Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر January 22, 2019
A A A
الحراك الحكومي: إجهاض صيغة 32 وزيراً قبل أن تولد!
الكاتب: اللواء

لا يزال التجاذب حول القمة التنموية العربية مستمراً، سواء لجهة جدواها، والرابح والخاسر، بصرف النظر عن مستوى التمثيل العربي، وما تبع ذلك، في ما يتعلق بشراء سندات، تُعزّز موجودات المصرف المركزي، فضلاً عن النتائج السياسية والدبلوماسية، لجهة تبني الدعوة لعودة آمنة وكريمة للنازحين السوريين إلى بلادهم..
على ان الأبرز غداة القمة عودة الروح لمساعي تأليف الحكومة، فوفقاً لما كانت اشارت إليه «اللواء» في الأيام القليلة الماضية من دورة جديدة من الاتصالات والمشاورات تركز على إعادة وضع ملف تأليف الحكومة على الطاولة..
والبارز بعد ظهر أمس ما انتهى إليه اللقاء، في بيت الوسط بين الرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، الذي كشف ان الرئيس الحريري «أبدى موافقة على أكثر من فكرة»، معرباً عن اعتقاده أن «هناك إمكانية حقيقية للعمل كي تشكّل الحكومة في حال كانت هناك نوايا لذلك».
وما لم يقله باسيل، كشفته محطة O.T.V الناطقة بلسان التيار الوطني الحر «من ان الرئيس المكلف انطلق قبل أيام بمسعى جديد لإنجاز التأليف، بناء على الأفكار الخمس التي كان باسيل طرحها سابقاً والتي لا بدّ من اعتماد احدها.. إلا ان الـ «N.B.N» قالت ان الرئيس الحريري وافق على صيغة 32 وزيراً، على ان يكون الوزير الإضافي سنياً وليس علوياً، والثاني يمثل الأقليات المسيحية.
واشارت إلى ان «الثنائي الشيعي» لن يقبل بعدم تمثيل العلويين، لأن ذلك يؤدي إلى خلل في التوازن الطائفي.. معتبرة أي أوساط الثنائي ان الحل بتنازل باسيل عن الثلث المعطل، وان يكون ممثّل سنُة 8 آذار من حصة رئيس الجمهورية.
ولكن مصدر واسع الاطلاع أكّد ان اقتراح الـ32 وزيرا لم يوافق عليه الرئيس المكلف من الأساس، ولم يحدث أي تعديل على موقفه.. خلافاً لما تداولته قوى 8 آذار، وحتى الوزير باسيل الذي استبق وصوله إلى بيت الوسط، بالاشارة إلى ان الرئيس المكلف وافق على صيغة 32..
والمعلومات تتحدث عن ان الرئيس المكلف وعد دراسة أفكار أخرى قدمها الوزير باسيل..

التأليف في شهره التاسع
وعلى كثرة الدروس والعبر التي يُمكن استخلاصها من القمة العربية الاقتصادية والتنموية الرابعة، التي استضافها لبنان، وما أظهرته من هوّة سحيقة بينه وبين أشقائه العرب تمثلت بغياب واسع لمعظم القادة والزعماء، في انعكاس واضح لموقف سياسي لا يُمكن اغفاله، ويحتاج إلى الكثير من الدراسة والتقييم، عاد ملف تشكيل الحكومة الذي سيدخل بعد يومين شهره التاسع إلى صدارة المشهد السياسي الداخلي المتشظي، جرّاء المواجهة التي اندلعت، قبل القمة، وسط خوف من دخول هذه المواجهة عنصر تعقيد إضافي على الملف الحكومي المحاصر بالشروط والشروط المضادة، ما سيجعل مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري أكثر صعوبة، في ظل رفض «حزب الله» وحركة «امل» إعطاء الرئيس عون و«التيار الوطني الحر» أحد عشر وزيراً ما يجعلهما يتحكمان بالثلث المعطل، الأمر الذي سيبقي الكباش الحكومي قائماً ومرشحاً للتصعيد، لا سيما وان ما رشح من معلومات لـ «اللواء» في هذا الإطار، لا يوحي بكثير من التفاؤل بإمكانية تجاوز المأزق القائم، مع توقعات باحتدام المواجهة بين الرئاستين الأولى والثانية، على الرغم من اشادة الرئيس برّي بالوزير جبران باسيل، على خلفية موقفه من قضية إخفاء الامام موسى الصدر، إلى حدّ وصفه بـ «رجل الدولة».
وسجلت في سياق الحركة التي عادت سريعاً إلى ملف تشكيل الحكومة، اللقاء الذي جمع الرئيس الحريري بالوزير باسيل في «بيت الوسط» في أعقاب مشاركتهما معاً في حفل افتتاح مقر السفارة العمانية في منطقة الجناح، في حضور الممثل الشخصي للسلطان قابوس نائب رئيس مجلس الوزراء العماني أسعد بن طارق السعيد.
وبحسب المعلومات والتي اكدها باسيل، في تصريحه المقتضب، فإنه جرى التداول في اللقاء في أفكار جديدة تركزت على صيغة الـ32 وزيراً مع بعض التعديلات لجهة الوزيرين الجديدين المقترحين اضافتهما إلى صيغة الـ30 وزيراً.
وقال باسيل: ان الرئيس الحريري وافق على أكثر من فكرة، مشيرا إلى ان هناك إمكانية حقيقية كي تشكّل الحكومة في حال كانت هناك نيات لذلك، لافتا إلى ان الحريري سيجري في اليومين المقبلين الاتصالات اللازمة لمتابعة الموضوع، خصوصا بعدما عدل عن زيارة دافوس اليوم للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا، على ان يتولى باسيل المشاركة في هذا المنتدى.

