Beirut weather 26.32 ° C
تاريخ النشر January 17, 2018
A A A
التحالفات تتجاوز 8 و14 آذار!
الكاتب: البناء

قالت مصادر متابعة لمساعي رئيس الحكومة سعد الحريري للدخول على خط حلحلة قضية المرسوم العالق بين رئاستَيْ الجمهورية ومجلس النواب، إنّ إصرار وزير العدل على طلب رأي هيئة الاستشارات في وزارته في القضية وصدور هذا الرأي قبل قيام رئيس الحكومة بمفاتحة رئيسَيْ الجمهورية والمجلس النيابي بمبادرته، يجهض فرصة قيامه بمسعى الوساطة ويعيد التوتر والاشتباك إلى الذروة. وهو ما عبّرت عنه سجالات بعد ظهر أمس بين وزيرَيْ العدل والمالية بصورة خاصة.

عون: قضية المرسوم انتهت و«الاستشارات» قالت كلمتها
لم يمنح القضاء الوقت الكافي للعاملين على خط المعالجة السياسية لأزمة مرسوم أقدمية الضباط بين بعبدا وعين التينة، إذ «سبق السيف العذل» في بلدٍ يعيش على التسويات، وحسمت هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل نزاع القوم لمصلحة رئيس الجمهورية وقطعت الطريق على مسعى رئيس الحكومة سعد الحريري الذي لن يُكتَب له النجاح بعد اليوم. ما يعني أن الأزمة مرشّحة للمزيد من التصعيد بعد الرأي الاستشاري الذي صبّ الزيت على نار الخلاف المستعر بين الرئاستين الأولى والثانية ورفع وتيرة السجال السياسي والإعلامي والقانوني بين حركة أمل والتيار الوطني الحر وتكتل التغيير والإصلاح.

وبعد أن رفض رئيس المجلس النيابي نبيه بري اللجوء الى القضاء للطعن بالمرسوم، فضل رئيس الجمهورية استباق زيارة الحريري والاستكشاف بالنار قانونية ودستورية المرسوم عبر وزارة العدل المحسوبة على بعبدا التي اعتبرت أن قضية المرسوم انتهت وباتت خلفها، بعد أن قالت «الهيئة» كلمتها بحسب معلومات «البناء» وبالتالي أي مبادرة أو اقتراحٍ «معجل مكرر» يُنقل الى بعبدا فهو قابل للنقاش لكنه لن يُلغي مرسوم الأقدمية الموقع من رئيس البلاد ورئيس الحكومة والوزير المختص ولن تُجمّد مفاعيله القانونية والإدارية وحق ضباط دورة 1994 في الاستفادة منه.

واعتبرت هيئة «التشريع والاستشارات» في وزارة العدل خلال مراسلة مع وزير العدل بناءً على طلبه «أنّ الوزير المختص الذي يحقّ له توقيعَ المرسوم إلى جانب كلّ مِن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة هو وزير الدفاع، وأيّ وزير آخر يتبع أحد أو بعض الضبّاط لإدارته، ولا يشترك وزير المال في التوقيع معه»، واستندت الهيئة في قرارها الى قرار مجلس الشورى في العام 1991 الذي أفتى بعدم ضرورة توقيع وزير المال على المراسيم التي لا ترتب أعباءً مالية وأن وزير المال ليس قيّماً على سائر الوزارات.

وفي وقتٍ يعتزم الرئيس الحريري زيارة بعبدا خلال الأيام القليلة المقبلة وإطلاع رئيس الجمهورية على اقتراح رئيس المجلس، توقفت مصادر نيابية عند توقيت صدور رأي الاستشارات قبيل عرض الحريري وساطة بري على الرئيس عون، غير أن مصادر مطلعة أوضحت لـ «البناء» أن «رأي هيئة الاستشارات أقوى من أي مبادرة من هنا واقتراح من هناك ووضعت الخلاف السياسي والقانوني في نصابه، وبالتالي لم يعد هناك لزوم لأي تسوية وحلول وسطية للخلاف»، مؤكدة أن «هيئة الاستشارات هيئة مستقلة لا علاقة لبيانها بزيارة رئيس الحريري الى بعبدا». واستبعدت المصادر أن يوافق الرئيس عون على اقتراح الحريري لا سيما بعد رأي القضاء وأقصى ما يمكن أن يوافق عليه هو استلحاق دورات أخرى الى مرسوم الأقدمية».

