد تخلص إلى تحقيق توازن في التنازل على صعيد المطالب والحصص في الأطراف المعنية، لفتت مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي لـ«البناء» إلى أنّ معيار التشكيل لم يتبدّل عند التيار الوطني الحر كذلك عند رئيس الجمهورية والمستند إلى ما أفرزته الانتخابات النيابية من نتائج، مشيراً إلى أنّ الحكومة لن تتشكل إلا وفق هذا المعيار الذي يحقق التمثيل الصحيح، مشيرة إلى أنّ اللقاء لم يصل حدّ التفاهم على صيغة حكومية ولم يتطرق الى الاسماء.

وبينما يُبدي الحريري أجواء إيجابية قال وزير الداخلية نهاد المشنوق، أمس من مقرّ قوى الأمن الداخلي، إنّ «إشكالية اجتماع الحكومة تتعلّق بالوضع الاقتصادي، فهل هذا الوضع يفترض عقد جلسة استثنائية بسبب حالة الطوارئ الاقتصادية؟ هناك بحث في هذا الموضوع، ورأيي الشخصي أنّني مشجّع لأنّ هناك سابقة في العام 1969 حين عُقد مجلس الوزراء بسبب طارئ أمني، والآن كلّ اللبنانيين متفقون على وجود طارئ اقتصادي يستأهل متابعة إذا لم تتشكل الحكومة خلال وقت معقول».

الرئيس عون والسيد نصرالله و«الوفاء للمقاومة»

من ناحية أخرى، تلقى الرئيس عون أمس اتصالاً هاتفياً من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله هنأه فيه على مواقفه من المقاومة في الأمم المتحدة وإلى مجلة لو «فيغارو» الفرنسية وجرى خلال الاتصال بحث الأوضاع المحلية والإقليمية.

وفي السياق نفسه، استقبل الرئيس عون وفداً من «كتلة الوفاء للمقاومة» برئاسة النائب محمد رعد الذي نقل إليه تحيات السيد حسن نصرالله والكتلة وقيادة الحزب، والتقدير للمواقف الوطنية التي أعلنها خلال وجوده في نيويورك. واعتبر النائب رعد أنّ ردود الفعل التي صدرت عن مسؤولين إسرائيليين «هي ردّ على مواقف الرئيس عون في الأمم المتحدة، فاستدعى أن يروّج العدو للكذبة التي أطلقها، لكن الموقف الوطني فضحها، وتحرّك وزير الخارجية أجهضها ووضع الحقيقة أمام الرأي العام».

لقاء بين «القومي» وحزب الله

كذلك حضرت مواقف الرئيس عون وخطوة الوزير باسيل في لقاء رئيس المجلس السياسي في «حزب الله» السيد إبراهيم أمين السيد، ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف وتناول البحث الأوضاع المحلية والإقليمية وعدداً من المواضيع التي تهم الطرفين.

بري: بصيص أمل

واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري ان تهديدات رئيس وزراء العدو نتنياهو الأخيرة ليست تهديدات إعلامية او عبثية، بل هي تهديدات عملية تندرج في إطار السياسة الإسرائيلية العدوانية.

وقال إن الإسرائيليين يعتمدون على نظرية كيسنجر بأن لبنان فائض جغرافي. وقال إن الف باء الرد يتلخص بتأليف الحكومة في أسرع وقت، وبالتالي إظهار وحدة اللبنانيين، مشيراً الى أن هناك بصيص أمل في هذا المجال، غامزاً من لقاء رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف اليوم أمس .

وعلى خط مناقض لما سبق، أطل رئيس حزب القوات سمير جعجع بموقف ملتبس من مزاعم «إسرائيل» في شأن مصانع الصواريخ في بيروت والرد اللبناني عليها؟ فقال لوكالة «المركزية»: الوضع في المنطقة متفجّر والصراع الدولي كبير جداً على محاور وجبهات عدة. في ظل كل ذلك، تبقى الإخراجات اللفظية، والخطوات الإعلامية الاستعراضية غير مفيدة، المطلوب من رئيسي الجمهورية والحكومة التعاطي بحذر شديد مع ما يجري وتنبيه جميع الأطراف من مغبة الاقدام على اي خطوة تدفع لبنان قيد أنملة من الخطر. وعلى كل فريق تحمل مسؤولياته.

وكان لافتاً موقف اليونيفيل من التهديدات الاسرائيلية حيث شدّد الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» اندريا تننتي على أن «الوضع في منطقة عمليات اليونيفيل هادئ ومستقر، وأن البعثة تقوم بعملها وسط التزام كامل من الأطراف في الحفاظ على الاستقرار والحفاظ على وقف الأعمال العدائية»، مشيراً إلى أن «قوات اليونيفيل تواصل العمل عن كثب مع جميع الأطراف للمساعدة في ضمان بقاء منطقة العمليات مستقرّة. فمن وجهة نظر اليونيفيل، وفي سياق ولايتنا، يتمثل الاعتبار الأهم في استمرار التزام الأطراف وقف الأعمال العدائية وتعاونها مع اليونيفيل. وهذا هو المفتاح لضمان عدم حدوث تجدد للأعمال العدائية».

أما على الصعيد المالي والنقدي، وبينما تبلّغ رئيس المجلس النيابي، بحسب ما علمت «البناء» من وفد البنك الدولي أن الوضع الاقتصادي حساس، الأمر الذي يستدعي تأليف الحكومة سريعاً، أشارت مصادر مطلعة بحسب قناة LBCI الى ان حاكم مصرف لبنان الذي زار قصر بعبدا اول امس، وضع الرئيس عون في صورة أرقام ودائع القطاع الخاص في المصارف والتي شهدت ارتفاعاً بين آب 2017 وآب 2018 من 178 مليار دولار الى 183 مليار دولار.