Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر July 25, 2016
A A A
الجيش سيسقط حلم الامارة
الكاتب: ميشال نصر - الديار

فيما تكبر المخاوف من استخدام المخيمات الفلسطينية وخصوصا مخيم عين الحلوة، قاعدة لتنفيذ أعمال إرهابية في الداخل في ظل الاخبار الكثيرة التي يتم تداولها مؤخرا عن خروج أجزاء كبيرة منها عن سيطرة الدولة والفصائل الفلسطينية ووضع تنظيمات متطرفة يدها عليها، عاد الوضع الامني في مخيم عين الحلوة الى دائرة الضوء مجدداً بعد ايام على زيارة المشرف العام لـ «حركة فتح» الموفد الرئاسي الفلسطيني عزّام الاحمد الموجود الى بيروت.

فغداة الحوادث الأمنية التي هزت مخيم عين الحلوة أخيرا، تخوفت مصادر فلسطينية من عودة الاغتيالات والاغتيالات المضادة الى المخيم، مؤكدة ان القوة الامنية الفلسطينية تقف عاجزة عن اتخاذ اي قرار، في ظل عدم اعطائها الصلاحيات الاستثنائية، وعلى وقع موقف الجماعات التكفيرية العدائية منها، مشيرة الى ان احتمالات الصدام مفتوحة على اكثر من اتجاه،

اما أن تسيطر فتح على المخيم وتحسم الأمور، واما ان يكون الامن بالتراضي، او مصالحة نهائية غير معرضة للاهتزاز وفقا لاتفاق شرف مع المجموعات الخارجة عن اطار «فتح»، كاشفة ان الجماعات التكفيرية في المخيم اتخذت قرارا لا عودة عنه باغتيال كل مناوئ لها، من فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهي لا تريد الاستقرار للمخيم، علما أن قوتها في ازدياد وتنام مخيفين، ما يوتر المخيم باستمرار ويرفع منسوب خطورة وقوع اغتيالات جديدة،لافتة إلى أن لا أمل في الحل مع تلك الجماعات التي تمارس قمعا مقنّعا واغتيالات، وهي باتت تؤيد تنظيم «داعش» وتريد تحويل المخيم الى امارة اسلامية متشددة بقيادة عماد ياسين.

وفي هذا الاطار يكشف مصدر عسكري لبناني ان «الجماعات التكفيرية في المخيم تريد تهديمه فوق رؤوس السكان، وما المعلومات الامنية اللبنانية التي تبلغتها اللجنة الامنية الفلسطينية العليا من مدير فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد خضر حمود الا تأكيد على جدّية مخطط الجماعات التكفيرية داخل المخيم المُرتبطة بتنظيمي «داعش» و«النصرة» التي تريد تحويله الى كرة نار تمهيداً لتفجير المخيمات الفلسطينية بدءاً من عين الحلوة وامتداداً الى المية ومية وصولا الى مخيمات صور التي بدأ الفكر التكفيري يتنامى فيها، مشيرا الى «معلومات توافرت للاجهزة الامنية اللبنانية تُفيد بأن المناطق التي تقيم فيها الجماعات التكفيرية في المخيم اصبحت «ضيّقة» وهي تفتش عن تموضع في اماكن اخرى من اجل التوسّع، وهذا يصبّ في سياق مخططها بإحداث مجزرة دموية في المخيم من طريق الاغتيالات والتصفيات وصولا الى الاستيلاء على المخيم لاقامة امارة فشلت في تحقيقها في عرسال والشمال»، مفيدا بأن «حركة فتح» تعلم بهذا المخطط، الا انها لا تريد الدخول في اتون الاقتتال كي لا يتحول مخيم عين الحلوة الى نهر بارد جدي، جازما ان الجيش لن يسمح تحت اي ظرف بايجاد رقعة جغرافية لإقامة امارة عليها وجاهز لاسقاط هذا الحلم كما فعل ويفعل وسيفعل.