وتوقفت المصادر عند تصريحات عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي الذي «غمز من قناة انتخاب رئيس للجمهورية واستحضاره مرحلة الشغور الرئاسي التي أنتجت في نهاية المطاف رئيساً قوياً للجمهورية في بعبدا شهد العام الأول من عهده سلسلة إنجازات من التشكيلات القضائية والدبلوماسية والأمنية الى مواقفه السيادية لم يعهدها لبنان في العهود الماضية شكّلت محطّ إجماع سياسي وشعبي لا سيما خلال قضية احتجاز الرئيس الحريري والقرار الأميركي حول القدس الى جانب مواقفه من إسرائيل والارهاب وسلاح المقاومة».

برّي: استشارة بناء على طلب
الرئيس نبيه بري الذي سبق واعتبر وزارة العدل أنها «تابعة»، علّق من طهران على ما نسب الى هيئة الاستشارات بالقول: «هي استشارة بناءً على الطلب، مع الأسف». في حين تولى وزير المال علي حسن خليل الردّ وقال: «إذا كان قرار مجلس الشورى في العام 1991 قال بعدم ضرورة توقيع وزير المال، فهناك حكم آخر عن مجلس القضايا في مجلس الشورى في الـ1992 يقول بوجوب توقيع وزير المال على كل المراسيم التي يترتب عليها بصورة مباشرة أو غير مباشرة نتائج مالية أو أعباء». واعتبر عبر تويتر أن «البحث عن حجج لتغطية تجاوز الدستور لا ينفع، ويزيد من إرباك أصحابها ويخلق إشكالات جديدة».

وردّ وزير العدل سليم جريصاتي على كلام بري وخليل، وتساءل: «عن أي غبّ طلب يتكلّمون؟ القرار صادر منذ عام 1990. ونحن نجلّ رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الرأي الذي ينسبونه إليه في هذا الإطار»، وفي بيان تلاه جريصاتي عقب الاجتماع الأسبوعي لتكتل التغيير والاصلاح في الرابية تساءل: «هل نحن من اعتبرنا سنة 1990 أن وزير المال ليس قيماً على سائر الوزارات؟ لقد لجأنا الى القضاء الذي هو الملاذ، ولا يحق لأحد التطاول على القضاء». واعتبر أن «النقاش الدستوري والقانوني انتهى في البلد، بعد صدور رأي هيئة التشريع والاستشارات، فهي أعلى سلطة إدارية».

ولفت التكتل الى أن «الشغور الرئاسي أتانا برئيس قوي بمفهوم المعايير الديمقراطية، هذا الرئيس أتانا أيضاً بقانون انتخاب وفق النظام النسبي، ما لم يحصل منذ الاستقلال، وينكرون علينا اليوم الإصلاحات التي هي بمثابة ضمانات نص عليها هذا القانون لصحة التمثيل وفعاليته والمشاركة الكثيفة للمواطنين في هذا الاستحقاق الذي طال انتظاره بعد تمديدات بألف حجة وحجة. فليكن معلوماً، نحن طلاب استحقاق انتخابي، نحن أصحاب المبادرة القانونية وأصحاب الاستحقاق في موعده».

ردّ جريصاتي استدعى رداً آخر من وزير المال قائلاً: «آخر الإبداعات أن أسمع من وزير معني أن من استشارها هي أعلى سلطة قضائية، ونتحدث بالقانون، لا أحد فوق الدستور، ونحن نتحمّل مسؤولية كل كلمة نقولها ونعرف معناها جيداً، ولا يهوّل أحد علينا، الأفضل لمعاليه أن يقول إنه لم يعد يريد الحديث بالدستور، ولا يعتقد أن بإمكانه منع الآراء المخالفة لفتاويه».

الحريري: أنتظر رئيس المجلس…
أما بيت الوسط الواقعة في وسط الاشتباك الرئاسي والحائرة بين بعبدا وعين التينة، باتت مهمتها أصعب بعد قرار القضاء، لكن مصادر مستقبلية نقلت لـ«البناء» عن الرئيس الحريري تأكيده الاستمرار في مسعاه التوفيقي بين المقرّين، ولفتت الى أن «الحريري بانتظار عودة رئيس المجلس الى بيروت لزيارته وبحث اقتراحه الأخير دمج المراسيم في مرسوم واحد قبل اطلاع رئيس الجمهورية على مضمونه».

