Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر December 15, 2022
A A A
الجلسة العاشرة من دون رئيس.. الأزمة الرئاسية مسيحية!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال

بعدما سقط الحوار الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري تحت سقف مجلس النواب، يتجه النواب اليوم الى تكرار المكرر في جلسة عاشرة لن تُفضي حتما الى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهي ستكون الأخيرة لهذا العام، ومن المفترض أن يأخذ بعدها النواب عطلة الأعياد التي تطل بأسوأ حال على اللبنانيين بفعل أزمات سياسية عميقة وإنهيارات إقتصادية ومالية لم يعد أحد قادرا على تحمل تداعياتها الكارثية.

كان يمكن لجلسة اليوم أن تؤسس لحوار مثمر ربما كان يؤتي حلولا، لو وافقت الأطراف المسيحية التي تعارضه داخل المجلس وخارجه، وتدعو الى أولوية إنتخاب رئيس للجمهورية، متناسية أن لا رئيس من دون توافق داخلي برعاية دولية ـ إقليمية ولو بالحد الأدنى، وحتى لو عقدت ألف جلسة من النوع الذي يُعقد اليوم فإن الأمور ستبقى تراوح مكانها من دون أية نتائج إيجابية.

لا شك في أن الشغور الرئاسي بدأ يضغط في أكثر من إتجاه، إن لجهة تكبيل مجلس الوزراء الذي لم تنته تداعيات إنعقاده بنصاب الثلثين مطلع الاسبوع الفائت، وإصرار البعض على تعطيله ومنعه من ممارسة صلاحياته في خدمة المواطنين وتلبية مطالبهم الملحة والأساسية، أو في شل المؤسسات الحكومية التي باتت تعمل على القطعة، أو في تحلل الدولة بكامل أجهزتها، ما ينعكس فوضى عارمة تترجم في الشوارع شريعة غاب لا تخلو من القتل والموت المجاني والسرقات والاعتداءات على إختلاف أنواعها.

لم يعد سرا، أن الأزمة الرئاسية مسيحية، مهما حاول البعض الاختباء وراء الشعارات أو الاتهامات التي توجه الى هذا الطرف أو ذاك بالتعطيل، خصوصا أن الكتلتين المسيحيتين الأساسيتين المتمثلتين بالقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر لم تقتنعا بعد بأن حظوظهما في هذا الاستحقاق معدومة، حيث تنتظر القوات متغيرات سياسية إقليمية ودولية قد تنعكس على الداخل اللبناني وتصب في مصلحة رئيسها سمير جعجع الذي لا تتوانى عقيلته النائب ستريدا جعجع عن الافصاح في كل مواقفها عن أنه المرشح الطبيعي والأقوى في طائفته والمستحق للوصول الى بعبدا، وتدحض القوات تهمة التعطيل عنها بالتصويت للنائب ميشال معوض الذي لا بد له أن يعيد حساباته بعد عشر جلسات تأرجحت أصواته فيها على حافة الأربعين قبل أن تتراجع الى ما دونها.

في المقابل، يحرص النائب جبران باسيل على تعطيل كل ما من شأنه أن يساهم في إنتخاب رئيس غيره، فيقطع الطريق على المرشح الرئاسي لفريقه السياسي ويفوّت عليه فرصة سانحة لإيصال حليف له الى رئاسة الجمهورية، ويخوض معركة إستفزاز وإبتزاز وجحود ضد حزب الله على خطين، الأول لعدم تبني ترشيحه الرئاسي حتى الآن، والثاني لعدم دعم موقفه في مواجهة رئيس الحكومة ومنعه من عقد جلسة لمجلس الوزراء ولو أدى ذلك الى تعطيل مصالح اللبنانيين، فضلا عن تفرده بزيارات الى فرنسا وأميركا وقطر لتسويق نفسه رئاسيا، وتأمين وساطة ترفع عنه العقوبات الأميركية تمهيدا لاعلان ترشيحه رسميا وإحراج حزب الله الذي لا يزال يتمسك مع حلفائه بالورقة البيضاء التي تغلف وتحمي مرشحه، متجاهلا محاولات باسيل توجيه بعض الرسائل عبر عدم إلتزام عدد من نوابه بها ووضع أسماء لها دلالات سياسية واضحة.

بات واضحا أن التيار والقوات يتسابقان على الشارع المسيحي تارة بالتحريض السياسي وتارة أخرى بالشحن الطائفي وطورا بشعارات الدفاع عن الحقوق، في حين أن معارك الالغاء التي خاضها ويخوضها اليوم الفريقان لطالما شكلت وتشكل وبالا على المسيحيين وعلى البلد بشكل عام، خصوصا أن هذا الصراع التاريخي المتجدد ينعكس خلافا جوهريا في الاستحقاق الرئاسي، وتنافسا على التعطيل من مجلس الوزراء الى سائر المؤسسات، ورفضا لدعوات الحوار بحجة الشغور الرئاسي، وكل ذلك يهدف الى إرضاء الشارع المسيحي، والى تحقيق طموحات وأحلام الوصول الى قصر بعبدا.