Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر November 4, 2020
A A A
التخبط يمنع اقفال البلد
الكاتب: ميشيل تويني - النهار

لم يكن ينقص اللبناني سوى ازمة كورونا التي تطول وتطول ولا تنتهي منذ اشهر.

والفرق بين لبنان ودول اخرى اننا اولا كنا ولا زلنا ويبدو اننا سنبقى الى امد بعيد في ازمة اقتصادية لا مثيل لها بدأت قبل ازمة وباء كورونا. وثانيا انه لا يوجد دولة بالحد الأدنى في لبنان لدعم القطاعات المتضررة وتعويض المواطنين المتضررين.

لكن ما نلمسه في الآونة الاخيرة هو سوء ادارة مخيف وتصاعدي لازمة تفشي كورونا في كل المناطق اللبنانية. يوميا يصرح وزير الصحة ومدير مستشفى رفيق الحريري ونقيب الاطباء ونقيب اصحاب المستشفيات انه لم يعد من أسرّة في المستشفيات للمصابين وان قدرات المستشفيات وصلت الى السعة القصوى، وان لبنان اصبح شبيها بالمشهد الاسباني او الايطالي وانه من البلاد الاكثر انتشارا لوباء كورونا.

وفي موازاة امداد المواطنين بالمعلومات على أهمية هذا الامر، والادلاء بالتصاريح المتكررة والتسابق على الظهور الإعلامي، يبقى السؤال عن خيار اقفال البلاد بشكل كامل لمدة شهر كما يحصل في فرنسا او في بريطانيا مهما كلف الامر.

فالاقفال الجزئي ومنع التجول في ساعات محددة واقفال شارع واقفال منطقة لا تجدي نفعا وكل تلك اثبتت عدم جدواها لانه حتى الآن لأن الاعداد تزداد بشكل كبير ومخيف.

اذا كان الخوف على الاقتصاد فان الاستمرار في المعالجات القائمة سيودي حتما الى الانهيار لأن الطرق المتبعة تبدو اسرع السبل الى جعل لبنان بلدا موبوءا يتقدم الدول الأكثر ابتلاء بالوباء ولن يساعد ذلك طبعا الاقتصاد لانه اذا اصبح لدينا 4000 إصابة يوميا فستنهار كل القطاعات ومعها واولها القطاع الصحي.

لكن يبدو من المؤكد ان المسؤولين لم يتعلموا شيئا من اخطاء الماضي. اذ ان اقفال منطقة وفتح أخرى في بلد صغير مثل لبنان هو مضيعة للوقت وهي اجراءات ربما تكون منطقية في بلاد واسعة.

يجب ان تعتمد خطة واضحة وفعالة ويجب أن يكون هنالك اقفال عام بأسرع وقت لاننا نقترب يوما بعد يوم من سيناريو مأسوي. وقطاعنا الصحي ينزف بين هجرة الأطباء وبين عدم وجود المستلزمات الطبية وانقطاع أغلبية الادوية من السوق جراء ازمة الدولار. الوقت غير مناسب اطلاقا ليتحمل القطاع الصحي المزيد، فالممرضات والممرضين والأطباء يطلبون العون لكي يتمكنوا من الاستمرار.

المطلوب اليوم قبل الغد الاقفال التام ومن اقفل البلاد عندما كانت تسجل اصابة واحدة او 100 اصابة يمكنه ان يقفل البلاد مع بلوغ العدد 2000 إصابة. ان التخبط الحاصل بين المسؤولين والوزراء واللجان النيابية والهيئات الطبية والاستشفائية حول الاقفال بات يشكل الخطر الأكبر على اللبنانيين الذين ان كانت فئات كثيرة منهم تتحمل مسؤولية عدم التزام إجراءات الحماية والتباعد ووضع الكمامات فان جميع اللبنانيين هم واقعيا ضحايا دولة تكاد تكون مجرمة بحق أبنائها تتفرج عليهم امام خطر الوباء ولا تسرع في اتخاذ وتنفيذ القرار الجراحي مهما كلف الامر لان حياة الناس قبل أي شيء وهي الأولوية المقدسة أولا وأخيرا.