وأشارت المصادر الى أن «الحريري كان يفضّل لو استأخرت هيئة الاستشارات رأيها القانوني بعض الوقت ليتسنّى له تسويق مبادرة بري وإقناع رئيس الجمهورية وإيجاد الحل المناسب». واستبعدت المصادر أن «تؤثر أزمة المرسوم على العلاقة التحالفية بين الرئيسين بري والحريري التي مرّت بأصعب منها وعادت الى طبيعتها»، مشيرة الى أن «الحريري يعوّل على رحابة صدر الرئيس بري»، وأكدت أن «رئيس الحكومة لم ينحَز الى الرئيس عون ضد بري، بل هو مع تعاون وتوافق الرئاسات الثلاث لمصلحة الاستقرار السياسي واستمرار عمل المؤسسات في لبنان».

ولفتت المصادر الى أن «الحريري يولي الوضع الاقتصادي الأولوية ويعوّل على المؤتمرات الدولية لدعم لبنان ومؤسساته من خلال المشاريع الكبرى المرتقب إنجازها خلال السنوات المقبلة التي سترفع نسبة النمو الى حوالي 7 في المئة»، وعلمت «البناء» أن «الحريري سيقوم بزيارة الى دافوس في سويسرا للتحضير للمؤتمرات حيث سيعقد الأول في فرنسا والثاني في روما، ولم يحسم زيارته إلى السعودية بعد».

التحالفات تتجاوز 8 و14 آذار!
وفي وقتٍ يرتفع منسوب التوتر السياسي ورفع سقف المواقف للتحشيد الانتخابي على مسافة ثلاثة أشهر من الانتخابات النيابية، يُصرّ التيار الوطني الحر على الإصلاحات التقنية الواردة في متن قانون الانتخاب ويحذّر من أن «الذهاب الى الانتخابات بحكم الأمر الواقع قد يعرّض العملية الانتخابية ونتائجها الى الطعون»، في المقابل يعارض رئيس المجلس النيابي إدخال أي تعديل على القانون لضيق المهل ولتجنب أي محاولة لنسف القانون والاستحقاق النيابي برمّته، وبالتالي هو على موقفه بإبقاء أبواب المجلس النيابي موصدة أمام أي محاولات من هذا القبيل»، غير أن أوساطاً نيابية في المستقبل أشارت لـ «البناء» الى أن التيار مع إجراء الانتخابات في موعدها بمعزل عن إدخال إصلاحات أم لا، الأهم هو انجاز الاستحقاق، وأي إصلاحات تحتاج الى توافق سياسي».

أما عن التحالفات فاستبعدت الأوساط المستقبلية أن تتمكن اي جهة داخلية أم خارجية توحيد صفوف فريق 14 آذار تحت راية انتخابية واحدة، وقالت: «هل هناك شيء اسمه 14 و8 آذار بعد التحالفات السياسية والحكومية الجديدة؟ التحالفات الانتخابية ستتجاوز الفريقين، مشيرة الى «انقسامات داخل الفريقين تجعل من الصعب فرز هذه القوى ضمن معسكرين انتخابيين».

وأوضحت أن تحالفات المستقبل لم تُحسم حتى الآن وهي قيد النقاش والدرس لدى فريق مختص، ورغم أن التحالف ثابت مع التيار الوطني الحر، فإن التحالف مع القوى الأخرى ستحكمها طبيعة كل دائرة وبـ»المفرق» وليس بالجملة.

أما على محور الرابية معراب، فلم يتضح المشهد الانتخابي رغم اللقاء الثلاثي الذي عقد أمس الاول بين رئيس التيار الحر جبران باسيل والوزير ملحم رياشي والنائب إبراهيم كنعان، الذي لا يعدو بحسب مصادر مطلعة لـ«البناء» كونه عملية تجميل للعلاقة التي لا يزال التوتر سيد الموقف فيها، لكن الحزبين التقيا على ضرورة إنقاذ ورقة النيات في الحد الأدنى. وتضيف المصادر بأن «سياسة القوات اتضحت معالمها بإقدامها على الترشيحات المبكرة والانفرادية في البترون وجزين وتفاهمها مع قوى أخرى مناوئة للتيار الحر قبل بتّ التفاهم بين التيار والقوات ما يضرب خيار التفاهم الانتخابي».

وأوضحت المصادر أن «اللقاءات بين الحزبين تندرج في إطار اللقاءات الاعتيادية ولا مؤشرات على تفاهم انتخابي، أما مع تيار المستقبل فالعلاقة جيدة، لكن لم تبت الترشيحات والتحالفات الانتخابية حتى الآن بانتظار لقاءات بين الطرفين بعد أن يحسم كل منهما خياراته».