تحت هذا الاطار اندرجت زيارة عزام الاحمد ورسائله التي حملها وسمعها في بيروت من المسؤولين الذين التقاهم، والتي كانت سبقتها خطوات عملية على الارض بناء لتوجيهات صادرة من رام الله بغطاء «اقليمي» يقضي اولا بحل جميع المجموعات المسلحة من كفاح مسلح وقوات لفتح والفصائل والقوة الامنية المشتركة وتوحيدها تحت مسمى «الحرس الوطني الفلسطيني»، وثانيا بتعليمات وصلت الى اللينو من محمد دحلان نتيجة ضغوط مورست من احدى الدول العربية لوقف هجومه على فتح والتزامه بالمقررات الصادرة وعدم عرقلتها، بحسب ما تفيد مصادر فلسطينية مطلعة.

وتؤكد المصادر في هذا الاطار ان قيادات عين الحلوة تدرك جيدا دقة المرحلة وخطورتها، وابعاد المخطط الذي كانت تعد له مجموعة داعش داخل المخيم عبر استهدافها بانتحاريين لمنطقة حارة صيدا الشيعية والقرى المسيحية المحيطة بالمدينة، تزامنا مع تمدد تلك الجماعات لبسط سيطرتها بالنار على الشريان الفاصل بين الجنوب وبيروت، في استهداف مزدوج سواء لقوات اليونيفيل، وهو ما احتل حيزا مهما من لقاءات وزير الخارجية الفرنسية في بيروت منتصف الشهر الحالي، او لحزب الله وبيئته في صور والنبطية والزهراني والقرى الحدودية، بهدف ايقاع الفتنة بين المخيم ومحيطه.

خطوات سياسية تزامنت مع حركة شعبية واسعة بقيادة شخصيات من المجتمع المدني، بدأت عبر تظاهرات ورفع لافتات تطالب بدخول الجيش اللبناني والقوى الشرعية اللبنانية الى المخيم لفرض النظام وحماية سكانه بعدما عجزت كل المحاولات الفلسطينية عن ذلك وبات المخيم يدور في دوامة من العنف والاغتيالات مفتوحة على كل الاحتمالات التي احلاها مر، وسط الخوف الاكبر من تعرض «عاصمة الشتات» الى نكبة جديدة نتيجة تحول المخيم الى يرموك ثان او نهر بارد، حيث لم ينس الفلسطينيون نتائج تلك المواجهة مع الجيش حتى الساعة.

اوساط سياسية متابعة لفتت الى ان المطالبة بدخول الجيش الى المخيم لحماية اهله ليست جدّية بالشكل الكافي حتى الساعة، واضعة ما يجري من حراك شعبي في الاطار العفوي وردة الفعل على اغتيال البحتي، معتبرة ان هذا الامر يحتاج الى قرار سياسي لبناني غير متوافر في هذه المرحلة، مستدركة انها المرة الاولى التي تتم فيها مناشدة الجيش اللبناني بالدخول الى المخيم بهذه الطريقة، ما معناه ان الاهالي فقدوا ثقتهم ببعض الفصائل الفلسطينية التي لا تستطيع وقف مسلسل الاغتيالات والقتل الذي سيؤدي الى تدمير المخيم وتهجير اهله، مشيرة الى  ان الاجماع الفلسطيني على دخول الجيش الى مخيم عين الحلوة غير متوافر حتى الساعة، ما قد يعرض الجيش والفلسطينيين في حال اتخاذ تلك الخطوة الناقصة لمخاطر كبيرة، كاشفة عن ان «الاخ عزام الاحمد» حمل معه تصورا لحل الازمة يقضي بإعادة المجموعات الاصولية الى داخل مربعاتها تحت الضغط الشعبي، بعد انفلاشها الاخير، طالما ان لا امكانات ولا قدرة لأي من الاطراف الفلسطينية او اللبنانية على تحمل عبء استئصال تلك الظاهرة، معتبرة ان الضغط الشعبي المتزايد بدأ يؤتي ثماره عبر تسليم البعض انفسهم..

فهل يسبق سيف السلطة والدولة عزل المتطرفين في عين الحلوة؟ ام ما كتب اقليميا ورسم من دور للاجئين المئة الف قد كتب؟ كل الفرضيات مباحة الا ان اكيدا واحدا اصبح في حكم الامر الواقع، قرار القيادة العسكرية اللبنانية بحسم الموضوع ايا كان الثمن طالما ان الامن القومي اللبناني في خطر.