Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر April 22, 2018
A A A
“الجفاء” الحريري – الجنبلاطي يتحكم بالصوت التفضيلي في الشوف
الكاتب: مجد بو مجاهد - النهار

المعركة الانتخابية ساخنة في قرى الشوف السنية. الناخبون يتحضّرون، ومن ليس في حوزته بطاقة هوية، ينتظر الحصول عليها قبل 6 أيار المقبل. محمد الحجار وبلال عبدالله، إسمان قويّان لا ثالث لهما في المنطقة. المرشحان حليفان – خصمان في آن واحد. يترشحان على اللائحة نفسها – “المصالحة” – في ظلّ “نزلة” في العلاقة بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط. الحاصل يوحّد المرشحين السنيين والصوت التفضيلي يفرّقهما. فهل يصل كلاهما الى برّ الأمان البرلماني؟

يحصد الحجار وعبدالله في شحيم عدداً وفيراً من الأصوات. وتشكّل عائلة الحجار ثقلاً انتخابياً في المنطقة وكذلك عائلة عبدالله التي لاقت اقبالاً على طلب بطاقات الهوية. ويتردد في المنطقة أن خيارات عائلة عبدالله كانت تصب باتجاه زاهر الخطيب، ولكن الوضع اختلف اليوم بعد ان تحوّلت من ناخب الى نائب. ويقطن في حي الشريفة (معقل آل عبدالله) ما يقارب 4 آلاف ناخبٍ تصب خيارات غالبيتهم في اتجاه المرشح عبدالله. ويشبه اقتراع العائلات في المنطقة في الانتخابات النيابية بالانتخابات البلدية. اذ يرجح أن تجيّر كلّ عائلة أصواتها لمصلحة مرشحها، خصوصاً أنهما بنيا قاعدة شعبية على أساس الخدمات.

ويُشهد للنائب محمد الحجار أنه قريب من أبناء المنطقة ويجيب شخصيا على هاتفه الشخصي ويستمع الى هواجسهم، وهو تالياً اكتسب قوّة انتخابية شخصية اضافةً الى قوّة تيار المستقبل التي تتبنى ترشيحه. ومن جهته، يتمتع عبدالله بشعبية في المنطقة كونه طبيب جلد معروفاً (عدد أطباء الجلد في اقليم الخروب ضئيل)، وعلى صعيد الحزب التقدمي الاشتراكي، اذ انه عضو في مجلس القيادة وله حضوره.

ويحصد الحجار وعبدالله أصواتاً تفضيلية في بسابا بالتساوي وكذلك في كترمايا. وتتقارب أصوات المرشحين في المغيرية والبرجين وبعاصير نظراً لحضور التقدميين الاشتراكيين اللافت في صفوف سنة المنطقة.

ووفق معطيات خبراء انتخابيين، يتفوق الحجار على عبدالله في حصد الأصوات في داريا نظراً لفاعلية “المستقبل” في المنطقة، وحضور منسق جبل لبنان وليد سرحال القوي فيها. ويتفوق الحجار على عبدالله في مزبود وينال اصواتاً أكثر، نظراً لفاعلية منسق الإقتصاد في “المستقبل” وليد شحادة ودوره في المنطقة. وقد زاره الحريري خلال جولته الشوفية. والحال هو نفسه في الزعرورية، اذ يتفوق الحجار على عبدالله بفعل حضور مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان و”تيار المستقبل” في المنطقة، فيما تتبع قوى المعارضة السنية الرئيس الأسبق اميل لحّود نظراً لدور العميد سالم بو ضاهر في المنطقة. وتالياً، من لن يصوّت للحجار في الزعرورية سيعطي المرشح على لائحة “الوحدة الوطنية” زاهر الخطيب. وكذلك في برجا، اذ يتوقع أن ينال الحجار غالبية الأصوات على حساب عبدالله. ويترشح في برجا علي الحاج الذي قد ينال أصواتاً في المنطقة على “أساس النكايات”، وفق ما يقول أحد وجهاء المنطقة، ذلك أن مزاج الناخب البرجاوي قد يتعاطف معه سخطاً على عدم ترشيح لائحة “المصالحة” شخصية برجاوية. لكن من المحتم أن تجيّر غالبية الأصوات للحجار في برجا، خصوصاً بعد زيارة الرئيس سعد الحريري الذي شدّ العصب السني أكثر في الشوف.

