Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر February 4, 2018
A A A
التقرير المندّد لا يقوّض تحقيق مولر
الكاتب: الحياة

التقرير المندّد بـ «تحيز» وزارة العدل و «أف بي آي» لا يقوّض تحقيق مولر
*

يستخدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأنصاره تقريراً أعدّه جمهوريون في مجلس النواب، لاتهام وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) بالتحيّز في المراحل الأولى من التحقيق في «تدخل» روسيا في انتخابات الرئاسة الأميركية واحتمال «تواطئها» مع حملة ترامب. لكن الوثيقة تتضمّن معلومات قد تعقّد جهود تقويض التحقيق الذي يقوده روبرت مولر.

وسارع مدير «أف بي آي» كريس راي إلى موظفيه الـ35 ألفاً، إذ ورد في رسالة داخلية وجّهها اليهم: «الكلام رخيص، العمل الذي قمتم به هو ما سيصمد. عانيتم جميعاً في الأشهر التسعة الماضية، وأعلم أن أقلّ ما يُقال أن الوضع غالباً ما كان مقلقاً. والأيام القليلة الماضية لم تساهم في تهدئة تلك المياه. دعوني أكن واضحاً: إني ملتزم بالكامل بمهمتنا. أنا معكم». وأشاد بنزاهة عالية للمكتب وبأخلاقيات عمل واحترافية «لا تُضاهى في أي مكان في العالم»، وزاد: «نتكلّم بعملنا. كل قضية على حدة، وكل عمل استخباراتي على حدة، وكل قرار على حدة. نواصل تركيزنا على القيام بعمل رائع، ولو لم يكن سهلاً، لأننا نؤمن بأف بي آي».

كما قال رئيس رابطة العاملين في المكتب: «على الشعب الأميركي أن يدرك أن خدمتهم متواصلة من أعظم جهاز لتنفيذ القانون في العالم».

أما المدير السابق للمكتب جيمس كومي، فسخر من التقرير، معتبراً انه لا يتضمّن أدلة دامغة. وسأل في تغريدة على موقع «تويتر»: «هل هذا كل ما في الأمر؟». وأضاف أن التقرير «ليس شريفاً ومضلّل»، مشدداً على انه لا يستحق الأضرار التي ألحقها بثقة الشعب في أجهزة الاستخبارات الأميركية.

وكان ترامب كتب على «تويتر» قبل نشر التقرير: «القيادة العليا والمحققون في أف بي آي ووزارة العدل سيّسوا عملية التحقيق المقدسة، لمصلحة الديموقراطيين وضد الجمهوريين، وهذا ما كان لا يمكن التفكير به قبل مدة وجيزة». واعتبر أن مضمون المذكرة يروي قصة مخزية، مضيفاً أن على «كثيرين من الأشخاص أن يخجلوا».

وأشار التقرير، وهو من 4 صفحات، إلى «قلق في شأن شرعية وقانونية خطوات» اتخذها «أف بي آي» ووزارة العدل. وتحدث عن نيل إذن قاض للتجسس على الاتصالات الهاتفية لكارتر بيدج، المستشار الديبلوماسي السابق في فريق حملة ترامب. واستندت وزارة العدل ومكتب التحقيقات في الحصول على الإذن إلى معلومات جمعها الجاسوس البريطاني السابق كريستوفر ستيل، الذي عمل في إطار مهمة موّلها الحزب الديموقراطي وفريق حملة هيلاري كلينتون.

ووقّع طلب الحصول على الإذن أربعة مسؤولين بارزين لم يذكروا عمداً الدوافع السياسية لستيل، هم جيمس كومي ومعاونه السابق أندرو ماكابي والقائمة السابقة بأعمال وزير العدل سالي ييتس والمسؤول الثاني في الوزارة ألان رود روزنشتاين.

وكان ستيل أيضاً واحداً من مصادر «أف بي آي»، لكن صدقيته كانت موضع شكوك، إذ كذب على الشرطة الفيديرالية في شأن اتصالاته وكشف معلومات لوسائل إعلام، في انتهاك لقانون السرية في أوساط الاستخبارات.

لكن كارتر بيدج كان موضع شكوك لدى «أف بي آي» منذ العام 2013، قبل مهمة التحقيق التي عُهد بها إلى ستيل. كما أن ملف ستيل لم يكن المحفّز لفتح «أف بي آي» التحقيق الذي كان سرياً في البداية، في شأن «تواطؤ» محتمل بين موسكو وفريق حملة ترامب. وفُتح في تموز 2016، بعدما لاحظت أجهزة الاستخبارات الأميركية اتصالات مكثفة بين الروس ومقربين من المرشح الجمهوري، خصوصاً مستشاره جورج بابادوبولوس. وليس نادراً استخدام معلومات يكون مصدرها شخص نياته مبطنة، مثل ستيل، وعلى القاضي أن يقرر هل هذه المعلومات قيّمة.

وأشرف على إعداد التقرير ديفين نيونس، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، والذي شبّهه السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام بالمفتش الشهير كلوزو في الروايات البوليسية الفرنسية، فيما اعتبره العضو الديموقراطي في اللجنة مايك كويغلي «عميلاً للبيت الأبيض، بدل أن يكون محققاً مستقلاً».

ولفت الديموقراطيون في اللجنة إلى أن تحقيق مولر لا يعتمد على «ملف ستيل» وحده، معتبرين ان «الهدف الوحيد من (نشر) الوثيقة هو حماية البيت الأبيض والرئيس». ورأى الديمقراطيون أن التقرير «جهد مشين لنزع الصدقية» عن «أف بي آي» ووزارة العدل والتحقيق في «ملف روسيا»، منبّهين إلى أن «النشر الانتقائي وتسييس معلومات سرية، يمثل سابقة مروعة ستلحق ضرراً طويل الأمد بأجهزة الاستخبارات وجهات تنفيذ القانون».

ووجّه عشرة قياديين ديموقراطيين في مجلسَي النواب والشيوخ رسالة إلى ترامب، يحذرونه من انهم سيعتبرون اتخاذ التقرير ذريعة للتخلّص من روبرت مولر أو من رود روزنشتاين «محاولة لعرقلة عمل القضاء في التحقيق الروسي». وأضافوا أن إقالتهما «يمكن أن تؤدي إلى أزمة دستورية تُعتبر سابقة، منذ مجزرة مساء السبت»، في إشارة إلى قرار الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون إقالة المدعي الخاص في فضيحة «ووترغيت»، ما أدى إلى استقالة وزير العدل ونائبه.

كما نبّه السيناتور الجمهوري البارز جون ماكين، إلى أن «الهجمات الأخيرة على أف بي آي ووزارة العدل لا تخدم المصلحة الأميركية، ولا مصلحة الحزب ولا مصلحة الرئيس، بل مصلحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحده».

الصورة ل جيمس كومي