Beirut weather 16.32 ° C
تاريخ النشر January 17, 2019
A A A
التأليف الحكومي يغيب عن الإهتمامات.. وصورة القمة مخيبة للآمال
الكاتب: الجمهورية

بدأت فعاليات القمة الاقتصادية العربية المقررة نهاية الاسبوع بلقاءات تمهيدية ستتلاحق من اليوم لتتوّج في الاجتماع على مستوى رؤساء الوفود. لكنّ المؤشرات تدل حسب المراقبين الى انّ صورة القمة هذه ستكون باهتة ومخيبة للآمال على الاقل بالنسبة الى لبنان لأنّ الاجواء توحي انّ مستوى الحضور فيها قد لا يكون لائقاً بها وبلبنان، البلد المضيف، إذ انّ معظم رؤساء وملوك الدول العربية الاساسية لن يحضروها مع ارتفاع عدد المعتذرين عن الحضور، وليس آخرهم امير قطر والرئيس الفلسطيني. وقد يبقى «الحبل على الجرار»، وما يزيدها بهتاناً هو عدم تعديل المعنيين قبل المراقبين على خروجها بنتائج عملية بسبب الضوء العربي الملتبس من جهة والتفاوت في النظرة العربية الى لبنان، الأمر الذي يعكسه الخلاف الداخلي اللبناني حول القمة نفسها وكذلك حول كثير من الملفات لعل أبرزها ملف تأليف الحكومة الذي يردد كثيرون انّ أبعاداً إقليمية وبعضها عربي لا تزال تعطّل هذه الولادة الحكومية.
وفي خطوة مفاجئة، تبلّغ لبنان عصر أمس من الدوحة اعتذار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن حضور القمة العربية التنموية لأسباب وصفتها مراجع معنية لـ«الجمهورية» بأنها «طارئة»، من دون أن تكشف عن طبيعتها.
وجاءت الخطوة القطرية لتزيد من عدد رؤساء الدول العربية الذين اعتذروا عن ترؤس وفود بلدانهم الى القمة. علماً انّ كلاً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي اعتذر عن الحضور أمس ومعه أمير قطر كانا السبّاقين بين رؤساء الدول الى تأكيد مشاركتهم في القمة قبل أن يعتذرا.
لقاء بكركي
وفيما كاد ملف التأليف الحكومي ان يغيب كلياً أمس عن الاهتمامات لو لم يستذكره رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء الاربعاء النيابي بالتشديد على الاسراع في توليد الحكومة، تناوله اللقاء الماروني الذي انعقد في بكركي أمس في جانب منه مشدداً بدوره على إنجاز هذا الاستحقاق الحكومي.
فقد لبّى عدد من رؤساء الكتل والنواب ورؤساء الأحزاب الموارنة، دعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى لقاء في بكركي، لأنّ العادة جرت أن تكون دعوات البطريركية مقبولة من مختلف الاطراف على رغم عدم وجود اتفاق بين الذين اجتمعوا، بدليل نوعية المناقشات أثناء الاجتماع التي لم تخل من بعض الحدّة، وكشفت مدى التباعد بين الكتل المسيحية، خصوصاً بين تيار «المرده» و«التيار الوطني الحر»، وإن من خلال البيان الذي صدر عن المجتمعين، إذ اكتفى بطرح القضايا الاساسية الوطنية من دون الدخول في تحديدها، مثل موضوع الهوية، أو في آليّاتها مثل الدستور اللبناني والصلاحيات، او في طريقة تنفيذها مثل قضية النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، او في تحديد شكلها مثل الحكومة العتيدة. وجاء البيان بمثابة «إعلان نيّات شامل وجامع» يمكن التعويل عليه للانطلاق في تحديد موقف مسيحي وطني اكثر وضوحاً في المرحلة المقبلة.
وتوقف متابعون للقاء عند تشديد البيان على الهوية اللبنانية التي تعرضت للتشويه في العقود الاخيرة، وكان واضحاً انّ هذا البيان لم يأت ليعطي شيكاً على بياض للسلطة الحاكمة حتى في شقها المسيحي الماروني كما كان يتخوّف البعض. فما عدا التركيز على احترام صلاحيات رئيس الجمهورية والتوازن بين السلطات، لم يدخل البيان في يوميات النزاع السياسي القائم، وشدّد على احترام المؤسسات على أن تكون هي الإطار الطبيعي لحل الخلافات.
وتميّز لقاء بكركي الذي غاب عنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بسبب وجوده في الخارج، بالصرخة العالية التي أطلقها الراعي وحديثه عن «أخطار تهدّد الكيان بالإنهيار»، وأكد أنّ «من أسباب هذه الأزمة السياسيّة عدم تطبيق «اتّفاق الطائف» والدستور المعدَّل بموجبه، بنصّهما وروحهما، لأكثر من سبب داخليّ وخارجيّ. بل أُدخلت أعراف وممارسات مخالفة لهما، وسواها ممّا جعل من المؤسّسات الدستوريّة ملك الطوائف لا الدولة، فأُضعفت بالتالي هذه الأخيرة حتى باتت كسفينة في عرض البحر تتقاذفها الرّياح. ونشأت مخاوف حيال ما يُطرح في السرّ والعلن عن تغيير في النظام والهويّة، وعن مؤتمر تأسيسيّ، وعن مثالثة في الحكم تضرب صيغة العيش المشترك المسيحيّ ـ الإسلاميّ. ولفت إلى خطورة الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية وخطورة وجود النازحين السوريين».
وأوضح الراعي «أنّ اجتماعنا كموارنة هو من أجل لبنان وجميع اللبنانيّين. وليس في نيّتنا إقصاء أحد أو البحث في أمور خاصّة بنا دون سوانا. وجلّ ما نرغبه أن تُشركوا زملاءكم في الحكومة والبرلمان والتكتّلات النيابيّة والأحزاب بكلّ ما نتداوله، وأن تعملوا مع جميع المسؤولين في لبنان بيد واحدة وقلب واحد وفكر واحد على حماية لبنان من الأخطار المحدقة به، التي استدعت وجوب عقد هذا اللقاء التشاوريّ».
وقد تبنّى البيان الختامي الذي صدر بعد اللقاء كلمة الراعي، وشدد على الثوابت المارونية والحضور المسيحي في لبنان، والحفاظ على الاستقلال والسيادة ورفض التوطين، كذلك شدّد على تعلّق الموارنة بالوحدة الوطنية وبالميثاق الوطني والعيش مع شركائهم في الوطن وبحسن إدارة التعددية على أساس الشراكة الوطنية العادلة والمحقّة والمتوازنة، وتمسّكهم باحترام الدستور وسيادة الدولة ورفض كل ما من شأنه المَسّ بتوازن المؤسسات الدستورية وصلاحيات كل منها وفي مقدمها رئاسة الجمهورية بما هي رئاسة للدولة ورمز لوحدة الوطن. لأنّ احترام الصلاحيات المُناطة بمسؤولي الدولة والتعاون المتكافئ بين السلطات الثلاث يحمي الدستور ويخدم مصلحة الوطن والناس ويعزّز مناعة الدولة وهيبتها.