Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر June 20, 2019
A A A
التعيينات اختبار للتضامن الحكومي وللأهليّة في تحقيق الإصلاح ومكافحة الفساد
الكاتب: اميل خوري - النهار

يمكن القول إن ملف التعيينات في وظائف الدولة سيكون اختباراً جديداً لتضامن الحكومة ولأهليتها في تحقيق الإصلاح الإداري ووضع حدّ للفساد. ولكي تكون كذلك، ينبغي اعتماد آلية تأتي بأصحاب الكفاية والخبرة والاستقامة إلى أي حزب أو طائفة انتموا.
وكان مجلس الوزراء أقر بتاريخ 12/4/2010 آلية للتعيينات تؤمّن وصول قيادات ادارية مؤهّلة وقادرة على النهوض بالإدارة وذلك باختيار أفضل العناصر والكفايات لها، وتشكّل بالتالي حماية لأصحاب القوق وتجنّب السلطات المختصّة بالتعيينات الانتقاد، ولتكون الطريق السوي القويم للإصلاح. وقد أوْلى مجلس الخدمة المدنية حسن سير العمل داخل الإدارات العامة اهتمامه، ولفت في تقريره السنوي الصادر يوم كان الوزير السابق الدكتور خالد قباني رئيساً له إلى “أن لدى جهات مسؤولة سبيلاً إلى مخالفة القواعد القانونية ومحاولة استتباع الإدارات والسيطرة على مواقع القرار فيها وعدم الالتزام بأحكام القوانين والأنظمة، ممّا انعكس سلباً على صحّة وصدقيّة وشرعيّة عمل الإدارات العامّة وعلى حقوق المواطنين ومصالحهم، وأدّى أيضاً إلى تفاقم الظواهر السلبيّة منها، وهو ما يجب العمل على معالجته ليعود للإدارة موقعها ودورها وتستعيد ثقة المواطن بها، ومن خلالها الثقة بالدولة ومؤسّساتها”. وأورد التقرير على سبيل المثال لا الحصر المخالفات الآتية:
1- وضع تشريعات وأنظمة لبعض الوزارات والمرافق العامة بموجب اقتراحات قوانين لم يتمّ إعدادها أو وضعها ودراستها من قبل الإدارات العامّة.
2- اقتراح قوانين تُعطي لبعض الموظّفين أو فئات منهم منافع أو درجات تدرّج في رواتبهم تتمثّل بمبدأ المساواة بين الموظّفين، أو ترجّح فئات منهم على فئات أخرى.
3- وضع مشاريع قوانين لملء بعض الوظائف الشاغرة في الإدارات العامّة أو المؤسّسات العامّة، بموجب مباراة محصورة خلافاً لمبدأ المساواة ولكل وزارة على حدة، وكذلك وضع مشاريع قوانين أو اقتراحات قوانين تنص على تثبيت متعاقدين وأجراء ومياومين في ملاكات بعض الوزارات مع الإعفاء من شرط المباراة والشهادات، ممّا يُشكّل خرقاً للقوانين ومصادرة لصلاحيّات مجلس الخدمة المدنية، وكذلك إقرار مشاريع قوانين تُجيز ملء مراكز شاغر في بعض الوزارات من الفئتين الثالثة والرابعة، عن طريق مباراة محصورة خلافاً للأصول والمبادئ والقواعد المتّبعة، وإقرار قوانين أو اتّخاذ قرارات في مجلس الوزراء تُعطي لبعض المؤسّسات العامّة حقّ إجراء مباراة للتعيين في وظائف شاغرة لديها خلافاً للقوانين المرعيّة الإجراء.
4- إقرار قوانين أو اتخاذ قرارات بإشراك ممثّلين عن الإدارات المعنيّة في تنظيم المباريات التي يُجريها مجلس الخدمة المدنيّة، وتشكيل لجان المباريات والإشراف عليها خلافاً للقوانين والأنظمة النافذة، ممّا يؤثّر على حسن سير المباريات وصدقيتها ويؤدّي إلى ضياع المسؤوليّة، واستمرار بعض الإدارات في تكليف موظّفين وظائف قياديّة خلافاً للقانون وبناء على اعتبارات لا تخدم المصلحة العامّة، وسنّ قوانين لتثبيت موظّفين من الفئة الرابعة مكلّفين مهمّات وظائف من الفئة الثالثة، ممّا يؤدّي إلى ترقيتهم من فئة إلى فئة أعلى من دون اتباع الأصول التي ترعى ذلك، ولا سيّما الخضوع للمباراة وبصرف النظر عن الشهادات العلميّة المطلوبة للوظيفة، مع ما يترتّب على ذلك من جعل العاملين في الإدارات العامة الذين هم في وضع غير قانوني يستفيدون من هذا الوضع باعتماد حالة التكليف من دون الإستناد إلى الكفاية والاختصاص، وتأخّر بعض المؤسّسات والإدارات في تعيين الناجحين في المباريات لملء الشغور في الملاكات أحياناً عن قصد لإمرار مهلة السنتين التي بانقضائها تستنفد لائحة الناجحين مفعولها.
إنّ مجلس الوزراء أعاد بعد الاطلاع على هذا التقرير النظر في بعض هذه القرارات المخالفة للقانون بناء على طلب مجلس الخدمة المدنية في حينه من أجل إشاعة الثقة في علاقات الرؤساء بالمرؤوسين، فأحاط مجلس الخدمة المدنية بالضمانات القانونيّة والشروط المتعلّقة بالكفاية والاختصاص في التعيينات ليحول دون التعيين الكيفيّ وإبعاده عن تأثير السياسة وضغوطها، وذلك بوضع آليّة للتعيين توصل أصحاب الكفاية والاختصاص إلى الوظيفة المناسبة، وتؤمّن تعيين مَنْ يستحق وفقاً للمعايير الموضوعة وليس استنساباً، فهل تأخذ الحكومة كل هذا في الاختبار كي تكون التعيينات بداية فعليّة للإصلاح ومكافحة الفساد؟