Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر October 13, 2022
A A A
الترسيم البحري بمفاعيل توقف عدّاد النزول الى الجهنم الاقتصادي
الكاتب: ابتسام شديد - الديار

بمعزل عن كل ما يقال داخليا حول اتفاق الترسيم البحري بين أنصار الترسيم ومعارضيه، ومن يرى ان لبنان قدم تنازلات ولن يحصل إلا على “نفط على ورق”، ومن يعتبر ان الترسيم أفضل ما حصل عليه لبنان ومن شأنه ان ينقله الى مصاف الدول النفطية، إلا ان مجرد إنجاز إتفاق الترسيم حدث بحد ذاته بمفاعيل اقتصادية وسياسية.
وإذا كان من المبكر اكتشاف نتائج إتفاق الترسيم في المدى القصير المنظور، لكن توقعات خبراء الإقتصاد تؤشر الى انفراجات في الوضعين الاقتصادي والمالي، لأن لبنان سيدخل عمليا نادي الدول المنتجة للنفط بمجرد التوقيع على الترسيم، مما سيؤدي الى تحسن التصنيف الإقتصادي ويخلق مناخات من الثقة للشركات والدول للتعامل مع لبنان.

اقتصاديا، يمكن ان تتوقف كما يقول اقتصاديون مرحلة النزول الى جهنم، وقد يعطى لبنان فرصة جديدة للنهوض الإقتصادي والإنقاذ اذا فتح الباب للاستثمارات الخارجية ، ومن شأن التوقيع ايضا ان يخفف من وطأة الحصار الذي يرزح تحته لبنان منذ العام ٢٠١٩.

سياسيا، للترسيم مردودات سياسية عديدة، وليس سرا ان رئيس الجمهورية ميشال عون الذي تعرض عهده للتنكيل، يتصدّر مشهد الرابحين من إنجاز الاتفاق في الأسبوعين الأخيرين من نهاية عهده، اما التيار الوطني الحر الذي تسلم وزارة الطاقة من العام ٢٠١١ واتهم بعدم انجاز خطط كهربائية، وتم تحميله وزر انقطاع الكهرباء، فإنه وفي حال سارت الأمور على ما يرام وكما هو مرسوم، سينال صك براءة لأنه كان من المؤمنين بوجود النفط والغاز، ووضع كل ثقله وخاض معارك لإقرار وإصدار مراسيم النفط والغاز.

عمليا، فإن الإتفاق يضع حدا لعملية التشكيك بوجود النفط والهجوم على التيار الوطتي الحر الذي كان من المساهمين الى جانب رئيس الجمهورية ببلوغ لبنان مرتبة الدولة النفطية، كما يظهر ان التنسيق بين التيار وحزب الله، تحت عنوان وثيقة تفاهم وغيرها من التفاهمات أعطى جدوى، حيث فعلت مسيّرات حزب الله فعلها أيضا فوق حقل كاريش. ويؤكد سياسيون من فريق ٨ آذار ان للثنائي الشيعي أدوارا مختلفة في ما جرى، فرئيس المجلس نبيه بري له دور أساسي، اما حزب الله فخرج من معركة لم يخضها مباشرة، لكنه كان داعما لخطوات الدولة اللبنانية.

بغض النظر عن نتائج الإتفاق التي ستظهر مع الوقت، فان توقيع الترسيم أسقط مقولة ان الممانعة تأتي بالفقر والجوع فقط، فبإمكان هذا الفريق ان يجبر دولة بحجم العدو الإسرائيلي ان يلتزم بالشروط ويعترف بحقوق لبنان النفطية.

ومع ان التوقيع لا يعني استخراجا للنفط والغاز قبل سنوات، لكن توقيع إتفاق الترسيم لحظة مفصلية وتاريخية، وتأثيراته ستمتد الى فترة طويلة قد تشمل المزيد من الانفراجات الإقتصادية، او على الأقل تضع حدا فاصلا للهبوط السريع الى جهنم الإقتصاد.

يسجل المراقبون ان خطوة الترسيم التي أتت قبل أسبوعين من خروج رئيس الجمهورية ميشال عون من قصر بعبدا لن تكون الوحيدة، ويتحدث المقربون من بعبدا عن مجموعة خطوات تتفيذية ستحمل مفاجآت في الساعات ستشمل ملفات حيوية ليتذكرها اللبنانيون على انها انجازات العهد، علها تمحو الصورة القاتمة التي طبعت السنوات الأخيرة للرئيس عون في بعبدا وتخللها أسوأ انهيار مالي واقتصادي في العالم.