وفي الموازة، تصبّ غالبية الأصوات لمصلحة عبدالله في حصروت وعانوت وسبلين، حيث يرتفع حضور التقدميين الاشتراكيين في هذه المناطق. وترجع فاعلية الحزب التقدمي الاشتراكي في صفوف سنة الشوف الى التعايش والجذور التاريخية القديمة وخدمات جنبلاط في المنطقة. واذا كان تيار “المستقبل” تسعينياً في اقليم الخروب، فان السنة كانوا من أول المؤسسين للحزب التقدمي الاشتراكي فيه.

وفي المحصلة، يعتبر تيار المستقبل والتقدمي الحزبين الأكثر حضوراً في القرى الشوفية السنية والأكثر قوة على الأرض وكذلك على صعيد الخدمات. ويذكر أن ظاهرة التحزّب غير مسيطرة بقوة في قرى الشوف السنية، نظراً لارتفاع نسبة الخريجين الجامعيين وموظفي الدولة في المنطقة. ولكن من الطبيعي تفوّق عدد مناصري تيار المستقبل على الإشتراكيين منهم، غير المرتبطين بصبغة حزبية، ومن الطبيعي أن يتجّه هؤلاء نحو ترجيح محمد الحجار على حساب عبدالله في اختيار الصوت التفضيلي، نظراً لعامل المذهبية من جهة، و”النزلات” في العلاقة بين جنبلاط والحريري من جهة ثانية. حتى أن معارضي جنبلاط من سنة المنطقة، سيصوّتون للحجار فقط رغبةً منهم في اسقاط عبدالله.

ويلاحظ عدم دراية عدد كبير من المواطنين في المنطقة بحقيقة قانون الانتخاب، ومنهم من يختار تفضيلياً التصويت عشوائياً لمصلحة مرشح على حساب آخر، من دون الانتباه الى عامل الحاصل الانتخابي. وبعبارة أخرى، يستهوي الصوت التفضيلي الناخبين، ويعتبرون أنه الأساس في المعادلة على حساب الحاصل. وهذا ما قد يساهم في رفع حواصل اللائحة ودعم مرشحين آخرين من اللائحة نفسها، اذا تمتع المرشح المنتقى بأصوات تفضيلية تؤمن وصوله.

وفي المقابل، ينتمي المرشح طارق الخطيب الى قرية صغيرة في عدد الناخبين (حصروت)، في ظلّ حضور خجول لـ”التيار الوطني الحر” في صفوف سنة الشوف، مع مؤشرات لترجيح الأصوات المسيحية لمرشحي التيار البرتقالي المسيحيين. ويتكل المرشح زاهر الخطيب على حي الشريفة لنيل أصواتٍ تفضيلية، ولكن من المنطقي ألا يصوّت بيت عبدالله له هذه المرة. ويعتبر العميد مازن شبو مرشحا قوياً في منطقته ويحصل على أصوات تفضيلية مناطقية. أما بقية المرشحين السنة فيعتبرون من الأضعف في المنطقة.

ويبقى دور الجماعة الاسلامية في الشوف، التي لم ترشح شخصية في المنطقة، من شأنه أن يقول كلمته اذا صوّتت بالتفضيلي لمصلحة أحد المرشحين السنة في المنطقة. مع العلم أن الجماعة لم تحسم خيارها حتى الساعة أو أنها لا تريد التصريح به لوسائل الإعلام، وتكتفي مصادرها بالإجابة عن السؤال كالآتي: “لم نحسم خيارنا حتى الساعة”… فهل يكون لصوت الجماعة وقع في ظلّ سيطرة ثنائية المرشحين الماردين؟