Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر April 4, 2020
A A A
الثالثة سَتَثْبُت لدى سليمان فرنجيه!
الكاتب: مرسال الترس - سفير الشمال
كُتِب الكثير عن موقف رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه من التعيينات المالية خلال هذا الأسبوع، ولكّن كثيرون لم يقرأوا الموقف الاّ من خلفيات تعكس رأي الجهة التي كُتِبَ لأجلها، متجاهلين أمرين أساسييّن: الأول أن فرنجيه لا يناور في مواقفه بل ما يريد قوله يعلنه بشكل واضح وهذا ما جعله موضع مصداقية لدى مختلف الشرائح الشعبية، والثاني أن ما حصل كان تتمة لسلسلة مواقف مترابطة كانت تهدف الى رسائل مضمونة لمن يعنيهم الأمر!
في الحكومة الأولى لعهد الرئيس العماد ميشال عون في العام 2016 والتي ترأسها الرئيس سعد الحريري، أعلن فرنجيه أنه يرغب بالحصول على وزارة أساسية بوزير ماروني صودف أنها استقرت على وزارة الأشغال. وبعد مدٍّ وجزر استمر لبضعة أشهر نال مطلَبه بالرغم من كل العراقيل التي حصلت وعلى أعلى المستويات!.
ولدى تشكيل حكومة الرئيس حسّان دياب العام الماضي طالب فرنجيه بتمثيله بوزيرين مسيحيين أحدهما ماروني من خلال وزارتين أساسيتين. وبالرغم من شد الحبال الذي حصل وعلى أعلى المستويات، لم يتم إصدار مراسيم التأليف الاّ وفق رغبته، وكَبَت المُعارضون غيظهم!.
وبالأمس عندما شعر فرنجيه أن التعيينات المالية سيتم تهريبها في ظل ظروف خارجة عن المألوف نتيجة أزمة فيروس كورونا، كشف المستور وأعلن أنه يطالب بموقعين مسيحيين من أصل سبعة، وبدأت المناورات والتسريبات التي تشّوه موقف الرجل وتتهمه بأنه يَستغّل الظروف الطارئة و “يدَّعي العفة” ليغرَق في المحاصصة، فيما تم تجاهل أصل المشكلة ومن كان يخطط لتمرير التعيينات في ظلام الأزمة، داعياً الى التبصّر جيداً بمن وضع أسُس المحاصصة المفضوحة على خلفية 93 بالمئة من المسيحيين على أنهم في الجيب الصغير، فسقطوا في فخ دون الخمسين بالمئة!
فهناك من اعتبر أنه بانسحاب الوزيرين اللذين سمّاهما تيار المرده وهما لميا يمين الدويهي وميشال نجّار ستحصل “أزمة حكم”، وأن رئيس تيار المَرَدَه سيَقْبل باسمٍ واحدٍ في هذه التعيينات على أن يَجري إرضاؤه باسمٍ آخر في التعيينات الادارية، ولكن سها عن بال هؤلاء انه لا يرغب بالمناورات، لأنه تنازل كثيراً عن حقه في أوقاتٍ دقيقة وسَاير حلفاءَه، فيما ظَنَّ أخصامَه أنهم نجحوا بخداعه، وهو المُدرك جيدأ لكيفية الحفاظ على أجنحته!
وهناك من تحدُّث عن “معركة تحسين شروط” و “التآمر على حكومة دياب”. والجميع تابَعَ أنه لم تُسجَّل يوماً في إضبارة فرنجيه أنه تآمر على أي ٍكان، أو سَعى لتحسين شروط، بل كان واضحاً جداً في ما يطلُب، الأمر الذي كان يَدفع البعض الى إتهامه بأنه صريحٌ أكثر من اللزوم وهو لم يَخرج يوما من “بيت طاعة” ليعود اليه صاغراً!
البعض اراد ان يتذاكى بالقول: إن هناك افرقاء مثل الثنائي الشيعي او سواه “سيُجبران” فرنجيه على السير بما يُكتب له، والجميع تَيَقَّن أنه كان دائماً يتخطى استئثار البعض في وضع يده على الحصة المسيحية من أجل مصلحة الوجود المسيحي في الشرق، او كي لا تقع البلاد في الفوضى التي كان يسعى لها كثيرون، والامثلة على ذلك واضحة كوضوح الشمس!
والبعض تحدث عن خلفية لفرنجيه لـ “تحقيق مكسب ما” ورأى الجميع كَمْ قَدَّم “قاطن بنشعي” من دعمٍ للعهد في أحلك الظروف ووضْع كل الاساءات خلفه، في حين كان هَمْ آخرين بذل المستطاع لاستغلال العهد الى أقصى درجات الاستغلال والشخصانية ولو أدى ذلك الى تقويضه منذ إنطلاقه!.
وهناك من خطط لكي يجعل من فرنجيه كبش محرقة لجهة تظهير موقفه على أنه يسعى فقط للحصول على حصة، في حين إقتنع من يجب أن يقتنع أنه لم يُطالب يوماً بأمر ٍتعجيزي، ولكنه لم لن يَسمح لأحد مهما علا كعبُه ان يَجعل منه “كْمالِة عدَدْ” أو يتجاوز حقوق التيار الذي يترأسه.
بات جلياً وفق معظم المراقبين ثابتتان: الأولى أن الحكومة مستمرة لأجلٍ غير قريب نظراً للظروف المحلية والأقليمية والدولية. والثانية أن ما طلبَه فرنجيه سيحصل عليه، الاّ اذا قررّت “حكومة التحديات” استْبدَال المُحاصصة بالكفاءة عبر آلية اكاديمية مدروسة وشفافة، وعندها ستَجد فرنجيه اول المُصفقين.