Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر October 29, 2023
A A A
الجوع يهدد العائلات اللبنانية… التضخم عند أعلى مستوياته
الكاتب: بلقيس عبد الرضا - المدن

 

سجل لبنان ثاني أعلى نسبة تضخّم إسميّة في أسعار الغذاء حول العالم في الفترة الممتدّة بين شهر تمّوز 2022 وشهر تمّوز 2023 بنسبة وصلت إلى ما يقارب من 279 في المائة، بحسب بيانات البنك الدولي.
هذا الارتفاع ليس الأول، فقد سبق وسجلت نسب التضخم ارتفاعات مماثلة، منذ بداية الأزمة 2019، لكن قياس حدتها خلال هذه الفترة ينذر بكارثة حقيقية. خلال أربع سنوات، ارتفعت قيمة السلة الغذائية ثلاثين ضعفاً منذ 2019، لم تكن تكلفة السلة الغذائية لعائلة مؤلفة من 4 أفراد تتخطى الـ 600 ألف ليرة لشراء الأساسيات، فيما وصلت اليوم لأكثر من 20 مليون ليرة.

معاناة الناس
الحديث عن معاناة الناس في لبنان، ترجمته هنادي اللحام (ربة منزل) التي أكدت أن كافة السلع الغذائية شهدت ارتفاعات صعّبت على فئة كبيرة من اللبنانيين شراء أساسيات الطعام. تقول لـ “المدن”:” استغنى اللبنانيون عن الكثير من العادات الغذائية، من اللحوم إلى الدجاج، حتى الخضار باتت حكراً على فئة معينة، وليست بمتناول الجميع بسبب ارتفاع أسعارها”.

ارتفعت أسعار الخضار بين عامي 2022 و2023 بمعدل الضعفين، وهو ما أظهرته، لائحة وزارة الاقتصاد، فعلى سبيل المثال، كان سعر اللوبياء البدرية، يقارب 32 ألف ليرة في تشرين الأول 2022، وصل إلى نحو 96 ألف ليرة في الشهر الحالي، أي بزيادة 199 في المائة، فيما وصل سعر كيلوغرام البندورة إلى نحو 78 الف ليرة، بعدما كان يباع بنحو 21 الف ليرة أي بنسبة 250 في المائة، فيما وصل سعر البطاطا إلى 65 ألف ليرة، بزيادة 160 في المائة، ولا يختلف الامر بالنسبة إلى الكوسا، أو الباذنجان، إذ ارتفعت الأسعار بمعدلات تتراوح ما بين 170 و200 في المائة، و ناهزت الأسعار 80 و90 ألف ليرة.

أما أسعار الخضار، يلاحظ ارتفاع سعر الخسة من 24 ألف ليرة إلى 61 ألف ليرة، وسعر الملفوف من 12 ألف ليرة إلى 70 ألف ليرة، أي بنسبة 400 في المائة، حتى أن سعر الفجل أو البقدونس أو النعنع، والتي كانت تباع بنحو 7000 ليرة العام الماضي، وصل إلى أكثر من 30 ألف ليرة، أي بزيادة 300 في المائة.

يشير رئيس نقابة المزارعين والفلاحين في البقاع إبراهيم الترشيشي لـ “المدن” إلى أن “الأسعار لا تزال منخفضة، وتتباين بحسب العرض والطلب من جهة، ومن جهة ثانية بسبب ارتفاع التكلفة على المزارع، وقد أظهرت هذا الاختلاف في سعر المنتجات الزراعية. يقول الترشيشي” أبسط مثال على ارتفاع التكاليف، الزيادة الحاصلة في سعر المازوت خلال الأشهر الثلاثة الماضية”. يضيف” ارتفع سعر تنكة المازوت من 12 دولاراً خلال شهري حزيران وتموز ليصل اليوم إلى حدود 20 دولاراً، ومن شأن هذا الارتفاع التأثير على التكلفة وبالتالي رفع الأسعار”. من جهة أخرى، ومن خلال مقارنة الأسعار بين عامي 2022 و2023، يرى الترشيشي أن الارتفاع لم يكن حقيقياً في ظل انخفاض قيمة العملة، ففي حين كان سعر الملفوف 10 الف ليرة في 2022 عند سعر الصرف 30 الف ليرة، فإن وصوله إلى 20 ألف عند سعر الصرف 80 الف، يظهر حقيقة أن الأسعار انخفضت ولم ترتفع.

اللحوم …لمن استطاع
تقلصت القدرة الشرائية للكثير من العائلات مع التغير الحاصل في سعر الصرف، بحسب اللحام. تقول “لم يعد بإمكاني شراء اللحوم التي سبق وتقلصت مراراً منذ بدء الأزمة، بسبب ارتفاع الأسعار”. وتضيف” عند مقارنة الأسعار خلال عام، يظهر بأنها ارتفعت بمعدل الضعفين، ومن كان لديه القدرة لشراء كيلوغرامين من اللحم شهرياً خلال العام الماضي، لم يعد قادراً اليوم على شراء حتى كيلوغرام واحد”.

ارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 150 في المائة، فقد زاد الكليوغرام من اللحم البقر، من 350 الف ليرة إلى أكثر من 900 ألف ليرة، ومليون ليرة، فيما أسعار اللحم الغنم، تتخطى حاجز المليوني ليرة، وهي فقط لفئة بسيطة من المجتمع اللبناني. كذلك الأمر بالنسبة إلى الدجاج، إذ ناهزت الارتفاعات 190 في المائة، بحسب ما تشير إليه هنادي اللحام وقد قلصت اعتمادها على الدجاج إلى النصف تقريباً.

ينسحب الأمر على الألبان والأجبان، والبيض. ففي الفترة نفسها من العام الماضي، كان سعر 150 غراماً من الجبن أو علبة اللبنة سعة 500 غرام، تباع بنحو 140 الف ليرة، ارتفعت الأسعار إلى نحو 340 ألف ليرة، أي نحو 200 الف ليرة خلال عام، بمعدل 16 ألف ليرة شهرياً.

وبذلك فإن متوسط حاجة الأسرة اللبنانية المؤلفة من 4 أشخاص يبلغ الآن ما بين 20 و24 مليون ليرة شهرياً، وهي أرقام، أقل ما يمكن وصفها بـ”الجنونية” مقارنة مع مستوى الرواتب لأكثر من 60 أو 70 في المائة من اللبنانيين.

أزمة عالمية؟
ارتفاع الأسعار في لبنان ليست بمنأى عن مستويات الأسعار العالمية، التي شهدت بدورها قفزة في العام الماضي نتيجة الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية.

ووفق البنك الدولي، فإن نسبة تضخّم أسعار الغذاء لا تزال مرتفعة حول العالم وفي كلّ فئات الدخل حيث أنّ 52.6 في المائة من البلدان ذات الدخل المنخفض و86 في المائة من البلدان ذات الدخل المتوسّط الأدنى و64 في المائة من البلدان ذات الدخل المتوسّط إلى المرتفع، قد شهدت نسب تضخّم فاقت 10 في المائة.