Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر December 27, 2017
A A A
التهاب الأذن الوسطى: عندما يختل «ميزان» الجسم
الكاتب: راجانا حمية - الأخبار

فجأة، يفقد الجسم توازنه، بلا أسباب ظاهرة. غالباً ما يحدث ذلك الفعل عند النهوض من السرير. تلك اللحظة التي نشعر معها بأنّ البيت “يدور”. لكن، سرعان ما ينتهي كل شيء ويصبح الحدث عادياً، مع استعادة التوازن.
كثيرون اختبروا تلك اللحظة. وربما، بعضهم اختبرها أكثر من مرة. مع ذلك، لا يولي أحد هذا الاختلال اهتماماً، ويفسرونه على أنه دوار بسيط. لكن، التشخيص الطبي يقول غير ذلك، فعندما تتكرر حالات الدوار، فعليك أن تبدأ التفكير بصحّة أذنيك، فقد تكون مصاباً بالتهابٍ في الأذن الوسطى.

الدوار، وإن كان بسيطاً كما يظن البعض، ليس عارضاً عبثياً، فهو إنذار لوجود اختلال ما في جسدك. وغالباً، ما يرتبط حدوث الدواء مع النهوض من السرير بوجود خلل في الأذن الوسطى. وقد يتطور هذا الخلل العادي ليصبح التهاباً حاداً مع تجاهل أعراضه. أما، ما هو هذا الالتهاب؟
يعرف القاموس الطبي التهاب الأذن الوسطى بأنه “التهاب في القناة السمعية وتحديداً في المنطقة الوسطى للأذن، وهو يصيب البطانة المخاطية التي تغطي تجويف تلك الأذن”. هذا ما تقوله الدراسات. أما ما يقوله الواقع، فهو أنه المرض الأكثر شيوعاً، وتحديداً لدى الأطفال، دون سنّ الخامسة.
ويظهر هذا المرض، غالباً، كامتداد لالتهاب الجهاز التنفسي العلوي الذي يؤدي إلى تراكم سريع لإفرازات الالتهاب في الأذن الوسطى، الأمر الذي ينتج عنه انخفاض القدرة على السمع وحدوث آلام شديدة في الأذن وحمى وغثيان وتقيؤ وإسهال لدى الأطفال الرضع.
أما السبب في ذلك؟ فهو دخول البكتيريا أو الفيروسات من البلعوم العلوي، عن طريق قناة “النَّفير” إلى داخل تجويف الأذن الوسطى. مع ذلك، لا يوجد توافق في الآراء لدى المراجع الطبية حول مسببات هذا الالتهاب، فالنقاش قائم حول ما إذا كان المسبب هو البكتيريا أم الفيروس؟ وما يزال مفتوحاً.

قد يتسبب التهاب الأذن الوسطى بضرب العصب السابع الذي يحرّك عضلات الوجه

لكن، بغضّ النظر عن التضارب في الآراء، يمكن الحديث هنا عن أسباب أخرى موجودة لدى المصابين بعارض هذا الالتهاب، وتتنوع ما بين الإصابة بالتهابات القصبات الهوائية العلوية بشكل متكرر أو وجود عيوب خلقية في القناة السمعية أو وجود عامل الوراثة والذي يلعب دوراً كبيراً في الإصابة بهذا المرض.
مع ذلك، لا يمكن التنبؤ بالمرض، إذ أن اكتشافه يرتكز على التشخيص لدى طبيب مختص. وغالباً ما ينطلق هذا التشخيص من شكاوى المريض واستناداً لأعراض نموذجية لفحص الأذن، منها مثلاً وجود انتفاخ واحمرار في طبلة الأذن. وهو ما يتطلب تالياً تدخلاً طبياً للعلاج. وفي هذا الإطار، لا يزال علاج التهاب الأذن الوسطى مثار جدلٍ. ويمكن الحديث هنا عن نهجين علاجيين، أقل ما يمكن القول عنهما أنهما متناقضين:
النهج الأول ينحو صوب إعطاء مضادات حيوية على الفور، وفي جميع حالات التهاب الأذن. العلاج الذي يتم اختياره هو “الآموكسيلين” (Amoxyllin) بجرعات ملائمة لعمر ووزن المريض.
النهج الآخر يرفض العلاج الفوري بالمضادات الحيوية، بل المتابعة الطبية مع معالجة الألم فقط وإرجاء إعطاء المضادات للمرحلة التي يظهر فيها انتفاخ واحمرار بارز على طبلة الأذن، أو في حالة عدم تراجع الالتهاب خلال فترة قصيرة. إذا استمر الالتهاب، ولم يجد العلاج بالأدوية نفعاً، وحصلت مضاعفات، هناك حاجة لإجراء زرع مستنبت، حيث يتم تنظيف القيح من الأذن الوسطى، عن طريق عمل ثقب في طبلة الأذن.
وكما حال بعض الأمراض، يمكن أن يتسبب ذلك الالتهاب ببعض المضاعفات وهي: الثقب الدائم في طبلة الأذن وانخفاض القدرة على السمع والتهاب الغشاء (Mastoiditis) وضرر في عظام السمع وبالعصب السابع الذي يحرك عضلات الوجه والتهاب غشاء الدماغ وحدوث خُراج في الدماغ وضرر في التصريف الوريدي في الدماغ.