عودة إلى صيغة الـ32
وفيما لم يكشف باسيل عن طبيعة الفكرة التي قال ان الرئيس الحريري وافق عليها، نقلت محطة «ان.بي.ان» الناطقة بلسان حركة «أمل» عن مصادر متابعة قولها ان الرئيس المكلف وافق على صيغة الـ32 وزيراً، لكنه اشترط ان يكون الوزير الإضافي الأوّل من حصة السُنة وليس علوياً، والثاني يمثل الأقليات المسيحية، مضيفة بأن هذا الأمر حظي بموافقة مبدئية من الرئيس عون ومن الوزير باسيل.
لكن يبدو ان هذه الصيغة ما زالت تلاقي تحفظات او اعتراضات خاصة اذا كان الوزير السني من حصة «تيار المستقبل» أو أحد حلفائه، والوزير المسيحي من حصة الرئيس عون، حيث ذكرت قناة «ان بي ان» مساء امس، ان هذه الصيغة مرفوضة من ثنائي «امل وحزب الله» لأنها تخل بالتوازن السياسي والطائفي داخل الحكومة، ونقلت عن مصادرها ان الحل يكون اما بتنازل باسيل عن مطلبه بأحد عشر وزيرا، واما ان يكون الوزير السني من حصة «اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين» لكن ان تتم تسميته بآلية جديدة بحيث يقترح اللقاء عددا من الاسماء ويختار الرئيسان عون والحريري احداها، ويكون مستقلا من حصة اللقاء ويلتزم قراراته.
وقالت مصادر مطلعة على موقف الوزير باسيل ان اللقاء مع الحريري كان ايجابيا جدا، وان الامور ذاهبة باتجاه تسريع تشكيل الحكومة ولكن تحتاج بعض الوقت للتوافق على بعض التفاصيل.
وذكرت مصادر اللقاء التشاوري لـ «اللواء» ان اي اقتراح لم يصله بعد ولا اي اتصال جرى معه حول المقترحات التي يتم التداول بها، «مع اننا المعنيين بالموضوع أكثر من غيرنا، ولكننا ننتظر مسار الاتصالات لنبني على الشيء مقتضاه».
في المقابل، استبعدت مصادر «بيت الوسط» احتمال التوافق على أحد الأفكار المطروحة، وخاصة توسيع الحكومة إلى 32 وزيراً، مشيرة إلى ان موقف الرئيس المكلف واضح في هذا الشأن، وهو ليس في وارد القبول به، على الرغم من انفتاحه على ما يطرح عليه من خيارات، مؤكدة بأنه قدم ما يُمكن من تنازلات من أجل تسهيل ولادة الحكومة، لكنه لن يستسلم للابتزاز السياسي الذي يتعرّض له من هنا وهناك.
وتزامن ذلك مع تأكيد مصادر نيابية في تيّار «المستقبل» لـ«اللواء» بأن الرئيس الحريري باق على موقفه الرافض لصيغة الـ32 وزيراً، تجنباً منه لمحاولة فرض أعراف جديدة في التأليف على حساب الدستور، وبما يتعارض مع صلاحيات رئيس الحكومة المكلف.

دعم قطري
وبالنسبة إلى القمة والتي كان نجمها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، رغم حضوره لساعتين، ذكرت وكالة الأنباء القطرية (قنا) ان «الشيخ تميم تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس اللبناني، حيث اعرب له عن شكره وتقديره له على مشاركته في القمة العربية التنموية الرابعة التي عقدت في بيروت، مؤكداً ان حضوره كان سبباً في نجاحها».
تزامناً، كشف نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية، عن عزم دولة قطر الاستثمار في سندات الحكومة اللبنانية دعماً للاقتصاد اللبناني.
وقال: «ان دولة قطر ستقوم بشراء سندات الحكومة اللبنانية وتقدر قيمتها بـ500 مليون دولار أميركي».
وأكد «ان هذه الخطوة تأتي لتدعيم الاقتصاد اللبناني»، مشدداً على «ان دولة قطر كانت دائما ملتزمة بدعم الأشقاء اللبنانيين في ظل التحديات الجمّة التي يواجهونها».
وكشف الناطق الإعلامي باسم القمة رفيق شلالا بان القرار الذي أعلن عنه أمس، في الدوحة، كان محور بحث خلال اللقاءات التي عقدها الرئيس عون مع أمير قطر من جهة، وبين الوزير باسيل مع عدد من الوزراء القطريين من جهة ثانية، وأتت هذه المبادرة لتترجم العلاقة المتينة القائمة بين البلدين، ولتؤكد على نظرة قطر إلى لبنان ودوره وأهمية مساعدته في مسيرة النهوض الاقتصادي التي يؤمل ان تنطلق بزخم أكثر بعد تشكيل الحكومة.
وكشف معلومات مصرفية، ان الخطوة القطرية أرخت ارتياحاً في سوق السندات اللبنانية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار سندات اليوروبوند.
وفي تقدير مصادر اللجنة المنظمة للقمة لـ«اللواء» ان القمة نجحت شكلاً ومضموناً، ولو غاب عنها معظم القادة العرب، مشيرة إلى تبني القمة للبيان الذي اعتمد بالنسبة لملف النازحين السوريين، هي سابقة لم يسبق لأي قمّة عربية ان تطرقت إليه، حيث انه وبناءً على إصرار لبنان، تمّ تقديم المساعدات للنازحين واللاجئين الموجودين في سوريا لابقائهم في بلدهم أولاً ولتشجيع الذين هم خارجها للعودة إليها، معتبرة ان لبنان تمسك بهذه الفقرة ونجح في تحقيقها في هذه القمة لتشجيع وتحفيز النازحين للعودة، وهم سيطمئنون حتماً للعودة إلى بلدهم إذا ما عرفوا انهم سيظلون يحصلون على المساعدات التي يحصلون عليها في بلد النزوح.

