جريء حتى في اتخاذ القرار الذي ينهي حياته، هو الذي طالما تميزت حياته بالجرأة والشهامة والعنفوان.
انه العميد جورج الحصري وما ادراكم من هو هذا الرجل القوي الصامد الشجاع، انه تاريخ في تاريخ، عٓلّم دٓرّب قاتل واستبسل في الدفاع عن زغرتاه وعن لبنان وكرامة وحرية وسيادة اهله.
عرفته قبل وقت قصير ونعم المعرفة التي نهلت منها معلومات عامة كان يرسلها لي يومياً لانشرها عبر موقع المرده في زاوية “هل تعلم” ولطالما حصدت النسبة الكبيرة من القراءة، وللأمانة وهو على فراش الموت استمر يرسل المعلومات لننشرها لاحقاً وهي تُغنينا لمدى سنة بعد وفاته.
كانت له محطات وصولات وجولات مع الرئيس الراحل سليمان فرنجيه الذي حدثني مرات ومرات عن ذكريات ووقائع ومواقف حصلت تمنيت عليه ان اوثقها في كتاب عن لسانه رفض قائلاً: احب علي ان تكتبي ولكن للأمانة ولوعد قطعته للرئيس الفارس سليمان فرنجيه لن اجعلها تبصر النور وستذهب هذه الاسرار معي الى المقبرة.
التقيته لمرتين فقط في زيارات متقطعة لاهدن الا ان تواصلنا عبر الواتساب والايميل لم ينقطع يوميا كما متابعتي لما يكتبه عبر صفحته الفايسبوكية حيث نتفق احيانا كثيرة ونختلف مرات قليلة ولكن رغم الاختلاف لطالما كتب اجمل دفاعات عن التيار الذي انتمي اليه تيار المرده وعن رئيسه سليمان فرنجيه عندما “تحزّ المحزوزية”.
جنرال جورج الحصري اخترت بنفسك ساعة انتقالك من هذه الحياة من دون ألم او وجع او “شنطلة” على المستشفيات كما قلت مع ان الحياة لا تزال تليق بك.
عشت قوياً وتغادر وانت في كامل قوتك وكامل قواك العقلية فالف تحية لروحك ولحياة عشتها حراً ابياً فارساً سواء في لبنان او في اميركا. سنفتقدك جنرال وسيفتقد موقع المرده قلماً يتقن اسلوب السهل الممتنع وثقافة قل نظيرها، وسأفتقد انا شخصياً ناقداً ومشجعاً وداعماً لما اكتب ومتابعاً ثاقباً لما يجري في لبنان بموضوعية واهتمام ومتأهباً لتقديم اي خدمة او مساعدة قد يكون اجمل وانبل ما كتبته بيدك وصيتك الاخيرة قبل قطع انبوب الاوكسجين نهائياً عن جسدك الذي واجه التحديات والموت مرات ومرات وكنت ارجل منه، حتى بمرضك العضال كنت الرجل البطل الذي اختار نهاية هادئة وبتوقيته وعلى طريقته. ومما جاء في وصيتك عبر مواقع التواصل الاجتماعي: “اقول وقد شارفت على الموت
⁃ سأموت ميتة افضل من الكثير من الميتات، فأولادي وزوجتي بجانبي نتحاور ، نخبر بعضنا ذكريات ويخبرونني عن خصالي المضحكة د. بينما يموت غيري بحادث سير فيأتون به يد مقطوعة او صدر مشقوق . بينما يموت غيري في الغربة وكان له سنوات لم ير اولاده . بينما يموت غيري بسكتة قلبية وهو في عز شبابه.
⁃ من المضحك ان احد اولادي سألني كيف ينظم ورقة النعوى ونحن في اميركا ، ربما لا يعرف احد كيف تنظّم . فنظمت انا بنفسي ورقة النعوى واعطيته اياها . تجادلنا واختلفنا . فأنا اريد مأتماً عادياً بخلاف ما يريده اولادي مأتماً فخماً . لم ارد ان ندفع كثيراً من المال واولادي في طور تأسيس اشغالهم
⁃ عُرف عني ذاكرتي القوية لكن الذاكرة القوية على حسنتها ، سيئة اذا كنت لا تستطيع التناسي . انسوا السيئات على الّا تثقوا مجدّداً في المكان الذي غدرت فيه
⁃ استمعوا للصغير قبل الكبير ولقليل الشأن قبل ذوي المراتب العليا . فمن الصغير تأخذ صدقاً اكثر
⁃ استفيدوا من كل ثانية من حياتكم . سارع الى التراضي مع المتخاصم معك . فربما لن يكون لديك الوقت الكافي لتصلح الامور . فالحياة ” غدّارة ” وبتسوى قشرة بصلة
⁃ التقدم بالعمر يزيدك موضوعية فتستطيع ان ترى حسنات خصمك وسيئات حليفك . الموضوعية تجعلك انساناً محترماً تمكّن خصمك من سماع رأيك
⁃ الناس ، كل الناس ، مخلوقات ” لذيذة ” . يمكنك ان ترى الجمال في كل انسان . لو عرفتم معاناة او خصوصيات غيركم لخفّفتم من اطلاق الاحكام عليهم
⁃ اودعكم فرداً فرداً . ارقد بسلام لك تاريخ لا يمحى.