Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر June 6, 2016
A A A
الجانب المظلم في الملاعب الأوروبية
الكاتب: أشرف كمال - سبوتنيك

رغم الوجه المشرق الذي تظهر به الملاعب الأوروبية لكرة القدم؛ والتي تحظى باهتمام الملايين في مختلف مناطق المعمورة إلى جانب أنها أصبحت تمثل قطاع مهم للاستثمار والتجارة وتكوين ثروات ضخمة؛ إلا أن هناك جانب مظلم يعكس حجم ما وصلت إليه هذه المجتمعات من مستوى الحوار مع الآخر الذي يساهم في حصد البطولات وتحقيق المكاسب سواء على مستوى المنتخابات أو الأندية.

ولعل قرار استبعاد اللاعبين من الأصول العربية — كريم بن زيمه؛ وحاتم بن عرفه؛ وسمير نصري —  من منتخب فرنسا المشارك في بطولة “يورو ٢٠١٦” والتي تستضيفها فرنسا خلال الفترة من ١٠ حزيران الجاري الى ١٠ تموز المقبل؛ وما يثيره من جدل في فرنسا ويسلط الضوء على جانب ظل كثيرا بعيدا عن الاهتمام؛ لا سيما وأن هؤلاء اللاعبين ظهروا بمستوى فني طيب مع فرقهم بما يؤهلهم للمشاركة في البطولة الأوروبية المهمة.

اللاعب الفرنسي الدولي السابق؛ اريك كانتونا، اتهم مدرب المنتخب؛ ديدي ديشامب؛ ب “العنصرية” ضد اللاعبين العرب؛ وقال خلال تصريحات لصحيفة “غارديان” البريطانية “العنصرية لها دور في اختيار لاعبي المنتخب الفرنسي لنهائيات كأس أمم أوروبا 2016”. بينما اعتبر لاعب فريق ريال مدريد الفائز ببطولة الأندية الأوروبية؛ كريم بن زيمة؛ أن مدرب المنتخب استجاب لضغوط من حزب سياسي عنصري و استبعاده من قائمة المنتخب المشاركة في بطولة أمم أوروبا “يورو 2016”. ونقلت وسائل الإعلام عن محامي مدرب المنتخب؛ بأنه سيلجأ للقضاء ضد اريك كانتونا؛ لاتهامه بالعنصرية ضد اللاعبين من أصول مغاربية.

ما تشهده الساحة الرياضية الفرنسية؛ يحدث في ملاعب أوروبية أخرى؛ ولم يكن المشهد الأول أو الأخيرة في مسلسل التمييز العنصري؛ حيث اعترف المدرب السابق لمنتخب فرنسا؛ لوران بلان؛  بأنه تعرض لضغوط من الاتحاد الفرنسي لكرة القدم بأن يكون هناك محاصصة بين اللاعبين في المنتخب حسب لونهم وأصولهم؛ كذلك فإن تشكيلة منتخب الديوك في مونديال ٢٠١٠ شهدت استبعاد كل اللاعبين ذوي الأصول العربية.

الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذت عددا من القرارات التي تدين ممارسة الفصل العنصري في الألعاب الرياضية وعدم السماح بأي تمييز علي أساس العنصر أو الدين أو الانتماء السياسي وبأن يكون التفوق هو المعيار الوحيد للاشتراك في الأنشطة الرياضية.

وما يثار حول ما يجري في الملاعب الأوروبية؛ من تعرض رياضيين من أصول أفريقية أو عربية لأقسى أنواع التمييز العنصري؛ يتطلب من اللجنة الدولية لمناهضة الفصل العنصري في الألعاب الرياضية؛ التحقيق ورفع تقريرها إلى الأمين العام للأمم المتحدة في إطار احكام الاتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصري في الألعاب الرياضية.

وتنص الاتفاقية الدولية على أن تدين الدول الأطراف الفصل العنصري بشدة وتتعهد باستخدام كافة الوسائل المناسبة لإزالة ممارسة الفصل العنصري بجميع أشكاله في الألعاب الرياضية؛ ولا تسمح الدول الأطراف بأي اتصال رياضي مع بلد يمارس الفصل العنصري وتتخذ الإجراءات المناسبة لضمان ألا يكون لهيئاتها وفرقها الرياضية ورياضييها مثل هذا الاتصال؛ وتتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الممكنة للحيلولة دون الاتصال الرياضي بأي بلد يمارس الفصل العنصري، وتضمن وجود وسائل فعالة لتحقيق التقيد بهذه التدابير.

كما نصت على حظر دخول ممثلي الهيئات الرياضية وأعضاء الفرق الرياضية والرياضيين الذين يدعون بمبادرة منهم هيئات وفرقا رياضية ورياضيين يمثلون بشكل رسمي بلدا يمارس الفصل العنصري ويشتركون تحت علمه. ويجوز للدول الأطراف أيضا أن تحظر الدخول علي ممثلي الهيئات الرياضية أو أعضاء الفرق، أو الرياضيين الذين يجرون اتصالات رياضية مع هيئات أو فرق رياضية أو رياضيين يمثلون بلدا يمارس الفصل العنصري.

تتفاقم ظاهرة العنصرية في ملاعب كرة القدم الأوروبية؛ بصورة تعكس ثقافة مترسخة لدى شريحة كبيرة من تلك المجتمعات تجاه الآخر المختلف معهم في اللون والعرق والدين؛ وهي مطالبة بتنفيذ التزاماتها الدولية؛ وإصلاح البيت الداخلي قبل ان تتشدق وتملأ الدنيا ضجيجا حول ملف حقوق الانسان في المجتمعات الأخرى.