Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر January 9, 2025
A A A
التطهير العرقي لا يصفّر الاشتباك: غزة تفتك بجنود العدو
الكاتب: يوسف فارس

كتب يوسف فارس في “الأخبار”

بعد 15 شهراً من الضغط العسكري الإسرائيلي المكثّف على قطاع غزة، لم تتحوّل الحرب إلى نزهة، حتى في شمال القطاع الذي يشهد أكبر حملة تطهير عرقي وتدمير ممنهج للمنازل والبنية التحتية. واعتبر الإعلام العبري، أمس، من «الأيام الحزينة»، بعد مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة 7 آخرين في حدثين وقعا في الشمال. وقال موقع «حدشوت بزمان» إن المقاومين فجّروا عبوة ناسفة كبيرة الحجم بدبابتين، ما أدّى إلى انقلاب إحداهما ومقتل وإصابة من في داخلهما. وقبل ذلك، تحدّث الإعلام العبري عن مقتل قائد سرية النخبة في «الكتيبة 932» ونائبه في مدينة بيت حانون. ويعني ما تقدّم، أن المقاومة أغلقت الأسبوع الأول من العام الجديد بمقتل 5 ضباط وجنود على الأقل وإصابة أكثر من 10 آخرين.

ولا تعكس هذه الأحداث قدرة المقاومة المتجدّدة على إيقاع الخسائر البشرية على رغم طول مدة الحرب فحسب، وإنما تنفي أيضاً فعالية الخطط العسكرية الجديدة ومنها «خطة الجنرالات» في تحقيق حالة «صفر اشتباك». وعلى رغم أن المقاومة ليست في حال جيدة نظراً إلى الإنهاك المستمر ونقص الذخيرة والكادر البشري، فإن ما يعكسه الفعل الميداني الذي يرافق كل تمدّد أفقي لجيش الاحتلال، هو إرادة القتال التي لم تهتز، والقدرة المتواصلة على اجتراح أشكال وخطط وأفخاخ جديدة تحقّق خسائر بشرية تدفع المؤسسة الأمنية ومجتمع الاحتلال إلى طرح الأسئلة عن جدوى القتال. ومن ذلك ما قاله رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إيال حولاتا، حول أنه لا يفهم «ما يفعله الجيش الإسرائيلي في غزة منذ فترة طويلة، ولماذا لم يتم الانتهاء من المفاوضات بشأن صفقة الأسرى بعد، والتوصل إلى وقف إطلاق نار يؤدي إلى إنهاء الحرب وخروج القوات من غزة؟».

عاصفة في مجتمع الاحتلال وهيئة عائلات الأسرى بعد استعادة جثتين من غزة

وكانت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة أعلنت، أمس، تنفيذ عدد من المهام القتالية، إذ دكّت «ألوية الناصر صلاح الدين» تجمعات جنود الاحتلال في جحر الديك بقذائف الهاون، فيما أبلغت «كتائب القسام» أن مقاتليها العائدين من خطوط القتال تمكّنوا بمشاركة «سرايا القدس»، أول أمس، من الاشتباك مع قوة إسرائيلية راجلة مكوّنة من 10 جنود وإيقاعهم بين قتيل وجريح، قائلة إن أحد الجنود حاول الفرار من الكمين، فلاحقه مقاوم وأجهز عليه من مسافة صفر. كذلك، أعلنت «كتائب شهداء الأقصى» قصف «محور نتساريم» بصواريخ «107». ونشر الإعلام العسكري التابع لها مقطعين مصوريْن تضمّنا جانباً من عمليات التصدي لقوات الاحتلال المتوغّلة في شمال القطاع، ويظهر فيهما استهداف المقاومين دبابة بقذيفة «الياسين 105»، وتنفيذ كمين ضد قوة راجلة من جنود العدو كانت تتحصّن في منزل في حي الصفطاوي غرب جباليا. وتشير العملية الثانية إلى تماسك الهيكل النظامي للمقاومين لجهة التخطيط المدروس للكمين الذي سبقه رصد لعشرة أيام، ثم تنفيذ محكم وتصوير من زاويتين خلال التنفيذ. وتتعمّد المقاومة من خلال إظهار تلك الصور بعد 3 أشهر من العملية البرية في شمال القطاع، القول إنها قادرة على التعافي واستحداث أنماط عسكرية تتواءم مع طبيعة كل معركة.

في المقابل، صعّد جيش الاحتلال غاراته في مناطق القطاع كافة، وارتكب 5 مجازر بحق العائلات، فسقط 20 شهيداً في غارات على خيام النازحين في مواصي خانيونس، ودُمرت 3 منازل على رؤوس ساكنيها في حيي الشيخ رضوان وأبو إسكندر، فضلاً عن استمرار حصار مستشفى «العودة» في حي تل الزعتر شمال القطاع، وتعمّد العدو إطلاق النار على أقسامه وباحته الرئيسية. وبالتوازي مع ذلك، أعلن جيش الاحتلال استعادة جثماني أسيرين اختطفتهما المقاومة في السابع من أكتوبر من العام الماضي. وقالت إذاعة الجيش إن جثة استُعيدت من رفح جنوب القطاع تعود إلى البدوي يوسف الزيادنة (53 عاماً) الذي أُسر من «كيبوتس حوليت» في غلاف غزة مع ثلاثة من أبنائه هم حمزة، بلال وعائشة، وقد أُفرج عن بلال وعائشة خلال صفقة التبادل الأولى في تشرين الأول الماضي، وبقي حمزة في الأسر مع والده، واستعيدت جثته أمس.
وأثار الحدث عاصفة من التصريحات في مجتمع الاحتلال وهيئة عائلات الأسرى، واللذين اتهما الحكومة بالتقاعس وإهمال ملف الأسرى.