Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر January 12, 2024
A A A
الحرب بدأت العد العكسي؟
الكاتب: مرسال الترس - موقع "الجريدة"

رغم كل التهديدات التي تصدر عن حكومة العدو الاسرائيلي بالتحرك، شمالاً أو يميناً، يعتقد المراقبون المحايدون، ولاسيما العسكريون منهم، أن العدّ العكسي لأفول الحرب الميدانية قد بدأ، استناداً إلى معطيات ملموسة تشير إلى أن الإدارة الأميركية بصدد فرض تنفيذ أجندتها لأسباب متعددة ومختلفة. وظواهرها تنعكس على الشكل التالي:
ـ استمرار المفاوضات مع الجانب الإيراني في سلطنة عمان، وسط مؤشرات مشجعة على ترجمة الحوار إلى بنود تنفيذية، لأن لكل من الطرفين حساباته التي تدفعه إلى البحث عن سلّة حلول إقليمية بعيداً عن الصراعات.
ـ عمدت إدارة الرئيس جو بايدن إلى إعطاء الأوامر للبنتاغون بسحب حاملة الطائرات جيرالد فورد وفريق دعمها من البحر المتوسط، وتركت وراءها تحليلين:
الأول، الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو، التي يتمنى معظم أعضائها فتح جبهة جديدة في الشمال لتخفيف الضغط عن محاسبة معظم أعضائها.
الثاني، تيقنها أن لا حرب في شمال فلسطين المحتلة، وأن ما يجري لا يعدو كونه تهويلاً وتسجيل نقاط لتحسين التفاوض، ولو أن حكومة نتنياهو قادرة على فتح الجبهة لوحدها لفعلت ذلك منذ الأسبوع الأول للحرب، وليس بعد سحب 6 ألوية من غزة بعد ثلاثة أشهر من القتال القاسي الذي دفعت بموجبه أثماناً باهظة.
ـ دخول ألماني على خط التسويات، من خلال وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، بدافع الحرص على مستقبل الكيان الصهيوني وتقديم ما يلزم من الأفكار للتسويات. وعلى سبيل المثال، الاستعداد لرفد قوات “اليونيفل” بقوات ألمانية، يركن لها الكيان، وتقدم ما يلزم من الدعم لتنفيذ الاتفاقات.
ـ عودة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، على الرغم من كل ما قيل عن فشل محادثاته في تل ابيب نهاية الأسبوع الفائت، لترتيب اتفاق يرضي جميع الأطراف، ويهدئ من روع جبهة الحدود المشتعلة منذ ثلاثة أشهر ونيف، وذلك بعد أن يكون رأس الديبلوماسية الأميركية انتوني بلينكن، في زيارته الرابعة للمنطقة خلال ثلاثة أشهر، قد سحب معظم فتائل التفجير من القدس المحتلة، إن على صعيد قطاع غزة أو الجنوب اللبناني.
ـ استعداد الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لتكبد مشاق السفر مرة خامسة إلى العاصمة اللبنانية، بعد أن “يأخذ بركة” اللجنة الخماسية، وتحديداً من الرياض والدوحة، ليحثّ الأطراف اللبنانية على بلورة صيغة تخرجهم من شرنقة الفراغ المسيطر على الملف الرئاسي منذ خمسة عشر شهراً، وتظهير صورة الرئيس الذي يجب أن يواكب المرحلة المقبلة بكل ما فيها من مسؤوليات وتبعات.
صحيح أن العقد المستعصية لن تُحل بين ليلة وضحاها، ولكن هناك “بون” شاسع بين أن تتم فكفكتها على الحامي غير المنضبط الذي قد يورط الجميع، أو البارد الذي يجب أن يرخي بظلاله على المنطقة.