بكثير من الديمقراطية جاء تعيين كريم سعيد حاكما جديداً لمصرف لبنان وبكثير من الحكمة خرج التعيين بالتصويت من مجلس الوزراء دون إشكالات تذكر ،على الرغم من وجود تلميحات بتباينات في المقاربات بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس الوزراء القاضي نواف سلام، الأمر الذي ينفيه المقربون من الرئاستين الأولى والثالثة.
ما هو أبعد من التعيين الذي تم امس هو إمكانية ظهور رؤى مالية ومصرفية مختلفة بين الرئيسين عون وسلام ما عزز ذلك إعلان رئيس الحكومة من القصر الجمهوري أن سعيد لم يكن مرشحه في ظل حرصه على استعادة أموال المودعين والحفاظ على أصول الدولة، كما قوله أن على حاكم مصرف لبنان الجديد الإلتزام بالسياسة المالية الإصلاحية لجهة التفاوض على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي وإعادة الهيكلة للحفاظ على أموال المودعين.
لجوء مجلس الوزراء إلى التصويت ادرجه البعض في سياق بدء التجاذبات بين الرئيسين عون وسلام وإمكانية بروز أزمة بينهما، وهو ما سارعت مصادر سياسية مطلعة عبر «اللواء» إلى نفيه، ولفتت إلى أن الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية وأن ما جرى في المجلس لا يمكن اعتباره فتح جبهات بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.
ورأت المصادر نفسها أن المسألة لا يمكن تصويرها بمثابة انتصار بمجرد تعيين مرشح رئيس الجمهورية وأكدت أن الرئيس عون لا يرغب في إظهار انطباع من هذا القبيل، وأن طرحه ترشيح سعيد نابع من قناعة بمؤهلاته وخبرته وهي مسألة محسومة لا تحتاج إلى تفسير على الإطلاق.
وفي مجال آخر، تحدثت أوساط مراقبة عن وجود تباينات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وهناك خشية من تمددها في المرحلة المقبلة مع العلم أن الرجلين على قناعة بوضع الملف الإصلاحي في مقدمة الأولويات بإعتباره بابا أساسيا للمساعدات ، موضحة في الوقت نفسه ان هناك استحقاقات مقبلة وعندها تبرز بوضوح الإختلافات من عدمها، والمؤكد حتى الآن أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ليسا في وارد الدخول في زواريب السجالات ما قد يؤدي إلى عرقلة مشاريع مستقبلية، واذا كان التصويت الذي تم اعتماده للمرة الأولى منذ تأليف الحكومة خيارا يمكن السير به كحل لأي تباين، فليكن كذلك وفق هذه الأوساط، عندها يكون مجلس الوزراء هو الحكم .
واكد الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك لـ «اللواء» انه عملا بأحكام المادة ٦٥ من الدستور تحديدا الفقرة «٥» القرارات تتخذ في الحكومة توافقيا، واذا لم يتم الإتفاق على قرار تسووي بين جميع الأفرقاء يصار إلى اللجوء إلى التصويت، وبالتالي فإن تعيين حاكم مصرف لبنان جاء ضمن إطار الآلية الدستورية التي تفرض التصويت في حال عدم الإتفاق بين أطراف الحكومة. وقال : لماذا لجأ مجلس الوزراء إلى التصويت، لأنه لم يصل إلى اتفاق، وهذا أمر واضح ويمكن أن يتكرر هذا السيناريو وأن يتم الذهاب إلى التصويت في أكثر من ملف لاسيما إذا كانت هناك وجهات نظر مختلفة بين افرقاء الحكومة.
وبسؤال المصادر عن التوقعات المتصلة بجعل التصويت خيارا ثابتا، فشددت على أنه متى كانت الحاجة إلى التصويت في مجلس الوزراء فإنه سيحضر حتما، وهذا ليس سوى إجراء سليم لا يتيح بفرز الحكومة إنما بتمرير الملفات المطروحة وعدم نسفها لأي سبب.
ما جرى داخل الحكومة ليس « بروفا» لتصويت مقبل، ولا يعني أنه سيتكرر بسبب غياب التفاهم وتبقى الأولوية عدم انفجار مجلس الوزراء أو أن يصيب التعطيل عمله.