غيمة بين بعبدا والمختارة
على ان النجاح الذي حققه لبنان الرسمي في القمة، ولو كانت العبرة في النتائج، لم تمح الغيمة السوداء التي خيمت على العلاقات بين قصر بعبدا والمختارة، على خلفية مشاركة الشيخ نصر الدين الغريب المسمى شيخ العقل لدى النائب طلال أرسلان وفريق 8 آذار، مع ضيوف القمة، الأمر الذي أثارت حفيظة مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز التي حملت في بيان رئاسة الجمهورية مسؤولية خرق الدستور والتعدي على القوانين والاعتداء على الأعراف والتقاليد التي تحمي في لبنان أسس العيش المشترك والاحترام بين الطوائف.
وقالت ان «ما حصل في القمة لناحية تخطي الأعراف والتقاليد ومبادئ العمل البروتوكولي عبر عدم اقتصار الدعوة إلى جلسة القمة على الرئيس الروحي للطائفة التوحيدية حصرا، إنما يشكل انتهاكا فاضحا للقيم والمفاهيم الوطنية، ويمثل مخالفة صارخة للدستور والقوانين والأنظمة؛ ويعد تدخلا مشبوها في الشؤون الخاصة بطائفة الموحدين الدروز التي أولاها الدستور حق تنظيم وترتيب أمورها؛ وتكرس ذلك بالقانون الصادر عن المجلس النيابي عام 2006 الذي حصر التمثيل الرسمي لطائفة الموحدين بالمجلس المذهبي المنتخب وبمشيخة العقل، كمرجع رسمي شرعي وحيد للطائفة».
الا ان المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية سارع للرد على بيان المشيخة، مؤكداً ان دعوة أية شخصية دينية أو غير دينية الى احتفالٍ رسميّ، لا يعني بأيّ شكل من الاشكال «انتهاك رئاسة الجمهورية القيم والمفاهيم الوطنية»، ولا يمثّل استطرادا «مخالفة للدستور والقوانين والانظمة». وبالتالي فإنّ الرئاسة
«حريصة على احترام الدستور وصونه وتطبيق القوانين، بقدر حرصها على وحدة الطوائف اللبنانية واحترام مرجعياتها، وتمثيلها في الاحتفالات والمناسبات الرسمية».
لكن البيان التوضيحي لم يشف غليل أحد بدليل اتساع السجال بين نواب من الحزب الاشتراكي الذين تضامنوا مع موقف مشيخة العقل، في حين أثنى النائب أرسلان وكذلك الوزير السابق وئام وهّاب على خطوة دعوة الشيخ الغريب.

«حزب الله» ينتقد القمة
وعشية إطلالة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله مساء السبت المقبل عبر محطة «الميادين»، لتحديد موقف الحزب من التطورات الراهنة حكومياً وسياسياً، واقليمياً، صوب عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق على القمة، معتبرا بأن «على لبنان الا يراهن على القمم والمؤتمرات العربية، وهو لم ولن يراهن على تحقيق أي أهداف وطنية ومصالح استراتيجية من خلال مؤتمرات وقمم عربية، لأن تاريخ هذه القمم، يؤخر ولا يقدم، ولو أنها كانت تقدم، لكانت تحررت فلسطين».
وبالنسبة للحكومة، رأى الشيخ قاووق ان أزمة تشكيل الحكومة تتفاقم وتصعب يوماً بعد يوم، وكلما طال أمد الأزمة، أصبح الحل أكثر صعوبة، ومهما طال الوقت، فإن تمثيل السنة المستقلين في اللقاء التشاوري بات من ثوابت الحكومة الجديدة، لأن الانتخابات النيابية، جعلت منهم جزءاً من المعادلة السياسية ورقماً صعباً يصعب تجاوزه.